التقرير الأسبوعي 03-06-2015

:المقدمة

الجدل السياسي حول خطاب نتنياهو امام جلسة مشتركة للكونغرس استحوذ على مجمل اهتمامات الوسائل الاعلامية واصدارات مراكز الابحاث
سيستعرض قسم التحليل التطورات الميدانية في العراق لاستعادة السيطرة على الموصل والمدن والبلدات العراقية الاخرى في محافظتي صلاح الدين والانبار، على ضوء اتضاح مشاركة ايران المباشرة في الجهد العسكري، اعدادا وتدريبا وتسليحا. كما نتنتول باختصار قراءة سريعة لخطاب نتنياهو امام الكونغرس

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث

الدول العربية: ازمة استراتيجية
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ما آلت اليه شؤون الدول العربية بعد فصول الربيع الدموي، معتبرا ان أس الأزمة هو صراع على السلطة، سيما وان “تنامي جهود التركيز على مثالب تنظيم الاخوان المسلمين في دول عربية شتى يشير الى استمرار احتدام المعركة الأهم منذ عام 2011 .. اي بجذريها الشرعية وتسلم السلطة.” واوضح ان تنظيم الاخوان سخر “خلفيته الدينية للتهجم على شرعية الدول القائمة .. والتي سخرت مكامن قوتها لتقويض الاخوان واتهامهم بالارهاب وتوظيف السلطة الدينية ورجالاتها لدحض مزاعم الاخوان بالشرعية الدينية.” واضاف ان المجموعات السلفية تباينت مواقفها في هذا الشأن، اذ اعتبر بعضها ما يجري من “مواجهات وصدامات كدليل على الاقلاع عن الهدوء السياسي التقليدي وخطل التوجهات منذ عام 2011”
مصر
اعرب معهد كارنيغي عن شكوكه بصدقية التوجهات “النشطة” للسياسة المصرية، خاصة لما ترتب على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة، اذ “التزمت روسيا خلالها ببناء محطة للطاقة النووية في مصر” واطلقت صفقات لشراء أسلحة روسية، مما اعتبر في الداخل المصري بانها تحركات “تدل على توجه مستقل لمصر عن علاقاتها مع الولايات المتحدة.” واضاف المعهد ان مصر “تستعد للعب دور بارز خارج حدودها .. واستئناف زعامتها الاقليمية” الا ان تلك الفرضيات “تبدو في غير محلها.” واوضح ان الجهود السياسية الخارجية تبدو “مظهراً بلا مضمون، وهي مسخّرة، جزئياً على الأقلّ، لتشتيت انتباه المتابعين في الخارج والداخل عن تزايد المتاعب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في الداخل المصري”
في تغطية منفصلة، اتهم معهد كارنيغي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه مسكون بهاجس “الحكم الفردي،” وغير متحمس لعقد انتخابات برلمانية اذ فاز “بقرار المحكمة الادارية تعليق الانتخابات (كونها) كانت ستؤدي الى انتقال السلطات من الرئيس الى مجلس النواب  فضلا عن اصداره عدد من القوانين المتعلقة بالاقتصاد المصري.” واوضح مرجحا ان ما يدور في خلد الرئيس السيسي “استخدام مجلس النواب كشكل من اشكال “ادارة النخبة” من اجل استرضاء رؤساء العائلات ورجال الاعمال والسياسيين، وضمان الحصول على مساعدتهم في بسط الاستقرار والحفاظ عليه،” والحيلولة دون جهود مجلس النواب “المنتخب .. مراجعة كل القوانين التي اقرّت منذ عزل مرسي في تموز/يوليو 2013 .. ومراجعة كل التشريعات التي اقرت على امتداد عامين تقريبا.” واضاف ان الرئيس السيسي يكن عداءاً للاحزاب السياسية ويمضي “لتحويل مجلس النواب الى مجرد هيئة سياسية تتألف من لون واحد وتكتفي بدعم مشاريع الرئيس الوطنية”
اليمن
