التقرير الأسبوعي 09-02-2016

المقدمة
تتأهب الولايات المتحدة، رسميا وشعبيا، لقضاء عطلة مطولة لنهاية الاسبوع، احتفالا بالعيد السنوي ليوم العمال (تصر على تسميته يوم العمل)، تخللها التجاذبات السياسية المعتادة بين مرشحي الرئاسة ابرزها “خطوة تراجعية” اقدم عليها المرشح الجمهوري دونالد ترامب وقيامه بتلبية دعوة رسمية للقاء رئيس المكسيك، انريكيه بينيا نياتو، التي استمرت ساعات معدودة. وما لبث ترامب ان مضى في حملته المعتادة بتصريحات تنضح بالعنصرية ضد اهالي المكسيك المتواجدين داخل اراضي الولايات المتحدة، جاءت بردود عكسية واصطفافات اشد وضوحا داخل صفوف “المهاجرين” بشكل خاص.
ايضا، تستمر واشنطن الرسمية تبادل الاتهامات حول مسألة محاولات قرصنة مستمرة، آخرها استهدف مواقع الكترونية وبيانات انتخابية تخص سجلات محلية في عدد من الولايات، عرف منها اثنتين، وتداعياتها المباشرة على حسم النتائج الانتخابية. بالطبع، وجهت الاتهامات سريعا لروسيا كدولة ومؤسسات بأنها تقف وراء القرصنة، في سياق استمرار احياء اجواء الحرب الباردة. سيعيد قسم التحليل تركيز الانظار على التقنيات المتجددة في عمل القرصنة والجهود الرسمية، الاميركية بشكل خاص، لتسخير تقنية الهواتف المحمولة في تعقب مناوئيها، وسبل التغلب عليها والوقاية من شرورها.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
ثغرات الاجهزة الاستخبارية
خضعت هيكلية واداء الاجهزة الاستخباراتية الاميركية الى اعادة ترتيب و”تقويم” عقب سلسلة ازمات، لا سيما بعد هجمات أيلول 2001. واعربت مؤسسة هاريتاج ان البنية الاستخباراتية، بشكل عام، لا زالت بحاجة الى تعديلات بنيوية “على الرغم من انشاء منصب مدير الاجهزة الاستخباراتية الوطنية وايضا المركز الوطني لمكافحة الارهاب.” واستدركت بالقول ان ما تنوي طرحه من توصيات “لا ينبغي ان يصنف ضمن طروحات جديدة .. بيد ان سيل التحذيرات من داخل الاجهزة الأمنية وخبراء من خارجها استمر بالتدفق للدلالة على قصور القوانين السارية للتجاوب مع التهديدات التي تواجه الاجهزة الأمنية بأكملها.” واوضحت المؤسسة ان محطات النقص في الاداء تشير الى “الوضع الشاذ لمنصب مدير الأمن الوطني، اهمال مضمون التحليلات الاستراتيجية، الاتهامات الموجهة بتسييس الاجهزة الاستخباراتية، فضلا عن العقبات الماثلة امام المدير العام الناجمة عن سلسلة من الفشل واستيعاب الدروس، والتأقلم مع المتغيرات ..”

http://www.heritage.org/research/reports/2016/08/reforming-intelligence-a-proposal-for-reorganizing-the-intelligence-community-and-improving-analysis

