التقرير الأسبوعي 02-12-2016

المقدمة
اخبار نتائج الانتخابات التمهيدية تتصدر معظم الاهتمامات وسلم الاولويات لدى النخب الفكرية والوسائل الاعلامية على السواء.
نتائج جولة انتخابات ولاية (نيو هامبشير) جاءت مواكبة للتوقعات المسبقة؛ فالفائزين كانا دونالد ترمب، عن الحزب الجمهوري، وبيرني ساندرز، عن الحزب الديموقراطي؛ وما رافقها من انسحاب بعض المرشحين في قائمة الحزب الجمهوري، والهزيمة الكبيرة التي تلقاها مرشح المؤسسة الحزبية، ماركو روبيو، الذء جاء في المرتبة الخامسة.
سيستعرض قسم التحليل ابرز التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، وفق شهادة مدير الاستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، الذي رفع مرتبة “الحرب والقرصنة الالكترونية” الى الصدارة؛ وكذلك استعراض حال ترسانة الاقمار الاصطناعية الاميركية التي تعاني من جملة من الثغرات والتحديات التقنية.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
سوريا
جدد المجلس الاميركي للسياسة الخارجية رفضه للغارات الجوية الروسية في سوريا، متناغما بذلك مع خطاب الحكومة الاميركية. وقال ان سياسة روسيا لمكافحة الارهاب “معيبة وانتقائية الى ابعد حد.” وزعم ان السياسة الروسية “تؤجج لهيب التشدد في الشرق الاوسط،” وعوضا عن معالجتها “للاضطرابات التي تعصف بالاقلية المسلمة داخل حدودها، تقوم الحكومة الروسية بتصدير الازمة.”

http://www.afpc.org/publication_listings/viewArticle/3058

المملكة السعودية
استعرض معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى ما اسماه “التحول الملموس في السياسة الخارجية السعودية،” منذ تسلم الملك سلمان مقاليد الحكم اذ انه “يتبع نهج سعودي اشد حزما .. وعدوانية” في الشؤون الاقليمية مما يضعها “احيانا على تعارض بصورة صارخة مع السياسات الاقليمية المترابطة لواشنطن.” واشار المعهد الى تجسد التباين بين الرياض وواشنطن “وانحرافها عن السياسات التي تتبعها ادارة اوباما،” خاصة في الملف السوري واعلان وزير الخارجية السعودي ان بلاده “ستستمر في دعم العارضة السورية من اجل ازاحة الاسد بالقوة.” واوضح ان مشاعر “قلق حقيقي (تسود واشنطن) للنهج السعودي الجديد لما يمثله من تحول بعيد عن التحالف التاريخي الوثيق مع واشنطن.” ورجح المعهد استمرار السعودية في نهجها الراهن “في المستقبل المنظور .. وزيادة انشطتها دون اعتبار لرغبات الولايات المتحدة.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-shift-in-saudi-foreign-policy

اليمن
القى معهد كارنيغي الضوء على بعد اضافي لأزمة السعودية في اليمن في سعيها لايجاد موطيء قدم على بحر العرب، سماها “الحلفاء الاشكاليون،” الذين بحكم افراط طموحاتهم السياسية ومحدودية امكانياتهم الاقليمية المتاحة قد ساهموا “بتعقيد القتال .. وتعارض مصالحهم مع التطلعات السعودية” لا سيما في الجنوب. واوضح ان السعودية عاودت الرهان على القائد العسكري السابق، علي محسن الاحمر، الذي اضحى بالنسبة اليها “اكثر اهمية من بحاح او هادي .. في سياق الاهداف التي تتوخاها السعودية في اليمن.” واضاف ان السعودية في عهد الملك سلمان “اعادت الأهمية للبراغماتية التقليدية .. باحتضانها كل القوى، في اليمن وخارجه، التي لا تشكل تهديدا مباشرا لها.” واردف انه بالرغم من الغارات الجوية السعودية التي لا تنقطع “لم يتمكن حلفاء المملكة بعد من استعادة السيطرة على العاصمة. لا يستطيع رجال علي محسن الأحمر القيام بذلك كونهم يفتقرون إلى العدد الكافي من الحلفاء ذوي المواقع المناسبة في صفوف العشائر هناك. فخصوم المملكة من أبناء العشائر يتمتعون بحضور أكثر استراتيجية في صنعاء.” كما لفت الانظار الى ان “تنظيم القاعدة .. لم يتعرض لقصف سلاح الجو السعودي،” وزعم ان السعودية “لا تزال ترغب في وحدة اليمن .. بما يتفق مع مصالحها.”