اعتبر المعهد الاميركي للسلام، الملحق بوزارة الخارجية الاميركية، ان اليمن ومنذ بدء احداث الربيع الدموي “باتت تواجه تحديات أمنية خطيرة،” مستندا بذلك الى دراسة اجريت لحسابه حول نظام السجون في البلاد، تناول 37 سجنا ومراكز اعتقال موزعة على 6 محافظات يمنية، خلص منعا بعدة استنتاجات ان السجون في حالتها الراهنة توفر ارضية خصبة لتجنيد المتشددين ونمو التطرف، وينبغي الالتفات الى ضرورة احداث اصلاحات عاجلة في اجراءاتها وممارساتها
العراق
سعت مجموعة بحثية اميركية الى سبر اغوار تحضيرات الدولة الاسلامية للاشتباك مع القوات العراقية لاستعادة الموصل، خاصة بعد اعلان الجانب الاميركي عن نية القيام بذلك مع حلول شهر نيسان المقبل. وقالت منظمة “ايجاز انباء الشرق الاوسط،” ومقرها في واشنطن العاصمة، انه تم رصد “تحركات وامدادات هامة لمقاتلي داعش” من اماكن تواجدهم في سورية باتجاه العراق “خلال الشهر الماضي بأكمله،” ضمت “قوافل عربات عسكرية محملة بالاسلحة وصل تعدادها في بعض الاحيان نحو 400” عربة وسيارة مختلفة. واضاف ان الامدادات والتحركات المشار اليها “اسهمت في تعزيز دفاعات التنظيم في كل من الموصل وتكريت .. وحولت الموصل الى مدينة مغلفة بالالغام والمتفجرات”
اعتبر معهد واشنطن ان معركة استعادة الموصل “تشكل تحديا فريدا للحكومة العراقية” وداعميها في الدول الغربية، خاصة وان الموعد الذي حددته “القيادة العسكرية الاميركية” يوم 19 من شهر شباط الماضي “لا يزال امرا بعيد المنال .. وهي ليست المرة الاولى” التي اعلن فيها نية استرداد الموصل الى ان تنتهي بالاحباط بسبب عدم جاهزية القوى المطلوبة لاداء المهمة. واوضح انه في عام 2008، دفعت الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية بما مجموعه نحو 15،000 جندي لاستعادة السيطرة على الموصل من تنظيم القاعدة، ولم تنجز سوى “سيطرة محدودة .. والتي تمت بفضل قرار المقاتلين السنة المحليين الحد من عملياتهم” ضد القوات الاميركية والحكومية
ايران
حث معهد واشنطن الكونغرس الاميركي على اتخاذ اجراءات عاجلة لتقويض اي اتفاق محتمل يتم التوقيع عليه مع ايران “خاصة في ظل قرب موسم الانتخابات الرئاسية المقبل .. منها الابقاء على العقوبات المفروضة لحين تيقنه من امتثال ايران للشروط المنصوص عليها،” كما يتعين على الكونغرس “النظر الجاد بتوجيه ضربة عسكرية ضد ايران .. بصرف النظر عن تحفظات البيت الابيض.” واوضح نواياه بان اي مواجهة مقبلة مع ايران اليوم “ستعد اخطر من المواجهة السابقة في 1987-1988، بيد انه من شبه المؤكد لن تستوجب انخراط قوات برية اميركية ..” واضاف محرضاً انه لا ينبغي التقليل من شأن “قدرة الهيمنة والتصعيد الاميركية .. وجهوزيتها للرد على مكامن البنى التحتية للقيادة الايرانية”
اعرب معهد كارنيغي عن شكوكه بان التوصل لاتفاق مع ايران لن يسفر عن توفير ضمانات بشأن “عدم العودة لاستخدام مفاعل اراك لانتاج البلوتونيوم المطلوب لبناء القنبلة .. خاصة في ظل توفر تقارير وتحذيرات اسرائيلية واطراف اخرى بأن ذاك المفاعل يشكل تهديدا خطرا للانتشار” النووي. واستدرك بالقول ان المعلومات الدقيقة “غير متوفرة وما بين ايدينا هو كم من الايحاءات حول قدرة ايران على التخصيب التي ستتمتع بها بعد الاتفاق.” في المقابل، اشار المعهد الى التحفظات الايرانية الخاصة بعد اليقين من متى سيتم رفع العقوبات، بل “كيف للايرانيين ان يطمئنوا لتعاون الكونغرس في رفع العقوبات ”
