التقرير الأسبوعي 07-16-2016

المقدمة
تتوجه انظار النخب السياسية والاعلامية والفكرية في واشنطن صوب انعقاد مؤتمري الحزبين، الجمهوري والديموقراطي على التوالي، الاسبوع المقبل للجمهوريين يليه مؤتمر الحزب الديموقراطي على الفور.
سيستعرض قسم التحليل تقلبات نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة، والتي تدل على تقدم ترامب مقابل تراجع منافسته كلينتون. الجمهور العام عبر عن استيائه من قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي بعدم ملاحقة السيدة كلينتون قضائيا، مما يفسر الانعطاف الحاد في شعبيتها وعدم الوثوق بصدقيتها.
ايضا، سنلقي نظرة سريعة على اختيار ترامب مرشحه لمنصب نائب الرئيس، حاكم ولاية انديانا مايك بنس، ودلالاتها على صعد متعددة.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
التحديات امام حلف الناتو
اعاد معهد كاتو الاهتمام بقمة حلف الناتو معتبرا “خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وروسيا” على رأس سلم اولويات التحديات المقبلة، ومن ضمنها “سحابة داكنة في افق الناتو، جنبا الى جنب مع الانتخابات الرئاسية الاميركية.” واشار الى ان المرشحة هيلاري كلينتون “ملتزمة بالحفاظ على الوضع الراهن للحلف، اما منافسها دونالد ترامب فهو بعكس ذلك .. وذهب بعيدا في تصريحاته متسائلا ما الحكمة من الابقاء على الالتزامات الاميركية؛ وسخر من حلف الناتو كاطار عفا عليه الزمن.” واعتبر المعهد ان ادارة ترامب، في حال فوزه “ستطالب بادخال اصلاحات جذرية على الحلف، وليس بعيدا احتمال مطالبتها بانسحاب الولايات المتحدة.” وختم بالقول ان الدول اعضاء المؤتمر “ابدت مؤشرات ضعيفة بالكاد تدل على مجرد ادراكها لعلامات التحذير المنتشرة؛ ويقف الحلف على عتبة تبلور ازمة داخلية.”

http://www.cato.org/publications/commentary/natos-mounting-internal-challenges

التطرف الجهادي
حث معهد ابحاث السياسة الخارجية صناع القرار الاقتداء “بقدرات قوى الأمن والشرطة وتطبيقها على الجهاديين المتشددين .. نظرا لتقاطع مهام التصدي للجريمة المنظمة وعنف المجموعات الجهادية وخصوصا تلك التي تطبق اساليب عصابات المدن.” واوضح ان كلا النمطين، الجهادي ومنظمات الجريمة، يستقطبون اعضاء من شريحة المهمشين اقتصاديا .. وتوظيفهما لوسائط التواصل الاجتماعية لعرض العضلات.” وختم بالقول ان تقاطع مهام المجموعتين “يشكل دليلا لضرورة دراسة منظمات الجريمة وسبل التصدي لها وتوفر مدخلا لمكافحة الجهادية.”

Expertise in Countering Urban Street Gangs can be used to Fight Jihadists

ليبيا
اعرب معهد كارنيغي عن اعتقاده بأن ليبيا “على عتبة كسب الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية .. اذ ان العمليات العسكرية الاخيرة فرضت تراجع مقاتلي الدولة في سرت باتجاهات الغرب والجنوب والشرق.” اما على منطقة الساحل الليبي فقد استطاع “اسطول صغير من القوارب ومراكب الصيد مسلحة بصواريخ غراد واسلحة مضادة للطيران اطلاق نيرانها على مواقع الدولة الاسلامية وحرمان مقاتليه من فرصة الهرب والنجاة.”

http://carnegieendowment.org/2016/06/30/libyans-are-winning-battle-against-islamic-state-pub-63983

