المقدمة
الخطاب الشعبوي المتنامي داخل الولايات المتحدة ادى لبروز حالات استقطاب حادة بين النخب السياسية من جهة وتيارات اجتماعية متباينة على الناحية الاخرى. برزت تجلياتها العنصرية منذ الايام الاولى لتسلم الرئيس اوباما مهام منصبه، وترعرعت في ظل ترامب بإفراز اشد الشرائح تطرفاً وعنصرية، بصرف النظر عن ميول افرادها السياسية.
ادارة ترامب من جانبها تشن هجوماً على بعض اقطاب الحزب الجمهوري على خلفية فتور التأييد السياسي للرئيس الذي يواجه مساءلة قضائية ذات ابعاد جنائية تنذر بتسارع التضييق عليه ومحاصرته. اما الرئيس ترامب فيمضي بثبات وهدوء متسلحا بمعوله الرئاسي لتقويض مساحة الحريات والانجازات السياسية التي حققها سلفه الرئيس اوباما، وتنفيذ اجندة المحافظين الجدد غير عابيء بانعكاساتها الاجتماعية.
سيستعرض قسم التحليل انفلات موجات عدم الرضى الشعبية من عقالها مؤخرا، بدءاً من اعتداء مرشح جمهوري على احد الصحافيين وطرحه ارضا، مروراً بالاعتداء المسلح الاخير الذي استهدف حشد من اعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري واصابة احدهم بجروح بليغة وتدهور حالته تدريجيا؛ لسبر اغوار اعتداءات مسلحة ذات ابعاد سياسية.
ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
سوريا
حذر معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى من تنامي دور حزب الله في الاراضي السورية استنادا الى رواية “قيادي في حزب الله ابلغها لمراسل صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) في بيروت” بأن ” عناصرنا تتجمع في منطقة التنف الآن، والصدام آتٍ بالتأكيد.” واستدرك بالقول انه “ربما كان المقصود منطقة الحدود العراقية – السورية .. واياً كان الأمر، فالمنطقة الحدودية التي سيطرت عليها الاسبوع الماضي الميليشيات الشيعية لا تزال مكشوفة وضعيفة؛ وقد تستطيع قوى المعارضة استعادتها بسهولة مُيسّرة في حال توفر لهم غطاء جوي اميركي.” واضاف ان “جهود الولايات المتحدة الديبلوماسية المنسقة مع روسيا قد تحدث تغييراً في حسابات (الحزب) واحباط صدام كبير.” وبخلاف ذلك، يرجح المعهد “مواجهة بين القوات الاميركية” وحزب الله.
قطر
اعربت مؤسسة هاريتاج عن مخاوفها من تداعيات تردي العلاقات الاقليمية مع قطر وفرض الحصار عليها “وربما آن الاوان لتهدئة النفوس، والبدء في حوار صريح حول دور قطر في منطقة مضطربة.” وشاطر المعهد مناوئي قطر وقطاعها الاعلامي ممثلاً بقناة الجزيرة، اضافة لعلاقاتها “القوية” مع ايران واللتين “تتشاركان في حقل غاز طبيعي هائل” في مياه الخليج.
http://www.heritage.org/middle-east/commentary/qatar-conflict-imperils-us-interests
اما مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فقد سلط الضوء على انعكاسات الأزمة مع قطر على قطاع غزة، معتبراً انه “من الممكن توصل ادارة ترامب لترتيبات معينة مع اسرائيل والامارات والسعودية لاستبدال الدعم القطري لحماس وتأمين قطاع غزة عبر آليات لم يعلن عنها.” واوضح ان مستقبل قطاع غزة “يفضل ان تتغيب عنه حماس كي ينعم الفلسطينيون والاسرائيليون بنتائج أفضل.” واستدرك بالقول ان “خسارة القطاع للرعاية القطرية قد يشعل أزمة كبيرة على الحدود مع اسرائيل وتقليص الخيارات المتاحة أمامها للرد.” وناشد الدول التي “لها مصلحة في استقرار قطاع غزة التفكير ملياً بالتداعيات التي ستنجم عن اغلاق الشريان الاقتصادي الحيوي لغزة.”
https://www.csis.org/analysis/far-doha
السعودية
تناول معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ما ينتظر المنطقة من تطورات في ظل صعود “المحمّدين،” محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، في سياق “الحملة على قطر.” واستطرد ان الخيار المفضل للثنائي المذكور هو “تحقيق نصر سريع” في الحملة “أم الاضطرار للنزول المحرج .. لا سيما وان الأمير تميم ووالده الماكر يدركان متى ينبغي تعديل الموقف كما تقتضيه الضغوطات.” اما المحمدين فمستقبلهما مرتبط بوجهة سير التطورات. وشدد على انه يتعين على صناع القرار “الانصات لصوت العقل في كل من الرياض وابو ظبي وواشنطن. اما سوء التقدير فقد يسفر عن عواقب وخيمة للمنطقة والعالم بأسره.”