مصر
تصدر معهد المشروع الاميركي الدعوات العلنية لنقد السياسة الاميركية الرامية لتغيير النظم الرسمية متسائلا ان “كان الانقلاب على (الرئيس) مبارك كان افضل الخيارات،” وما رافقه من توترات عصفت بفئتي “الليبراليين العلمانيين والاقليات.” واوضح ان “جهود اعادة الجنيّة الى القمقم، سواء من قبل السعوديين (في مصر) .. او (وزير الخارجية) جون كيري (في سوريا) لن تفلح.” واضاف ان جموع “الغربيين واولئك في الشرق الاوسط الذين لا زالوا يؤمنون بحتمية تحقيق الحريات السياسية والاقتصادية .. منخرطون في صراع طويل وشاق.” واردف ان قادة المنطقة “نجحوا في صياغة المستقبل وفق معادلة ثنائية تفاضل بين ارهابيين اسلاميين او الطغاة العلمانيين .. ومن تبقى من الليبراليين ليسوا في وضع لمناطحة السيسي او الدولة الاسلامية.”

The world after Mubarak

الانفاق العسكري
في سياق تناوله لمبررات التسلح القصوى للدول العربية رصد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “تحولات في نماذج الحاجة للتسلح .. اذ ان النزاع العربي-الاسرائيلي لم يعد يشكل حافزا شاملا لزيادة الانفاق على التسليح لما ينوف عن عقد من الزمن،” وفي حال دول الخليج بدأت مرحلة التغيير منذ ازمة العراق والكويت في عام 1990-1991. واردف ان “الحافز الرئيس للتسلح اضحى المنافسة بين الدول العربية في الخليج وايران ..”

http://csis.org/publication/changing-patterns-arms-imports-middle-east-and-north-africa

ليبيا
ناشد معهد ابحاث السياسة الخارجية صناع القرار “التحلي بالجدية لمواجهة مشكلات منطقة الشمال الافريقي،،” خاصة بعد احجام “الولايات المتحدة واوروبا عن توفير الدعم المطلوب للقوى الديموقراطية والليبرالية” في ليبيا. وشدد على ان الحل لا يكمن في اي من خياري “التدخل العسكري او انعزال اميركا، بل توفير الدعم للمجتمع المدني والتنمية الاقتصادية .. والتحولات السلمية.” واوضح انه يمكن الاقتداء بنموذج المغرب الذي “تبنى تطبيق سياسات مختلفة عن جيرانه .. وتصدر الملك محمد السادس تطبيق اصلاحات دستورية شاملة.” ولفت الانظار الى ان النص الدستوري الجديد “يضمن الحقوق القانونية للمرأة والاقليات الدينية .. وتقليم اظافر اجراءات عفا عنها الزمن.” كما اشاد المعهد “بتقلص حصة الدولة” في المشاريع والمؤسسات واتاحة الفرصة “للقطاع الخاص توفير حزمة متزايدة من الخدمات – تتراوح بين الاتصالات اللاسلكية والمصرفية.”

http://www.fpri.org/articles/2016/02/getting-serious-about-north-africa

تركيا
اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واتهامات ساقها ضد الولايات المتحدة بأنها “فورة تدل على تنامي هوة التباعد بين الحليفين بشأن سوريا.” وكرر المعهد الانتقادات الداخلية للادارة الاميركية التي حشدت الدعم الدولي مبكرا للازمة السورية “حول هدف الاطاحة بالرئيس الاسد .. بينما ابتعدت واشنطن تدريجيا وصولا لهدفها الراهن بتسليط الجهود على مواجه تهديد الجهاديين في سوريا، والدولة الاسلامية بصورة خاصة.” واوضح ان “انقرة فضلت الثبات عند سياستها الداعية لاولوية تغيير النظام .. على الرغم مما يرافقها من كلفة استضافة نحو 2 مليون لاجيء سوري.”