“التطبيع مع اسرائيل”
اعرب معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى عن فائق غبطته لتحول الدول العربية “تطبيع علاقاتها مع اسرائيل،” معتبرا ان الأمر اضحى “وضعا طبيعيا جديدا؛ ولم يعد من المحرمات .. بعد الزيارات السعودية والمصرية لاسرائيل؛ ومناقشة هذه القضية بنشاط وصراحة في وسائل الاعلام العربية الكبرى، بما فيها المملكة العربية السعودية.” في هذا الجانب بالتحديد، اشار واشاد المعهد بمطبوعة “المجلة” السعودية الاسبوعية الصادرة في لندن التي “.. استشهدت ببيانات مطولة ادلى بها السفير الاسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر.” وشدد المعهد على ان العلاقات عينها “لها تاريخ طويل جدا في الواقع .. وتعود تقريبا الى فترة قيام دولة اسرائيل؛ توالت بعدها اجتماعات رسمية اخرى ذات طابع سري.” واستطرد المعهد باستعراض محطات التطبيع والاتفاقيات الثنائية والطويلة مع بعض الدول العربية، وأهمها “لحظة هي من اكثر اللحظات التاريخية، تمثلت في اتفاق اوسلو والاعتراف الرسمي المتبادل .. اعقبها بوقت قصير سلسلة اجتماعات بين العرب واسرائيل، من مؤتمرات اقتصادية اقليمية في الدار البيضاء وعمّان والدوحة، الى معاهدة (وادي عربة)، واجتماع وزراء الخارجية في شرم الشيخ، بحضور شمعون بيريز، عام 1996 .. وتعهدهم بمكافحة الارهاب والعمل معا من اجل السلام.” كما شدد المعهد على “عدم انقطاع مسلسل القمم الاسرائيلية – الفلسطينية والاسرائيلية – العربية .. واللقاءات المباشرة على الصعيدين الأمني والاستخباراتي بين الاسرائيليين والمسؤولين العرب.” وحث المعهد “الادارة الاميركية المقبلة .. تعديل سياساتها” في المنطقة وفق معادلة “عدو عدوي الاسرائيلي قد لا يكون صديقي، لكنه يمكن ان يصبح شريكي.” يشار في هذا الصدد الى “مناورة طيران اميركية باشتراك اسرائيل والامارات، يتدربون على هجوم ايران .. للمرة الاولى.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-new-normal-todays-arab-debate-over-ties-with-israel

سوريا
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا، بالتزامن مع تناول هيئة الأمم المتحدة المسألة عينها وتوجيهها اتهامات مباشرة للحكومة السورية، واخرى خجولة لبعض المجموعات المسلحة. واوضح المعهد ان سلسلة تقارير صدرت مؤخرا عن “منظمة حظر الاسلحة الكيميائية،” التابعة للهيئة الدولية “تشير الى تنامي القلق لبعض نشاطات بالاسلحة الكيميائية في سوريا والتي لم يعلن عنها مسبقا .. مما قد يفسر على انتهاك سوريا لبنود انضمامها لمعاهدة الحد من الاسلحة الكيميائية.” وزعم المعهد ان تقرير الطاقم الدولي للتحقيق في استخدام الاسلحة الكيميائية “اشار الى 9 حالات استخدام مؤكدة لللاسلحة الكيميائية في سوريا خلال عامي 2014 و 2015.”

https://www.csis.org/analysis/unpacking-syrias-chemical-weapons-problem

فند معهد ابحاث السياسة الخارجية ادعاءات الرئيس اوباما العام الماضي بأن التدخل الروسي في سوريا سيؤدي “بها الى مستنقع” الانخراط المباشر، بل ادى تدخلها الى “تمدد وتعزيز مواقعها واهدافها في سوريا .. ويبدو حكم (الرئيس) بشار الاسد اكثر أمنا من اي وقت مضى.” واستطرد بالقول ان “مجلس الدوما (الروسا) ينظر بصدد المصادقة على اتفاقيات تتيح لروسيا انشاء قواعد جوية دائمة في حميميم وطرطوس .. وهي المرة الاولى منذ اربعين عاما ونيف تحظى بها روسيا قواعد ثابتة في الشرق الاوسط، في كل من سوريا وقبرص.” واضاف ان موسكو لا “تخفي رغبتها في الحصول على قاعدة بحرية في الاسكندرية شبيهة بالتي كانت لها في عقد السبعينيات.”

Putin Doubles Down in Syria

اعتبر معهد الدراسات الحربية تدخل تركيا عسكريا في سوريا بمثابة خطوة في سياق “اصطفافها ضمن الدول الرئيسة المنخرطة في العمليات العسكرية المرتقبة لاستعادة مدينة الرقة.” واوضح ان تنفيذ تركيا “لعملية درع الفرات تعد نقطة تحول في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة والحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية وتشكل انفاذا لمطلب اميركي طويل الأجل بانخراط مزيد من القوات العسكرية التركية في الحرب ضد داعش.” واستدرك بالقول ان انخراط تركيا عسكريا جاء على خلفية هواجسها “لوقف وتيرة تمدد سيطرة الاكراد على مناطق حدودية مشتركة .. بيد ان الولايات المتحدة اصدرت امرا لقوات الحماية الشعبية الكردية بالانسحاب للضفة الشرقية من نهر الفرات تجاوبا مع الشروط التركية قبل بدء العملية.” واوضح ان دخول تركيا على الخط في مدينة جرابلس “.. اسهم في تأجيج الصراع المباشر بين مجموعات المعارضة المختلفة المؤيدة للولايات المتحدة واخرى مؤيدة لتركيا، من جانب، مع فصيل قوات سوريا الديموقراطية.”