مناورات “الرسول الاعظم – 9” البحرية شكلت مصدر قلقل لمعهد واشنطن، لا سيما تضمنها لهجوم على نموذج طبيعي لحاملة طائرات اميركية. وقال ان المناورات “جرى تصميمها لترعب سلاح البحرية الاميركية في ظل اجواء منخفضة من التوتر في منطقة الخليج .. بل لم تشهد تلك المنطقة اي حوادث تصادم في الممر المائي منذ تسلم (الرئيس) حسن روحاني لمنصبه عام 2013.” واضاف ان “قوات الحرس الثوري الايراني كانت ترقب بدقة اللحظة المناسبة لتذكير الغرب بالطرف المسيطر على الخليج .. في اعقاب ادخال البحرية الاميركية سلاح مضاد لاسراب القوارب السريعة والدرونز العامل بأشعة الليزر ..” وحذر بالقول ان “توقيت المشهد يدل على تبلور تغيرات استراتيجية لدى المرشد الاعلى علي خامنئي – او، على الارجح، توفر عامل ضاغط بقوة يقارب انهيار اسعار النفط الخام”
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ايضا ما اعتبره “تهديد ايران لخطوط الملاحة في مياه الخليج العربي الذي اضحى جزء من ساحة سباق تسلح ضخم، اثارته مخاوف (الاطراف الاقليمية) لنية ايران استخدام قوتها العسكرية لترويع او للهيمنة على جيرانها.” واضاف ان اعادة ايران بناء “قدرات اسلحتها البحرية والجوية والصاروخية يشكل مجموعة واسعة من التهديدات لخطوط الملاحة البحرية عبر وخارج منطقة الخليج .. خاصة في ظل ارتفاع معدلات التجارة البحرية المضطردة في مياه الخليج وبحر العرب وخليج عُمان والبحر الاحمر”

:التحليل

معركة تكريت لاخراج داعش
تصميم حكومي عراقي ومساندة ميدانية لايران
“سذاجة” السياسة الاميركية
فشل سياسة الرئيس اوباما في العراق، وامتدادا في سورية، لم يعد مجرد ترف للتحليلات السياسية في المشهد الاميركي. سيل الاتهامات لم ينقطع كان احدثها ما جاء في صحيفة “نيويورك تايمز،” 5 آذار / مارس الجاري، بأن الرئيس اوباما “اصبح يعتمد بشكل متزايد على المقاتلين الايرانيين لاحتواء (تمدد) الدولة الاسلامية في العراق وسورية دون (المجازفة) بمشاركة قوات اميركية برية”
كما عكست “الاتهامات” مدى تذمّر الحكومة العراقية من المماطلة الاميركية بتسليم الاسلحة التي تم التعاقد عليها ودفع ثمنها مقدما، من ناحية، واعلان القيادة العسكرية الاميركية “دون مبرر او تنسيق مسبق” موعد الهجوم المحتمل ضد داعش، من ناحية اخرى؛ مما اسهم في بروز التوترات بين البلدين الى العلن “قد تفسد الود” بينهما
احد اهم المنابر المقربة من الادارة الاميركية، صحيفة “واشنطن بوست،” 6 آذار، اتهمت السياسة الاميركية “بالسذاجة .. بسماحها لايران تصدر المشهد العسكري المناهض لداعش في الحملة لاستعادة مدينة تكريت ومناطق اخرى من العراق.. وتهيئة الفرصة لايران للاقدام على خطوة تستبدل فيها (داعش) النظام الارهابي بآخر يلبي هيمنته الشريرة”
أهمية استرداد تكريت
استعرض “المرصد” في تحليل الاسبوع الماضي اعلان الاستعداد للبدء بالهجوم لاستعادة مدينة الموصل من قبضة داعش، والعقبات التي تعترض مهمة بذلك الحجم، لا سيما ضرورة استعادة السيطرة على عدد من المدن والبلدات الهامة على الطريق الرئيس بين بغداد والموصل، بغية انشاء مركز امداد وتموين آمن للقوات العراقية
عقب “تسريبات” القادة العسكريين الاميركيين عن موعد الاستعداد الهجوم، اعلنت الحكومة العراقية تأجيله من جانب واحد، وانطلقت لتحاصر وتستعيد تكريت – اولى المدن التي ينبغي استعادتها لتأمين طرق الامداد. في الجانب الاميركي، اتُهِمت الادارة الاميركية بأنها وقعت فريسة غطرستها واصابتها الدهشة لبدء الحملة على تكريت، مؤكدة في جملة من التصريحات المتلاحقة انها “لا تُجري تنسيقا للجهود مع ايران” في ذاك الشأن.