http://csis.org/publication/erdogan-denounces-us-position-pyd

الكرد
استعرض معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى مستقبل الاقليم الكردي في شمال العراق في ظل تنامي التصميم المحلي والاقليمي والدولي على تحرير مدينة الموصل “عاصمة الخلافة،” التي تتداخل فيها سيطرة قوات البيشمركة على بعض التخوم المطلة على المدينة، والتي لم تتلق اجورها منذ اربعة اشهر بسبب “الازمة الاقتصادية في كردستان.” واوضح ان السؤال الرئيس بالنسبة لقادة اقليم كردستان هو “آلية ادارة الموصل بعد التحرير .. وتوفير ضمانات بعدم تكرار الاخطاء التي تؤجج الصراع الطائفي.” وخلص بالقول الى ان قدرة “اقليم كردستان على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية .. تحتاج الى دعم شركائنا الدوليين.” كما اشار المعهد الى حضور “ممثلين اكرادا الى واشنطن (الاسبوع الجاري) في اطار السعي لتأمين وتنسيق مساعدات طارئة للحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-future-of-the-kurdistan-region-of-iraq

استعرض صندوق مارشال الالماني آفاق القتال المتصاعد بين القوات العسكرية التركية وقوات حزب العمال الكردستاني والذي اضحى “يقلق الجمهور العام لاستشعاره ان حربا تدور رحاها” في تلك المنطقة. وزعم الصندوق ان “اغلبية كبيرة من السكان تحمل حزب لعمال مسؤولية انهاء السلام الذي ساد البلد على امتداد بضع سنوات، ويؤيدون جهود الحكومة انهاء وجود الحزب عبر الوسائل العسكرية.” ومضى بالقول ان لغة الحوار غابت عن الاجواء العامة، واشدها دلالة كان ردود الفعل الغاضبة للشعب والحكومة التركية على عريضة موقعه من نحو 1،100 اكاديمي، معظمهم اتراك، مطلع العام الجديد، يناشدون الحكومة وقف اجراءاتها العسكرية.

http://www.gmfus.org/publications/akparty-response-criticism-reaction-or-over-reaction

التحليل

تحذيرات كلابر من الحرب الالكترونية
ومخاطر اختراق وقرصنة الاقمار الاصطناعية

جبهة اعداء جديدة
لا تجهد الدولة التي كانت عظمى في استحضار معارك واعداء لتبرير “فراديتها وتميزها،” من جانب، وديمومة تشغيل اقتصاد الحرب من الجانب الآخر.
بعد اعادتها لروسيا على صدارة قائمة الاعداء الوجوديين، والالتفاف شرقا لمواجهة الصين، استحدثت المؤسسة الاميركية الحاكمة جبهة الفضاء الخارجي وما يترتب عليها من تخصيص موازنات اضافية تثقل كاهل الميزانية العامة.
في مطلع الاسبوع الجاري، وبينما كانت الجهود منصبة على معالجة لقاء جنيف بشأن الملف السوري، خصصت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ جلسة استماع لمدير اجهزة الأمن الوطني، جيمس كلابر، محذرا من تفاقم وتيرة الهجمات الالكترونية والتي من شأنها “تقويض مكانة الولايات المتحدة اقتصاديا وكذلك الأمن الوطني.”
واستعاد كلابر النزعة المتأصلة المعادية لروسيا متهما القوات الروسية “بانشاء جهاز قيادة العمليات الالكترونية لشن هجمات” ممنهجة، كما جاء في تقرير صادر عن قيادة الاستخبارات سلمه للجنة الكونغرس. واضاف التقرير عدة دول اخرى في مصاف مصادر التهديد للأمن الاميركي: الصين، ايران، وكوريا الشمالية.
اما روسيا، وفق رؤية كلابر، فتشكل “اعظم تهديد الكتروني للمصالح القومية الاميركية .. واشد خطرا عما كان يعتقد سابقا.”
يشار الى ان كلابر يأتي من صلب معسكر صقور الحرب في المؤسسة الحاكمة، وتربطه صلات وثيقة مع وزير الدفاع الاسبق روبرت غيتس، واحد اعوان وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، وشارك الرئيس الاسبق جورج بوش الاب في مجموعة “ايران – كونترا،” او الفضيحة المعروفة باسم ايران-غيت.
كما تجدر الاشارة في هذا السياق الى وثيقة صادرة عن البنتاغون، تموز 2015، تحدد معالم “الاستراتيجية العسكرية الاميركية” لضمان وحدانية سيطرتها على مفاتيح العالم عبر اشاعة العنف “لحماية اراضي الوطن الأم .. وصون المصالح القومية.. وتعكس الوثيقة – خارطة الطريق الاستراتيجية – تصميم المؤسسة الحاكمة القوي على الاستمرار بسياسات التدمير ونشر الحروب والفوضى الى ان يتم القضاء على كافة المنافسين التقليديين والصاعدين على السواء.