http://www.understandingwar.org/backgrounder/turkish-incursion-northern-syria-signals-turning-point-anti-isis-fight

تركيا
اوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دوافع الرئيس اوباما ارسال نائبه جو بايدن لزيارة انقرة بدلا من وزير خارجيته جون كيري، الذي كانت زيارته مقررة مسبقا، بأن ذلك يعود “لادراكه خطورة تداعيات العلاقة الثنائية .. ولقناعة (الثنائي اوباما وبايدن) بأن تصدر بايدن اللقاءات الرسمية مع نظرائه الاتراك ومهارته الديبلوماسية من شأنها اعادة التوازن للعلاقات الاميركية التركية.” واستدرك بالقول ان بايدن “من المرجح الا يفلح في حل المسائل المدرجة على جدول اعماله .. بيد ان اعادة الاتصال الديبلوماسي على اعلى مستوى ممكن، من شأنه تخفيف حدة التوترات بعض الشيء.”

https://www.csis.org/analysis/biden-back-turkey-personal-diplomacy-after-coup-attempt

صعود داعش اوروبيا
نظم معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى سلسلة ندوات تناول فيها جهود مكافحة الارهاب على المستوى العالمي، ودق ناقوس الخطر امام الاوروبيين بعد سلسلة “هجمات مدهشة” شنها تنظيم داعش التي جددت “الشعور بحجم التهديدات الماثلة امام الغرب وهي اكبر كثيرا مما كان يعتقد في السابق؛ ولا تقتصر على تطرف ما ينوف عن 5،000 مواطن اوروبي ممن غادروا للقتال في صفوف الدولة الاسلامية في سوريا والعراق، ومؤخرا في ليبيا.” واضاف ان جملة الهجمات الاخيرة ان دلت على شيء فهي “تدل على عزم وتصميم التنظيم للتخطيط وتنفيذ هجمات ضد اهداف غربية اشد تعقيدا ودموية من فوضى العمليات الصغيرة.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-rise-of-isil-counterterrorism-lectures-2015