سوريا
لفت معهد المشروع الاميركي الانظار لما يعتقده “جسر جوي يربط ايران وسوريا” لتبرير خطأ قرار الحكومة الاميركية برفع العقوبات عن مؤسسة ايران للطيران. وطالب المعهد “باعادة تقييم جادة” للقرار اسوة بصفقات محتملة بيع طائرات مدنية، اوروبية واميركية، للمؤسسة الايرانية. واوضح ان “المسار الجوي من ايران لسوريا ينطوي على ثغرة هامة،” مناشدا صناع القرار في واشنطن “المضي قدما في الضغط على ايران للحد من دعمها (للرئيس) الاسد ووكلاء ارهابيين آخرين في المنطقة، مما سيحرم طهران من تعزيز قدرتها لمواصلة الجسر الجوي.”

Iran’s Airbridge to Syria

ايران
في الذكرى السنوية الاولى لابرام الاتفاق النووي حذر معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى ادارة الرئيس اوباما من “الابطاء الملحوظ في العقوبات المفروضة على ايران،” رغم اعلان اميركا عن عزمها “الدفع بقوة لفرض عقوبات على النشاطات الايرانية التي تتم خارج اطار الخطة العامة للعمل المشترك وم ضمنها تلك المتعلقة بدعم ايران للارهاب، وزعزعة الاستقرار في الاقليم، وانتهكات حقوق الانسان، وبرنامجها للصواريخ الباليستية.” وزعم بأن ايران “لم تقلع عن مسلكها الاستفزازي طيلة العام الماضي، اذ بلغ عدد الافراد المصنفين في عداد المقاطعة نحو 20 تقريبا مقارنة بتصنيف مائة ونيف” في الفترة السابقة.

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/one-year-post-jcpoa-not-post-sanctions

كما انضم معهد المشروع الاميركي الى جوقة المحرضين على ايران “لانتهاكها بنود الاتفاق النووي.” واستند في هجومه على تقرير صحفي يشير الى “تحذير المستشارة الالمانية انغيلا ميركل للبرلمان بأن ايران “تستمر في تطوير برنامجها الصاروخي مما يتعارض مع احكام قرار مجلس الأمن الدولي” برفع العقوبات. وزعم المعهد ان الرئيس اوباما وادارته “يرفضان الاقرار بالمخالفات، بل تنظر لدعم جهود ايران الانضمام لمنظمة التجارة العملية .. بل دعم وصول ايران للعملة الاميركية، وطائرات بوينغ، وشراء الحكومة الاميركية الماء الثقيل من ايران.” وختم بالقول ان تصرفات الرئيس اوباما في هذا المجال “ستعيق سياسة الرئيس (الاميركي) المقبل وتكبل يديه.”

Is Iran already attempting to violate its nuclear deal?

افغانستان
حث مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الادارة الاميركية الراهنة اجراء “تقييم شامل موسع لاستراتيجيتها في افغانستان .. ووضع شروط محددة لتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية في المستقبل.” وناشد صناع القرار “عدم تكرار الشروط السابقة المطلوبة من افغانستان بتقديم ضمانات اتخاذ اجراءات وتطبيق اصلاحات .. وابلاغ الافغان نية الولايات المتحدة تأجيل تقديم الدعم ان لم يتم الامتثال وتطبيق الشروط المحددة.”