قادة البنتاغون اكدوا لصحيفة “نيويورك تايمز” انتظام اجراءات “مراقبة ومواكبة مكثفة للطيران الاميركي للجهود الايرانية في الحرب ضد الدولة الاسلامية .. عبر سلسلة من القنوات المتعددة والمتاحة.” وارجعت الصحيفة “نجاح الاستراتيجية الاميركية في العراق لحتى اللحظة بفضل ايران .. بدءاً من ضرب الحصار حول قوات داعش في آمرلي،” مرورا بنجاح الجهود لتحرير مدينة بيجي ذات الأهمية المركزية، وما نشهده راهنا من معارك واشتباكات مباشرة
حشود المعركة
لفت قادة عسكريون الانظار الى “تعديل” داعش لخطة انتشاره وخوض القتال وعدم التمركز. سعى داعش سريعا لاستغلال كثافة العنصر المدني في محيط مدينة تكريت واستخدامه درعا بشريا لحمايته، وذلك “بمداهمة مئات المنازل واختطاف اعداد كبيرة من ابناء العشائر العراقية المختلفة، وارغام الاهالي على تسليم هواتفهم النقالة.” عقب اطمئنانه للسد البشري الكبير، اصطحب نحو 100 شخص الى منطقة نائية وقام بالكشف عن كافة المكالمات المدونة ومقارنتها بكشوفات جاهزة لديه بغية التيقن من عدم اجراء اي منهم اتصالات مع عناصر يعتبرها معادية له
على الجانب العراقي، حشدت الحكومة قوة قوامها 30،000 عنصر يدعمها 3 كتائب من قوات الشرطة للطواريء وقوات الأمن ومنظمات “الحشد الشعبي،” بمساندة سلاح الجو ووحدات القوات الخاصة العراقية، استطاعت الدخول من حي القادسية شمالي مدينة تكريت والاشتباك مع عناصر داعش مكبدة التنظيم خسائر بشرية كبيرة، وخسارة المنظمات لثمانية عناصر وجرح نحو 42 آخرين. احد زعماء العشائر في محافظة صلاح الدين، وَنَس جبارة، اوضح ان نحو 4،500 مقاتل من ابناء محافظته يشتركون في القتال ضد داعش
العامل الايراني
الحضور العسكري الايراني المباشر في الحملة لاستعادة الموصل حفّز صحيفة “وول ستريت جورنال، 4 آذار، وصفه بأنه يشكل جزءاً من تحولات اشمل في السياسة الايرانية الخارجية،” كثمرة لتوتر العلاقات العراقية الاميركية “وازمة الثقة” بين الطرفين
من اليقين غياب الدعم الاميركي عن هذه الحملة، لاسباب متباينة بين الطرفين. الناطق باسم البنتاغون، ستيف وورين، اوضح غياب الدور الاميركي الى “مشاركة مكثفة من الايرانيين في الهجوم.” يومية “نيويورك تايمز” نقلت على لسان مسؤولين اميركيين كبارا قولهم ان الجانب العراقي “لم يطلب دعما اميركيا في تكريت؛” وربما كان الأمر كذلك نظرا لقناعة العراقيين بعدم استجابة الولايات المتحدة لذاك الطلب
اما الموقف الاميركي من نتائج المعارك فهو ملتبس في افضل الاحوال. نجاح القوات العراقية والقوى المساندة في الهجوم على تكريت واستعادتها السيطرة “تدريجيا” على بعض البلدات والمدن، ومن ثم الموصل، سيعزز من النزعة الاستقلالية عن الولايات المتحدة، وبدء هزيمة مشروعها للهيمنة عبر مناطق نفوذ تابعة ومقسمة عرقيا وطائفيا، بصرف النظر عما تراه قيادات اميركية عليا من تسخير الانجازات في خدمة استراتيجيتها العليا “حتى دون مشاركة اميركية مباشرة”