التحليل

تقنيات القرصنة المتطورة
تهدد الاجراءات الانتخابية الاميركية

ثغرات أمنية ام قرصنة للتزوير
تسارعت وتيرة القرصنة ضد مؤسسات اميركية، رسمية وتجارية، على السواء في المرحلة الراهنة، وواكبتها حملة متجددة لشيطنة منافسي واشنطن الدوليين: بكين وموسكو، الضحية كان المواطن العادي باخفاء الدليل والبرهان بغية صقل وعي متجدد يستعيد اجواء الحرب الباردة لتعزيز الصناعات العسكرية والأمنية في الولايات المتحدة.
سخرت عدة مؤسسات اميركية واخصائيين في مجال التقنية من سيل الاتهامات الرسمية غير الموثقة، عشية المؤتمر العام للحزب الديموقراطي وقرصنة سجلاته الخاصة والسرية، وما نجم عنها من اقالة واقصاء خمسة من كبار الشخصيات النافذة، بما فيها الرئيس التنفيذي، ديبي واسرمان شولتز.
في سياق التهكم من الادعاءات الرسمية، نشرت يومية بوليتيكو، 5 آب، تحقيقا بعنوان “كيف باستطاعتك قرصنة الانتخابات خلال 7 دقائق،” موضحة سعي الاستاذ في جامعة برينستون العريقة، اندرو آبل، محاكاة القرصنة عبر شرائه اجهزة مستعملة مختصة بعملية التصويت ومتوفرة تجاريا، بكلفة متدنية نحو 82 دولار، من صنع “شركة سيقويا لنظم التصويت، انتاج عام 1997، استطاع عبرها “اختراق” اجهزة تسجيل وحفظ نتائج تصويت الناخبين بيسر بالغ لاجهزة “مسخرة للاستخدام في ولايات لويزيانا، نيو جيرسي، فرجينيا وبنسلفانيا.” كلفتها الاصلية بلغت 5,200 دولارا.
امعانا في السخرية من اتهامات رسمية للصين وروسيا، اوضح الاستاذ الجامعي ان احد معاونيه الطلبة، اليكس هالدرمان، استطاع التغلب على قفل الجهاز في سرعة قياسية “7 ثواني،” وشرع مباشرة في استبدال شرائح الذاكرة الدقيقة بشرائح اخرى من اختياره، بسهولة.
واوضحت “مجموعة برينستون،” كما اضحت تسمى، ان مختلف نماذج الاجهزة المعتمدة في الانتخابات هي “أقل أمنا وسلامة من هواتف آبل من طراز آي فون،” خاصة في برامجها المشغلة المليئة بالثغرات. يذكر ان نماذج الاجهزة الالكترونية المختصة بالانتخابات بلغت كلفتها الاجمالية ما ينوف عن 4 مليار دولار.
ما يضاعف احتمالات اختراق الاجهزة الموزعة على كافة الدوائر الانتخابية انها تخضع لاشراف سلطات الولايات المحلية، وليس لهيئة مركزية بضوابط معتمدة، كما توضح وزارة الأمن الداخلي للدلالة على سهولة القرصنة والتلاعب بنتائج التصويت. كما اشارت الوزراة الى اقلاع عدد من الهيئات الانتخابية المحلية عن استخدام الاجهزة الالكترونية واستبدالها بقوائم ورقية وصناديق تم الاقلاع عنها لعدم القدرة على وقف حاسم للاختراقات.
اما بلورة قواعد وتدابير عامة ملزمة للجميع فهي من صلاحية “معهد المقاييس الوطني،” باشراف لجان دوائر الانتخابات المحلية التي يبلغ تعدادها نحو 9000 دائرة.
القلق العام من التلاعب والتزوير في الانتخابات العامة دائم ومشروع، وله ما يبرره. الخشية لا تقتصر على جهود قرصنة او اختراق “من خارج حدود الولايات المتحدة،” بل يزخر تاريخ الكيان السياسي الاميركي استخدام اساليب ضغط واكراه لا تخلو منها اي دورية انتخابية تقريبا، خاصة في بعد “استبدال الصناديق بأخرى مثقلة باوراق تصويت بديلة.”
بعض امثلة التزوير القريبة في التاريخ: السيناتور عن ولاية لويزيانا، هيوي لونغ، امسك به متلبسا بتزوير الصناديق عام 1932؛ السيناتور آنذاك عن ولاية تكساس، ليندون جونسون، قام بتزوير ما لا يقل عن 20،000 صوت عام 1948؛ التزوير المتواصل وشبه الثابت في اهم مدينتين: شيكاغو ونيويورك؛ “التزوير” الشهير لبطاقات الانتخاب عام 2000 الذي قام به فريق المرشح جورج بوش الابن في ولاية فلوريدا. في اعقاب تلك الواقعة التي أسرت الشعب الاميركي والمراقبين الدوليين على مدى نحو اسبوعين، صادق الكونغرس على تمويل مشروع “مساعدة اميركا للتصويت،” عام 2000 واستثمار نحو 4 مليارات دولار في تقنية انتخابية وتعميمها على الولايات الخمسين، ثبت ان ثغراتها لا تقل سوءا عن ثغرات النظام اليدوي، ذهبت معظمها الى جيوب شركتين فقط: ديبولد و اي اس آند اس.
في هذا السياق اعربت يومية واشنطن بوست، 2 آب، عن بالغ قلق المسؤولين الاميركيين لتجد اتهامات المرشح ترامب بان نتائج الانتخابات تم تزويرها – في حال خسر الانتخابات، ووصفتها بأنها “كارثة وطنية.”
واوضحت حجم القلق في انتخابات العام الجاري بالقول ان انتخابات عام 2012 الرئاسية شارك فيها نحو 129 مليون مواطن اميركي. التوقعات الاولية، وفق الصحيفة، تشير الى منافسة متقاربة بشدة بين المرشحيْن، ومن شأن “التلاعب ببضع مئات آلاف الاصوات العامة تغيير نتائج الانتخابات.”
من مفارقات التزوير الالكترونية حادثة عام 2003 التي عثر فيها على نحو 40،000 ملف برمجة تخص شركة ديبولد، رفعت على موقع الكتروني للاطلاع العام “والتصرف العام.”