https://www.csis.org/analysis/obama-strategy-afghanistan-finding-way-win

التحليل

الجديد في سباق
الانتخابات الرئاسية الاميركية

ضبابية الحسم
ما تلبث المرشحة هيلاري كلينتون التمسك ببصيص أمل ولو رفيع يدل على تقدمها حتى تعود وسائل الاعلام المختلفة لاصدار احصائيات وبيانات واستطلاعات رأي للدلالة على شبه تعادل او تقدم منافسها ترامب عليها. الامر الذي جرى بوضوح مطلع الاسبوع الجاري.
بيد ان اشد ما اقلق حملة السيدة كلينتون هو نتائج استطلاع اجرته جامعة كوينيبياك، المشهود لها بنزاهتها ودقتها، منتصف الاسبوع يشير الى تراجع شديد في شعبيتها لا سيما تدهور مصداقيتها لدى العامة، وتراجعت حظوظ كلينتون 8 نقاط مئوية امام منافسها في ولاية فلوريدا بالغة الأهمية، وشبه تعادل بينهما في ولايتي اوهايو وبنسلفانيا.
أهمية الاستطلاع ان توقيته يعتبر شديد الحساسية كونه جرى عقب اعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي عدم ملاحقتها قضائيا، وايضا قبل بضعة ايام من انعقاد مؤتمري الحزبين، اذ كانت تتطلع السيدة كلينتون الى دفعة اضافية عقب انفضاض المؤتمر بما يعزز موقعها المتقدم على ترامب.
يشار الى ان الفارق النسبي بين المرشحين المحتملين بلغ 8 نقاط مئوية الشهر المنصرم لصالح كلينتون. اما في الاستطلاع الاخير في ولاية فلوريدا فقد تقدم ترامب عليها بنسبة 42% مقابل 39% لكلينتون. وحافظ ترامب حسابيا على تقدمه ان جرت الانتخاب بين ثلاثة مرشحين، اذ حاز على 42% مقابل 39% لكلينتون، وكذلك الأمر في ولايات اخرى.
تراجع شعبية كلينتون اضحى مقلق لقادة الحزب الديموقراطي لادراكهم ان نتائج كوينيباك دقيقة، ضمن مجال الخطأ الحسابي. وتتصدر كوينبياك المؤسسات الاخرى لنزاهتها ووصفت “بمعيار الذهب” حين يتعلق الأمر بالاستطلاعات والقراءات السياسية. ميزة كوينبياك البارزة تكمن في استقلاليتها عن اي مؤسسة اخرى وتجري الاستطلاعات بمهنية عالية، فيما الاخرين يتم تكليفهم بالمهمة من قبل مؤسسات صحفية واعلامية في معظم الاحيان.
تقاطعت نتائج كوينيبياك مع اخرى اجرتها مؤسسة راسموسن مفادها تقدم ترامب بنسبة 44% مقابل 37% لكلينتون. بينما اسفر استطلاع آخر، جرى لحساب شبكة (سي بي اس) للتلفزة بالاشتراك مع صحيفة نيويورك تايمز، تعادل المرشحيْن بنسبة 40%.
قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) بعدم التوجه لملاحقة كلينتون قضائيا، على خلفية بريدها الالكتروني، اثار موجة جديدة من الغضب الشعبي، بصرف النظر عن الانتماء او التعاطف السياسي، مما يفسر جذر تراجع شعبيتها بهذه السرعة وتقدم ترامب بكل ما يحمله من اثقال، وتأجيجه التوجهات العنصرية ضد الاقليات والمهاجرين. وعزت جامعة كوينيبياك التدهور الى قضية بريدها الالكتروني تحديدا، واعتبار العامة بأنها غير كفؤة ولا تتحلى بالصدق لتبوأ منصب رئيس البلاد.
تعتبر ولايات فلوريدا واوهايو وبنسلفانيا فاصلة في السباق الانتخابي لما لها من مكانة مميزة في التوازنات السياسية، يبلغ مجموع مندوبيها 67. كلينتون تراجعت فيها جميعا حين تعلق السؤال بالمصداقية والثقة والكفاءة: 59% في فلوريدا؛ 60% في اوهايو؛ و65% في بنسلفانيا. بالمقابل تقدم منافسها في الولايات الثلاث: 54% في فلوريدا؛ 59% في اوهايو؛ و 57% في بنسلفانيا.
نستطيع القول ان ثبات تراجع شعبية كلينتون، بسبب انعدام صدقيتها، يضع نتائج الانتخابات الرئاسية في خانة التكهن في افضل الاحوال، وربما ستفرز دعما لترامب يعادل كلينتون في المحصلة النهائية.