استفادة ايران من اي تقدم وانجاز في الحملة الراهنة غني عن التعريف، ولم يغفله الخطاب السياسي الاميركي الذي اعرب عن قلقه البالغ من انباء موثقة تشير الى مشاركة قائد قوات القدس في الحرس الثوري الايراني، قاسم سليماني، في ادارة المعركة. واعتبر قائد هيئة الاركان الاميركية، مارتن ديمبسي، مشاركة ايران “عامل ايجابي،” محذرا من تقويض الانجازات ان تغلب التوتر الطائفي. شهادته التي القاها مؤخرا امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جاءت بخلفية انباء تشير الى “اعدام 70 مواطنا” في محافظة ديالى بدوافع طائفية على ايدي “الميليشيات الشيعية
وفقا لتقارير الصحافة الاميركية فان امكانية الحشد لما يحسب على “الميليشيات الشيعية كبير، سيما وان التقديرات تشير الى الى انخراط نحو 800،000 عنصر تحت السلاح، وهو عدد اكبر من حجم القوات العراقية نفسها. المصادر العسكرية الاميركية ترجح ان نحو 60% من مجموع القوات المشاركة تعود للميليشيات؛ مشيرة الى تردد الدول الاقليمية المشاركة في تحالف واشنطن في الانخراط المباشر خشية من ان تؤدي المساهمة الى تعاظم النفوذ الايراني في العراق
من غير الجائز القفز على عوامل الاحتقان الطائفي بين “السنة والشيعة” في العراق نتيجة للاحتلال الاميركي، وما تشكله من تهديد حقيقي لسير الهجوم على مواقع داعش ان لم تحسن “الميليشيات الشيعية” تقليص اندفاعاتها بوحي الحساسيات الطائفية وتغليبها عن توظيف الزخم الجماعي في مواجهة التنظيم
اعطاء الاولوية للعامل الطائفي سيهدد خطوط الامداد الخلفية، لا سيما في المواقع التي تم استعادتها على طول الطريق بين بغداد والموصل، واضطرار القادة العسكريين تخصيص قوات مدربة كبيرة لمهام حراسة الطريق وقوافل الامداد على حساب المعركة الاساس؛ وما ستفرزه الظروف من تنامي مشاعر عداء المواطنين ضد الحكومة المركزية وربما الاصطفاف الى جانب تنظيم داعش نكاية بها
الموصل كانت ولا تزال بؤرة اطماع تركية وكردية على السواء، لا سيما ان “منطقة الحكم الذاتي” في كردستان العراق تتوثب للمشاركة في السيطرة على الموصل وحصد نتائج فورية، وفق منظور قياداتها المرتبطة تاريخيا بالقوى الاجنبية والمعادية للعراق والوطن العربي. في اسوأ الاحوال، تنتظر قيادة الاقليم الكردي مراكمة تنازلات اضافية من جانب الحكومة المركزية في بغداد، لا ترغب بها، لقاء الوقوف على الحياد في المعركة ضد داعش
الطريق لاستعادة الموصل لا تزال في مراحلها الاولى، يعزز المضي بها الانجازات التي تحرزها القوات العراقية والاخرى المشاركة. الانتصار الحقيقي هو خارج الدائرة العسكرية الصرف والقدرة على “استعادة ثقة” الاهالي كمواطنين وليس “كمكونات طائفية”