اليمن
ناشدت مؤسسة هاريتاج الولايات المتحدة “تشجيع اطراف الصراع في اليمن التوصل لحل سياسي،” لا سيما وان “الهدف الاسمى للمصالح الاستراتيجية الاميركية في اليمن يكمن في الحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.” واستطرد ان الطرف اليمني “الشرعي” يعوّل على”مواجهة الحوثيين وليس القاعدة؛” مذكِّراً بضرورة تنسيق الجهود ” لاحتواء النفوذ الايراني في اليمن، والذي من المرجح انه سيكون نتيجة تسوية سياسية .. وليس عبر فوز عسكري للحكومة اليمنية الضعيفة وحلفائها العرب.”
السفارة الاميركية في القدس
استعرض معهد هدسون تجدد الجدل حول نقل مقر السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس مذكِّرا بأن الرئيس ترامب لا يشذ عن وعود اطلقها ممن سبقه من الرؤساء والذين “صدّروا قرارات بالعدول عن تنفيذ قرار الكونغرس،” كل ستة أشهر. اما الرئيس ترامب، حسب وصف المعهد، فإنه يؤشر عن تخليه عن “اسلوب المماطلة المعهود .. وتحدث مراراً حول صفقة يمكن التوصل اليها بين الاسرائيليين والفلسطينيين.” وختم بالقول ان خبراء السياسة في واشنطن يعتقدون بأن “مسألة مقر السفارة ما هي الا مناورة من ترامب في سياق سيناريو التوصل لصفقة.”
https://www.hudson.org/research/13679-jerusalem-notebook-the-u-s-embassy-to-move-or-not-to-move
افغانستان
تنامي حدة القتال في افغانستان كانت محطة اهتمام معهد ابحاث السياسة الخارجية، في ضوء تواجد ايران وروسيا المتهمتين “بتقديم العون لطالبان، كما فعلتا في سوريا .. بصرف النظر عن الفوارق الاستراتيجية والاولويات بعيدة المدى بين الدولتين.” وحذر من “بروز تحالفات جديدة في افغانستان تضم الصين وباكستان بالاضافة لروسيا وايران،” مما يعيق توصل الحكومة الافغانية وطالبان البدء في مسار المصالحة بينهما. واستثنى المعهد الصين من بين قائمة تلك الدول لعدم تقديم العون العسكري لطالبان، معتبرا ان الاخيرة تستقوي بروسيا وايران لتقليص مدى اعتمادها على باكستان وتحقيق اهدافها، بل ستصعد من شروطها للتفاهم مع الحكومة الافغانية على مسقبل البلاد.
http://www.fpri.org/article/2017/06/iran-russia-taliban-reassessing-future-afghan-state/
التحليل
تنامي العنف السياسي في اميركا
اتساقاً مع ظاهرة رعتها خارج حدودها
تتجذر ظاهرة العنف السياسي داخل الولايات المتحدة، على الرغم من تفادي المؤسسات الاعلامية الرئيسة تعميم الوصف، وتصرف الانظار بالتركيز على الفضائح السياسية داخل النخب الحاكمة، لتفادي معالجة مسبباتها وتجلياتها الكامنة في طبيعة النظام الاستغلالي وتهميش قطاعات واسعة من المجتمع.
في هذا الصدد، نستثني الصدامات شبه اليومية مع اجهزة الشرطة والأمن ذات الابعاد العنصرية، ونستعرض حادث اطلاق النار الاخير على مجموعة من النواب الجمهوريين في الكونغرس واصابة احدهم باصابات بليغة. الحادثة لم تكن الاولى في المشهد السياسي الاميركي، والتي جاءت في اعقاب تسديد مرشح عن الحزب الجمهوري لعضوية الكونغرس لكمات قاسية لمراسل صحفي يجري مقابلة معه.
الافراط في تسخير المفردات الحماسية بسياق سياسي، امام جمهور معبأ وربما لا يدرك كافة جوانب المسائل المثارة، من شأنه اطلاق العنان لقوى العنف والعنف المضاد، واستدخال كافة انواع الوسائل المتاحة لا سيما الاسلحة الاوتوماتيكية الوفيرة. عند اضافة ابعاد اخرى كالعنصرية والتمييز، سمات المجتمع الاميركي الثابة، تتفاقم مسألة العنف وتتعدد الدوافع والاهداف.