اميركا مصدر القرصنة
نشرت صحيفة واشنطن بوست، تشرين2/نوفمبر 2013، مقتطفات من “وثائق عالية السرية،” اوضحت فيها ان الاستخبارات الاميركية “شنت نحو 231 هجوم الكتروني عام 2011،” استهدفت قوى ومنظمات دولية، من بينها ايران التي تعرضت منشآتها النووية لهجومي “ستكسنت و فليم،” مصدرها الولايات المتحدة.
وافادة وكالة رويترز للانباء، 29 ايار 2015، ان الولايات المتحدة شنت هجوما الكترونيا شبيها بفايروس ستكسنت على منشآت كوريا الشمالية، 2009 و 2010 “لكن جهودها فشلت” في تحقيق المطلوب “وفق ما افاد به اخصائيون في العمليات السرية.” وعزت الوكالة فشل القرصنة الاميركية الى “عدم تمكن الخبراء الاميركيين التعرف واختراق الاجهزة المركزية للبرنامج النووي الكوري .. نظرا لافراطها في تطبيق السرية وقدرتها على فصل اجهزة الاتصالات الخاصة بذلك.”
وفق محتويات وثائق المتعاقد السابق ادوارد سنودن، نقلت صحيفة ان ار سي هانلدزباد الهولندية ان وكالة الأمن القومي الاميركي “زرعت فايروسات ضارة في نحو 50،000 جهاز كمبيوتر على امتداد العالم .. لسرقة معلومات وبيانات حساسة.”
اوضح جيمس كلابر في شهادته سالفة الذكر ان بلاده تعرضت لسلسة هجمات الكترونية متطورة في العام الماضي، والصقت تهمة قرصنة شركة سوني للافلام السينمائية بكوريا الشمالية.
يشار الى ان الصين ايضا وجهت لها اتهامات بالقرصنة الضخمة العام الماضي عقب اختراق بيانات ادارة الرعاية الصحية المركزية والاطلاع على نحو 80 مليون ملف طبي؛ فضلا عن اتهامها ايضا باختراق شبكة اجهزة مكتب ادارة شؤون موظفي الدولة ونسخ ما لا يقل عن 22 مليون بيان بالغة الحساسية والخصوصية، من ضمنها بيانات تخص مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان.
وحذر كلابر من انضمام فريق من اصحاب العقيدة لجهود القرصنة، لا سيما لعناصر تزعم بتأييد الدولة الاسلامية عقب اختراق بعض بيانات قيادة القوات الاميركية.
واضاف ان القراصنة الاجانب “يشنون هجماتهم دون رادع ويقومون بمهام استطلاع، وتجسس، وشن هجمات الكترونية في الفضاء الخارجي نظرا ليسر سبل الوصول للهدف والكلفة المتدنية، والمردود الذي بانتظارهم، والتهرب من اي عواقب جادة.”
وطمأن كلابر اعضاء الكونغرس على سلامة الشبكات المصرفية الكبرى والطاقة الكهربائية والتي تخضع لاجراءات وقاية شديدة وتبعد شبح الاختراق والقرصنة، مشددا على ان الولايات المتحدة تمتلك “قدرات هجومية” في هذا الشأن دون الخوض في التفاصيل.