قراءة سريعة في خطاب نتنياهو
وصف اوباما اصرار نتنياهو على القاء خطابه في الكونغرس بأنه انحراف عن المسار الطبيعي للعلاقات الاميركية “الاسرائيلية،” ولكنه انحراف لن يؤدي الى الحاق ضرر او تدمير دائم. واضاف انه سبق لنتنياهو ان اخطأ في تقديراته حول المفاوضات في الملف النووي مشيرا الى التزام ايران بكل بنود الاتفاق المرحلية لعام 2013
نتنياهو في محاولة “غير صادقة” منه لرأب الصدع في علاقاته مع اوباما كرر امام اللوبي “الاسرائيلي” وكذلك في خطابه امام الكونغرس انه لا يقصد الاساءة او التقليل من احترام شخص او موقع الرئيس الاميركي
استبقت ادارة اوباما خطاب نتنياهو بتفنيد ما يمكن ان يسوقه من حجج ضد اتفاق محتمل مع الخمسة زائد واحدا وايران، بالتشديد على وضع الضوابط الصارمة والرقابة المعززة لضمان ان الاتفاق لن يمكّن ايران من السير نحو امتلاك السلاح النووي اذا رغبت ولعقد من الزمن على الاقل
التفنيد جاء على لسان مستشارة الأمن القومي سوزان رايس في خطابها امام مؤتمر اللوبي الاسرائيلي، رغم انها تملقت الحضور بنشر خطابها باللغة العبرية واستحضار ذكرياتها الحميمة خلال زيارتها الى فلسطين المحتلة
بدى خطاب نتنياهو امام الكونغرس على شكل مطالعة لادانة اي تقارب مع ايران او السعي لانجاز اي اتفاق معها. لا بل تشكيكا خالصا بالاتفاق المحتمل باعتباره اتفاقا سيئا لانه لا يلغي البنية التحتية للمشروع النووي الايراني، وسردية انه لا يمكن الوثوق بايران. كما قرن اي اتفاق بشرط التزام ايران مسبقا بوقف دعمها لما اسماه الارهاب في العالم وتدخلها في شؤون جيرانها وتهديداتها بالقضاء على “اسرائيل.” وطالب بعدم رفع العقوبات عن ايران حتى تغير من سلوكها الراهن
زعم نتنياهو ايضا ان البديل للاتفاق النووي، الذي يتم التفاوض عليه حاليا، ليس الحرب بل التوصل لاتفاق افضل منه. واعتبر ان التشدد مع طهران هو المقاربة الافضل لانها بحاجة ماسة للاتفاق وستخضع وتتنازل رغم تهديدها بترك المفاوضات
مصادر مقربة من البيت الابيض، في اول رد غير رسمي، عبرت عن استيائها الشديد والعميق من خطاب نتنياهو واعتبرته معسول الكلام خاليا من تقديم بدائل واقعية
للعديد من المراقبين في العاصمة الاميركية يبدو خطاب نتنياهو واصراره على القائه قبل الانتخابات “الاسرائيلية” بمثابة المحطة الانتخابية الداخلية، ولكن على بعد 6 آلاف ميل
قد ينشغل البعض في احصاء عدد المرات التي صفق فيها اعضاء الكونغرس وقوفا متأثرين ببراعة نتنياهو الخطابية، ويجرون المقارنة بالمرات السابقة، لكن الاختبار الحقيقي سيكون عدد الاصوات التي يمكن ان يكسبها في الانتخابات “الاسرائيلية” القادمة، في مجتمع يشهد منذ الثمانينيات المزيد من التشظي والانقسام والعجز عن تكوين حزب او ائتلاف وازن لاغلبية حاسمة تستطيع ممارسة الحكم بصورة مستقرة نسبيا