خطابات الرئيس ترامب، قبل وبعد فوزه في الانتخابات، فاضت باللغة الحماسية وتأجيج نزعات الصدام، اذ وصفته اسبوعية نيوزويك، ايار 2016، بأنه “شجع مؤيديه على اللجوء للعنف ضد المحتجين من مناوئيه، بل تعهد بتحمل كافة الغرامات المالية التي سيتحملها جمهوره” لقاء تصرفاته المنافية للقوانين. وحذرت المجلة من ان مسلكياته المتراكمة “ترفع منسوب مخاطر الاحتكام للعنف من قبل مناصريه.”
المستشار القانوني الاميركي، نوح فيلدمان، الذي صاغ دستور العراق بعد غزوه واحتلاله، علق على مشاجرات مؤيدي ترامب العام الماضي بالقول ان “التحلي باللياقة والحداثة أمر صعب، اما الاطاحة بتلك القيم فهو بسيط.”
المفكر الاميركي ذائع الصيت، نعوم تشومسكي، اوضح في مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، مطلع عام 2013، أن “الولايات المتحدة منحت لنفسها منذ فترة زمنية طويلة الحق في استخدام العنف لتحقيق أهدافها، لكنها الآن أصبحت أقل قدرة على تنفيذ سياساتها؛” متنبئاً بتنامي العنف الداخلي لاعتبارات متعددة.
وزير الخارجية السابق جون كيري ما فتيء يعبر عن “القلق العميق من العنف بسبب الدوافع السياسية المستمر ..” في توصيفه للنزاعات المتعددة في دول العالم الاخرى، والنأي باميركا “القيم والمثل العليا” عن تعرضها او ممارستها لمظاهر العنف المنظم.
العنف السياسي الاميركي قديم منذ بدء تكوين الكيان السياسي الاميركي. تشير كتب التاريخ الى صدامات متعددة وشرسة في النصف الاول من القرن الثامن عشر رافقتها حالة عداء وكراهية ضد المهاجرين؛ فضلا عن حادث نائب الرئيس آنذاك آرون بير، عام 1804، اذ اطلق النار على منافسه السياسي الكساندر هاميلتون وارداه قتيلا. اما في الماضي القريب، وبعد القفز عن مرحلة الحرب الأهلية المليئة بحوادث مكثفة مشابهة، فقد سجلت نحو 8 حالات خلال ستة عقود تراوحت بين تفجير مفرقعات منبى الكونغرس الى اطلاق نار على اعضاء المجلس، منهم روبرت كنيدي، والحادث قبل الاخير عام 2011 الذي استهدف النائب عن ولاية اريزونا غابريلا غيفورد.
الماضي القريب يدلنا ايضا على حادثتي اغتيال الرؤساء، ابراهام لينكولن وجون كنيدي، ومحاولتين لاغتيال الرئيس جيرالد فورد والرئيس رونالد ريغان؛ اضافة لمحاولة اغتيال الرئيس اندرو جاكسون، 30 كانون2 1835، عقب مغادرته مبنى الكونغرس.
حادث عرضي ام منظم
عند استعراض التفاصيل الشحيحة المتوفرة عن الحادث الاخير، باستهداف حشد من اعضاء الحزب الجمهوري، يتضح البعد السياسي ودوافع الحادث بشكل جلي. النخب السياسية والاعلامية سعت بوعي تام الصاق التهمة بدافع تنافس الحزبين، لا سيما وان المتهم كان أحد المتطوعين في حملة المرشح بيرني ساندرز.
ما يتوفر حول الحادث ينسب لرواية الأجهزة الأمنية، التي افادت بان المسلح يبلغ من العمر 66 عاما وكان بحوزته سلاح بندقية اوتوماتيكية وسلاح فردي وذخيرة، اطلق نحو 100 رصاصة قبل ان يصاب بتبادل لاطلاق النار، استهدف فيه النائب الجمهوري ستيف سكاليز. سكاليز يحتل المرتبة الثالثة في سلم هرم قيادات الحزب، بعد رئيس المجلس بول رايان ورئيس الأغلبية كيفن مكارثي.
ووفق السردية الرسمية، سأل المسلح سكاليز ان كان من الحزب الديموقراطي ام الجمهوري ثم عاجله باطلاق النار مباشرة، مما يعزز مصداقية البعد السياسي المناويء للسياسات الحزبية.