تبلور التهديدات
اقر كلابر ان كلا من روسيا والصين تمتلكان “برامج اختراق الكترونية بالغة التطور، تتبعهما كوريا الشمالية وايران اللتين تعززان قدراتهما الالكترونية على الدوام.”
وخصصت البنتاغون بندا اضافيا في ميزانيتها العسكرية لمواجهة “تهديدات في طور التبلور،” قيمته 6.7 مليار دولار للانفاق على عمليات الحماية والقرصنة الالكترونية، بزيادة قيمية عن مخصصات العام الماضي بنسبة 16% “لمواجهة التهديدات المتنامية، ومصادرها ايضا.”
ومن صلاحيات البنتاغون تعزيز هيكلية “قيادة الحرب الالكترونية،” التي تنوي رفدها بنحو 6،000 موظف واستكمال طواقمها الادارية العام المقبل، موزعون على 133 فريق متعدد الاختصاص في كافة اذرع القوات المسلحة.
في هذا الصدد، توصلت الحكومة الاميركية الى “اتفاق انفراج الكتروني” مع الصين في شهر ايلول / سبتمبر الماضي، بيد ان معظم المؤشرات تدل على عدم ثقة اعضاء الكونغرس بفعالية الاتفاقية، وتعززت شكوكهم في اعقاب اعلان الصين عن تطويرها لسلاح “المدفع العملاق،” الذي يؤهلها لبسط سيطرتها بمراقبة الاتصالات الالكترونية خارج حدودها.
اعرب رئيس لجنة القوات المسلحة، جون ماكين، في جلسة الاستماع سالفة الذكر، عن عظيم قلقه من استمرار اعتماد سلاح الجو الاميركي على صواريخ روسية الصنع لحمل معدات للفضاء الخارجي على رأسها اقمار اصطناعية متعددة الاهداف والتطبيقات. يذكر ان المركبة الفضائية الاميركية من طراز “اطلس 5” تسير بصواريخ اطلاق روسية الصنع من طراز (ار دي – 180).
وفي معرض اجابته قال كلابر انه يفضل عدم الاعتماد على صناعة الصواريخ الروسية، لما تتضمنه من ثغرات تضر بالأمن القومي الاميركية، والى ان يحين موعد الانتهاء من التجارب على صواريخ اميركية لشركات خاصة، ابرزها “سبيس اكس.”
والى ذلك الحين، تستمر برامج الفضاء الاميركية الاعتماد الكلي على صواريخ روسية لاطلاق حمولتها في المدار الخارجي للكرة الارضية، واستمرار الجدل والانتقادات السياسية لقصور التقنية الاميركية عن مثيلتها الروسية.
ردد كلابر تعبير “التقنية المتبلورة” على اعضاء الكونغرس بغية حشد مزيد من الدعم للميزانيات المقترحة، والتي تندرج تحت عنوان “انترنت الاشياء،” وتتضمن مختلف اجهزة الاتصالات على كافة انواعها وارتباطها بشبكة توزيع الكهرباء وتقنية الذكاء الاصطناعي، والتي بمجموعها تشكل ثغرات أمنية محتملة للبنية التحتية المدنية وشبكات الاجهزة الحكومية.
من بين تلك الاجهزة، الهواتف اللاسلكية، اجهزة التلفزيون، اجهزة الكمبيوتر، نظم الأمن المنزلي والتجاري، والتي توظف في مهام التجسس على الافراد داخل منازلهم وبث البيانات للدوائر الحكومية المعينة. في هذا الصدد، لم تقدم شركة مايكروسوفت لبرامج الكمبيوتر اتهامات الاخصائيين لها بأن احدث اصداراتها من برنامج “ويندوز 10” يرسل بيانات تحدد رقم اي جهاز يتم ربطه بشبكة الانترنت الى اجهزتها المركزية “بضع آلاف المرات يوميا.”
الأمر الذي يضاعف من حجم المخاوف الأمنية لعموم الشعب على قدرة الاجهزة الأمنية القيام بتحديد هوية المستخدم ومراقبته ورصد تحركاته ونشاطاته وبيانات اخرى خاصة تعينها على ميل المستخدم للتجنيد، او على اقل تعديل فوزها باختراق شبكات النظم او الحصول على بيانات تؤهلها للدخول الآمن.