ترامب ونائبه
استطاع ترامب اشغال المؤسسات الاعلامية والنخب السياسية لفترة غير قصيرة للتكهن بشخصية نائبه الذي سيعلن قبل المؤتمر الحزبي. برع ترامب ايضا في اقتناص الفرص لصالحه، اذ اعلن عن تأجيل الكشف عن هوية اختياره بسبب الهجوم الارهابي في نيس بفرنسا، ولم يشأ اهمال تصدره للعناوين السياسية او مزاحمته لقضايا اخرى.
وما لبث اعلن اختياره حاكم ولاية انديانا، مايك بنس، الذي كان يقف على عتبة انتخابات قاسية لتجديد ولايته، وتزامن الاعلان مع الموعد النهائي لتقديم طلب اعادة الترشيح، والا سيعتبر منتهيا الصلاحية.
نظرة سريعة على بنس قد تدفع البعض لاعتباره “الوجه الحضاري والمسؤول” لتقلبات ترامب ويسد ثغرات اساسية في نواقصه، وذلك لطبيعته الهادئة نسبيا وطول سجله كعضو مجلس نواب سابق مكث فيه 12 عاما؛ وميوله المتشددة للمحافظين، كونه من ابرز اعضاء “تيار حزب الشاي؛” ومعارضته المبدأية لقدوم المهاجرين؛ فضلا عن قسوة احكامه بالسجن على اي جنحة ترتكب، فما بالك بالجرائم الكبيرة.
المرشح بنس عرف الجمهور عن نفسه دون مواربة، احدثها لصحيفة رئيسة في ولايته انديانابوليس ستار، مطلع الشهر الجاري. وقال “انظروا، لقد قضيت 14 عاما في المناصب العامة: سنة ونصف كحاكم (للولاية)، و 12 عاما في مجلس النواب (ممثلا لولايته في الكونغرس) .. يسعدني القول “انني من المحافظين” ..”
ابان خدمته في الكونغرس، عارض بعض برامج الرئيس بوش من باب انها “لا تمثل مصالح المحافظين وتخول الدولة المركزية صلاحيات اوسع.” وصوت لصالح مشروع قانون عام 2004 “يحرم الدولة الفيدرالية من تعويض المستشفيات التي تقدم خدمات طواريء للمهاجرين دون وثائق قانونية.” وتبنى عام 2006 خطة متشددة ضد الهجرة وصفها بنفسه بانها “لا للعفو في اصلاحات (قوانين) الهجرة،” التي رمت لتحصين الحدود الاميركية المشتركة مع المكسيك.
في منصبه الحالي كحاكم لولاية انديانا، اشتهر بنس بالاصطفاف ضد قوانين تحرر المرأة من تدخل السلطة في خصوصياتها، منسجما مع خلفيته الدينية المتشددة “المسيحية الانجيلية؛” واصدر اوامره لسلطات ولايته بالكف عن تقديم اي مساعدات لتوطين المهاجرين السوريين – الذين سيتم فرزهم أمنيا من قبل وزارة الأمن القومي.
في الشأن الاقتصادي، صادق بنس على قوانين تخفيض الضرائب عن الشركات والمصالح الكبرى والاثرياء في ولايته؛ وحليف موثوق لحملات “تخصيص التربية والتعليم،” الذي من شأنه حرمان الشرائح الاقتصادية الوسطى والدنيا من فرص التعليم والتقدم، وخاض مواجهة قاسية مع مفتش التعليم العام الديموقراطي في ولايته لتحقيق هدفه وصفها بأنها “معركة من اجل السيطرة.”
وعليه، يمكن القول ان ترامب استدار نحو المؤسسة الحاكمة لدعمه انتخابيا ولم تبخل عليه بترشيح بنس “لانقاذ حملته،” وهو الحارس الأمين لبرامج الحزب الجمهوري الاقصائي للآخرين.