ولم تتضح بعد ان قصد المسلح “اغتيال” سكاليز ام توجيه ذخيرته نحو جموع الجمهوريين، حسب الرواية الرسمية. الا ان المسلح استهدف سكاليز بالذات في التشهير به على وسائط التواصل مطلع عام 2015 بالقول ان سكاليز “نائب جمهوري ينبغي ان يمنى بخسارة منصبه، لكن (النخبة السياسية) كافأته بزيادة مرتبه.”
وتضيف الاجهزة الأمنية ان المسلح كان من بين الناشطين على وسائط الاتصال الاجتماعي خاصة بين مجموعات مناوئة للحزب الجمهوري، بعضها اتخذ شعار “لننهي عصر الحزب الجمهوري” و “الطريق لجهنم ممهدة بالجمهوريين.”
تجدر الاشارة الى ان من بين ابرز المنابر الاعلامية، نيويورك تايمز وشبكة ام أس أن بي سي، حرصت على استبعاد “البعد الروسي” من بين الاتهامات، وفضلت سردية توجهات سياسية مؤيدة للمرشح السابق بيرني ساندرز، اتساقاً مع مساعيها لاضفاء صفة تنافس الحزبين.
اشارت احدى الدراسات الخاصة بالتغطية الاعلامية اجرتها مؤسسة فير الى ان برنامج الشبكة المذكورة وتديره الاعلامية راشيل مادو خصص ازيد من نصف مساحته لترويج “التدخل الروسي” وضلوع ترامب. اما الابعاد الحقيقة كتعبير عن ارهاصات متنامية داخل المجتمع الاميركي للمطالبة بالحقوق فقد تم تجاهلها بالكامل. واتهمت المؤسسة “وسائل الاعلام الرئيسة” المرئية والمقروءة بالتواطؤ مع الحزب الجمهوري للقضاء على برنامج الرعاية الصحية الشامل – اوباما كير “خلف الابواب المغلقة.”
المسلح المتهم، جيمس هودج كينسون، اعرب في وسائط التواصل الاجتماعي عن هواجسه من سياسات الرئيس ترامب واتهامه بـ “الخائن” ومؤيد لروسيا؛ ونشر عريضة بعنوان “ترامب دمّر ديموقرطيتنا .. آن الأوان للقضاء على ترامب وصحبه.”
الفهم السياسي للمسلح اوضحه في صيغة رسم كاريكاتير نشره يوم 13 الشهر الجاري يلخص فيه انصياع الكونغرس للمؤسسات التجارية الكبرى. وجاء فيه “تعرف على آلية استصدار القوانين .. الشركات تصيغ المشروع وترشي (اعضاء) الكونغرس الى ان يتم المصادقة عليه.”
صحيفة نيويورك تايمز سارعت لالقاء مسؤولية التحريض على القتل على عاتق تيار “اليسار التقدمي،” والذي دعم المرشح ساندرز بقوة وانتظام. شكلت تلك السردية ارضية تناولتها كافة الوسائل الاخرى متفادية بوعي تام ما نقلته عن ترامب في منتصف شهر آذار 2016 مهددا مناوئيه “أحن الى الايام الخوالي .. ونتوق لنقل (المحتجين) على نقالات المرضى.”
الدراسة المشار اليها حملت بيانات صادمة لجمهور قراء الصحف ونيويورك تايمز بشكل خاص، جاء فيها ان 41% من المتابعين يطلعون على مساحة ضئيلة بعد قراءة العناوين الرئيسة، وفي الغالب نسبة الذين يقرأون المقال بشكل تام لا تتعدى 11%. في هذا السياق تتضح حجم المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها “المسلمون والمهاجرين” بعد كل تغريدة يطلقها الرئيس ترامب.
فوز الرئيس ترامب بالانتخابات رافقه سلسلة احتجاجات شعبية على امتداد الاراضي الاميركية، ابرزها مسيرة مليونية من النساء في اليوم التالي لتنصيبه، طافت شوارع العاصمة الاميركية سالكة الطريق عينه الذي سلكه الموكب الرئاسي في اليوم السابق.
الاحتجاجات واكبت النتائج الانتخابية ايضا بمسيرة كبيرة جرت في اليوم التالي، 9 نوفمبر، في مدينة اوكلاند بولاية كاليفورنيا تخللها اعمال عنف واغلاق للطرق واضرام النيران ببعض الحاويات، وحرق الاعلام الاميركية لساعات متواصلة.