الصين وقرصنة الاقمار الاصطناعية
شدد كلابر في شهادته على تنامي قدرات الصين التقنية “وتنفيذ اعمال تجسس الكترونية ضد الحكومة الاميركية، وحلفائها، والمؤسسات الاميركية” الهامة. ارتكز كلابر في اتهاماته الى دراسة اجراها طاقم من اربعة مهندسين صينيين في مركز البحوث الدفاعية ومقره مدينة شنغهاي، بعنوان “دراسة حول حرب الكترونية في الفضاء.”
تفيد التقارير المنسوبة الى الدراسة المذكورة بأن الصين تعد لخوض حرب في الفضاء الخارجي تشمل هجمات على اقمار اصطناعية ثنائية الاستخدام، مدنيا وعسكريا، اتساقا مع فلسفتها “حرب الشعب الرقمية.” وشددت الدراسة على ان توصل الصين لامتلاك القدرة على شن حرب الكترونية في الفضاء الخارجي امر حيوي لتحديث القوات العسكرية الصينية.
واوضحت الدراسة وفق المصادر الاميركية ان “الحروب الاستراتيجية في زمن تقنية المعلومات اضحت حروب الكترونية .. وبرز الفضاء الخارجي كساحة منافسة ساخنة في مجال الصراع على السيطرة الالكترونية.”
تدرك الصين، بقياداتها السياسية والعسكرية، اهمية اعتماد الولايات المتحدة على سلسلة الاقمار الاصطناعية وحيويتها في نقل البيانات الالكترونية، وعرضتها لهجمات مباشرة، اضافة لتعرض المركبات الفضائية لخطر الاختراق نظرا لطبيعة مهام الحماية المحدودة المتوفرة للاقمار الاصطناعية في مكافحة التشويش.
وتشير المصادر الاميركية الى وثيقة صينية اخرى صادرة عام 2005 حول نظم تحديد المواقع العالمية، وعزم القيادة العسكرية في الصين التوصل لتدمير او على الاقل تعطيل عمل تلك النظم التي تعمل بالاقمار الاصطناعية. تتعاظم اهمية تلك النظم في التطبيقات العسكرية الاميركية اذ تستخدمها البنتاغون في التصويب الدقيق لصواريخها الموجهة.
واضافت المصادر نقلا عن الوثيقة ايضا ان من شأن هجوم صيني “للقضاء على مجموعتين من تلك النظم من الاقمار الاصطناعية بث البلبلة وتعطيل سبل الارسال والاستقبال لبيانات الخدمات الملاحية على مدار الساعة .. والتداعيات الناجمة عن تعطيل قدرات التصويب الدقيق لا تبدو غافية على احد.”
تنقسم الهجمات الالكترونية على الاقمار الاصطناعية الاميركية الى قسمين: القتل اللين والقتل المميت.
يرمي القتل اللين الى تعطيل او الحاق الضرر بنظم الاتصالات الموجهة للاجهزة الأم على الارض باستخدام اجهزة تشويش وشن هجمات على شبكات الكترونية محلية وخداع الاقمار الاصطناعية بتلقيمها معلومات تعتقد ان مصدرها الولايات المتحدة بدلا من الصين.
ايضا اطلاق هجمات بالفيروسات الالكترونية، سرقة البيانات والتلاعب بمضامينها، تعطيل سبل الوصول الى الشبكات، و”تفجير قنبلة شبكية من شأنها شل حركة او تدمير شبكة معلومات الخصم على الفور. تتميز اجراءات “القتل اللين بالخداع واخفاء الهوية، ومن الصعوبة بمكان رصدها وتعقبها.”
يشار الى ان وزارة الدفاع البريطانية اجرت تحقيقات استخدمت فيها هجمات الكترونية لشن هجمات مميتة ضد اقمار اصطناعية. واوضح احد خبراء الدفاع البريطانيين، مارك آدامز، ان وزارة الدفاع اطلقت هجوما افتراضيا قام به قراصنة استطاعوا السيطرة على احدى او بعض الاقمار الاصطناعية البديلة ووجهوها لتصطدم باقمار حقيقية بالغة الأهمية.
واوضح ان تلك الثغرة حقيقية ومثيرة للقلق نظرا لاحتواء عدد من جيل تلك الاقمار الاصطناعية على معدات تحكم قديمة ولم يدخل في حسبان تصميمها تزويدها بالقدرة على التصدي لهجوم الكتروني. اما برنامج الفضاء الاميركي الذي “عفا عنه الزمن فيعتمد بشكل متزايد على شبكة من اقدم الاقمار الاصطناعية.
الاقمار الاصطناعية الحديثة ايضا عرضة للاختراق، اذ ان غالبية الاقمار التي تدور حول الكرة الارضية اعدت وتم تصميمها في عصر سبق ادراك الخبراء لخطورة الهجمات الالكترونية.
من ابرز حوادث الاختراق والسيطرة، برزت مجموعة من القراصنة عام 1999 استطاعت التحكم بقمر اصطناعي للاتصالات العائدة لوزارة الدفاع البريطانية، مما تسبب اتخاذ الحكومة اجراءات فورية خاصة في اجهزة الاستخبارات والدفاع. وبعد بضع سنوات استطاع قراصنة آخرون اختراق شبكة كمبيوتر محصنة تتبع الحكومة الاميركية واستنساخ برامج كمبيوتر معقدة تخص آليات التحكم بالاقمار الاصطناعية الاميركية.
تساق الادعاءات الى ان الصين استطاعت الحاق الضرر باقمار اصطناعية اميركية واخرى تعود لمحطة الفضاء الروسية.
التهديدات “المتبلورة” لا تقتصر على اقمار اصطناعية للاغراض العسكرية. فالاحتياجات المدنية وسبل الاتصالات الحديثة تعتمد بصورة لا متناهية على الاقمار الاصطناعية لتيسير الاتصالات والخدمات الملاحية ونظم التحكم بالسير.
طواقم الاسعافات واجهزة الشرطة المدنية تعتمد بصورة متزايدة على نظم تحديد المواقع العالمية. ويحذر الكثيرون من الاخصائيين بحجم الضرر الذي قد ينجم عن نجاح مجموعة ارهابية السيطرة على تلك النظم واقمار الاتصالات. في هذا الصدد، افاد رئيس الاستخبارات العسكرية الاميركية، فينسنت ستيوارت، امام لجنة القوات المسلحة المذكورة ان “الولايات المتحدة لا تمتلك سياسة متماسكة تتعلق بالهجمات الالكترونية.” واضاف بصحبة جيمس كلابر ان القوات العسكرية الاميركية بحاجة ماسة الى توجيهات سياسية واضحة للتعامل مع الهجمات الالكترونية وتطوير استراتيجية تردع هجمات تستهدف شبكات الكمبيوتر.
واستغل رئيس اللجنة جون ماكين الفرصة لتوجيه انتقاد لادارة الرئيس اوباما قائلا “حسب فهمي، لا يتوفر لدينا سياسة تتعلق بالردع، او هل ينبغي علينا الرد، وان كان نعم فكيف نرد؟ اليس من المفضل ان تتوفر لدينا سياسة” محددة المعالم.
وكالة الأمن القومي “سربت” خريطة توضح مواقع الهجمات الالكترونية التي قامت بها الصين ضد الولايات المتحدة. وقالت شبكة (ان بي سي) للتلفزة، 30 تموز / يوليو 2015 انها اطلعت على الخارطة المصنفة “سرية،” توضح نحو 600 هدفا يعود لمراكز حكومية وشركات خاصة وقعت “ضحية تجسس الكتروني من الصين” على امتداد خمس سنوات، ابرزها في المدن الصناعية والكبرى الاميركية.
وطمأنت الشبكة الجمهور الاميركي في تقريرها بالقول ان وكالة الأمن القومي “استطاعت رصد وتقدير حجم الضرر الناجم عن عمليات التجسس الالكترونية للصين .. بيد انها احجمت عن تحديد الهيئات والشبكات المتضررة.”
وفي وقت لاحق من العام الماضي، تعرضت شبكة هيئة الارصاد الجوية الاسترالية الى “هجوم الكتروني كبير” من الصين، على الارجح، وفق انباء شبكة (ايه بي سي) للتلفزة، 2 كانون الاول / ديسمبر 2015. واضافت ان هيئة الارصاد منكبة على بناء اضخم جهاز كمبيوتر متطور هو الاول من نوعه في اميركا، بكلفة اولية بلغت 77 مليون دولار. اللافت في تقرير الشبكة ان شبكة كمبيوتر الهيئة “مرتبط بشبكة وزارة الدفاع.”