وتشكلت تنظيمات جديدة متعددة مناوئة لآليات الانتخابات، ابرزها كانت مجموعة محسوبة على التيار اليساري المناهض للحروب تحت يافطة “مقاومة،” واكبها تنظيم صغير يميل للعنف تحت اسم “انتيفا،” اختصارا لمصطلح مناهضة الفاشية.
تنامي الاحتجاجات اتخذت ابعادا شعبية وفنية في الآونة الاخيرة، بلغت جرأتها المطالبة بمحاكمة واعدام الرئيس ترامب، كما تجسد في مسرحية “شكبير في الحديقة العامة” في مدينة نيويورك اذ تضمنت مشهدا يجري فيه اغتيال شخصية جوليوس سيزر شبيهة بشخصية ترامب؛ والتي لقيت ترحيبا واسعا بين الاوساط الليبرالية.
المجلة الالكترونية الشهيرة، هافينغتون بوست، طالبت بتقديم الرئيس ترامب للمحاكمة التي “اضحت غير كافية؛ ينبغي على دونالد ترامب مواجهة العدالة” لمعاقبته على ما اقترفته يداه. واضافت ان تطهير اميركا يستدعي محاكمة الرئيس ترامب بتهمة الخيانة والتي – ان ثبتت عليه قانونيا – ينبغي اعدامه.
ماذا بعد؟
دشنت حادثة اطلاق النار على الجمهوريين ولوج مرحلة جديدة من الاحتجاجات وتحدي النخب السياسية، مع الاقرار بعفويتها وفرديتها في معظم الاحيان، الا ان حاجز الخوف قد انكسر.
تلقى مكتب النائبة عن الحزب الجمهوري لولاية نيويورك، كلوديا تيني، رسالة بريد الكترونية طابعها لغة التهديد عقب الحادث تفيد بـ “مقتل واحد وبقي 216 ..” في اشارة لعدد النواب الجمهوريين الآخرين في مجلس النواب.
وبرر المرسل حدة انفعاله/ا انه كان ينبغي على النائبة “توقع ما حدث. عندما تتعرضون لحياة البشر العاديين من اجل تسديد فاتورة لشريحة الاثرياء، فإن حياتكم تصبح في حكم المُلغاة.”
انصار فصائل اليسار، او ما تبقى منه، ركزت في خطابها على سياسات ترامب الفاشلة والانتشار الواسع للاسلحة الفردية التي يعارض الجمهوريون وضع قيود عليها.
بعض اقطاب اليمين السياسي ذهبت لتنبيء بأن الولايات المتحدة تقف على مشارف حرب أهلية. المرشح الرئاسي الأسبق بات بيوكانين، كاتب خطابات الرئيس الاسبق نيكسون، حذر من “سير البلاد المتسارع نحو حرب أهلية.”
واضاف بيوكانين ان المرحلة الآنية تتصف “بالصراع غير العنفي، على الرغم مما نشهده من صدامات بين قطبي المؤيدين والمناوئين لترامب والتي تشتد حدتها. أجهزة الشرطة تواجه صعوبة في الفصل بين المتشاجرين.”
وحذر “البيت الابيض الذي يتعين عليه الاقرار بأن الصدامات غير مقبلة على نهاية، فهي جولة مواجهة للنهاية، والتي لن يستسلم فيها خصومه بسهولة الا حين رؤية (الرئيس) ماثلا امام القضاء او تفرض عليه الاستقالة يجر ذيال الخيبة.”
ولم يستبعد بيوكانين، السياسي المخضرم، لجوء الرئيس ترامب الى “شن حرب عصابات في العاصمة، بتسخير الاسلحة القانونية والسياسية المتوفرة للتخلص من اعدائه داخل حكومته .. وتطهير الدولة العميقة وجَلْد المتعاونين معها من الاعلاميين.” وختم متشائما بأن “آن الاوان لاضرام النيران في (قلعة) الباستيل.”
كما شاطرته ابرز الابواق الاعلامية المحسوبة على التيارات اليمينية والمحافظة، صحيفة واشنطن تايمز، التي جزمت “ببدء المناوشات التمهيدية للجولة الثانية من الحرب الأهلية الاميركية؛” نافية ان يكون استخدامها للتوصيف كتعبير “مجازي” للتذكير بالحرب الأهلية، بل “بيان يعبر عن حقيقة ما تمر به الولايات المتحدة.”
الحيلولة دون اندلاع جولة جديدة من الاضطرابات السياسية، وفق توصيف المؤسسة الاعلامية، يستدعي تضافر الاطراف السياسية “لخفض منسوب الخطاب السياسي، الذي لا نلمس تحقيقه على طرفي التوجه السياسي سواء بين اليسار او اليمين.”