قرصنة ولايتين
حادثة القرصنة الاخيرة تعلقت بالسيطرة على سجلات وبيانات انتخابية لولايتي اريزونا وايلينوي، شملت مئات آلاف الناخبين، وما خفي ربما كان اعظم. الأمر الذي استدعى مكتب التحقيقات الفيدرالي – اف بي آي – اصدار تحذير للقائمين على كافة العمليات والاجهزة الانتخابية في عموم الولايات؛ كما حذرت الحكومة الاميركية ووزارة الأمن الداخلي من ان المس بالنظام الانتخابي يعد تهديدا “للبنية التحتية الحيوية” للبلاد.
شملت السجلات في ولاية ايلينوي نحو 200،000 ملف للناخبين، وما تضمنته من معلومات خاصة، الأمر الذي استدعى السلطات المحلية ايقاف العمل بنظام تسجيل الناخبين لمدة عشرة ايام.
اما في حال ولاية اريزونا، فقد اوضحت السلطات ان نظام التسجيل لديها تعرض لهجمة قرصنة ببرامج ضارة، بيد انها لم تستشعر نسخ اي من بيانات الناخبين.
لم تدم حالة الاطمئنان طويلا، فسرعان ما قفز احد اخصائيي الأمن الالكتروني، ريتش بارجر، لاستعادة ما توصل اليه من تدقيق في ملفات (الاف بي آي)، قائلا ان احد العناوين المميزة، رقم بروتوكول الانترنت، سبق وان تم التعرف عليه في بيان التحذير الصادر عن مكتب التحقيقات قيل انه يعود لمشتبه روسي، فضلا عن ان اسلوب الاختراق “يشبه اساليب سابقة” تم التعرف عليها لمواطنين روس.
استدرك الخبير الأمني بالقول انه وفق الادلة المتوفرة راهنا لا نستطيع الجزم بأن هناك سعي مقصود للتدخل والتأثير في نتائج الانتخابات العامة، وربما كان الهدف هو التوصل لبيانات خاصة ليس الا.
السلطات الرسمية لا تزال قلقة وفي حيرة من أمرها ان نجح قراصنة معينين في اختراق اجهزة الانتخابات في ذلك اليوم مما سيسفر عن حالة فوضى واسعة. مسؤولي الدوائر الانتخابية المحليين وصفوا مذكرة التحذير الصادرة عن (الاف بي آي) بأنها “غير مسبوقة .. لم نشهد تحذيرا شاملا من قبل.”
سلسلة من الاختراقات والقرصنة طالت مؤخرا اجهزة متعددة وبيانات حساسة لمؤسسات تشكل العمود الفقري للحزب الديموقراطي، بالاضافة لقرصنة بيانات “مؤسسة كلينتون الخيرية.” الشكوك والاتهامات الرسمية لا تزال تحوم حول ضلوع روسيا، الأمر الذي يرخي ظلالا كثيفة من الشكوك حول صدقية ودقة الاجهزة الانتخابية المعتمدة.

القرصنة امتداد للسياسة الرسمية
برزت في الآونة الاخيرة تفاصيل قيمة لكيفية عمل الاجهزة الأمنية الاميركية، بشكل خاص، واختراق خصوصيات مواطنيها لا سيما اجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة لتعقب ومضايقة مناوئيها السياسيين.
في احدى الوثائق السرية التي نشرها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي، ادوارد سنودن، بثت محتواها شبكة (سي بي اس) للتلفزة، عام 2012، جاء فيها ان ضباطا في الوكالة ونظرائها الدوليين اشتركوا في سلسلة محاضرات ولجان عمل تهدف دراسة الثغرات الأمنية واختراق تقنية اجهزة الهواتف المحمولة لاهداف تجسسية، في الفترة الزمنية بين تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وشباط/فبراير 2012.
واوضحت الوثيقة ان المشروع بالغ السرية اطلق عليه اسم “البوق المهيّج،” لبلورة سبل اختراق والسيطرة على نشاطات حاملي الهواتف وزياراتهم المتعددة للمحال التجارية وزرع برامج الكترونية ضارة، والتي من شأنها التحكم بجمع البيانات المتعددة من الاجهزة دون علم اصحابها.
تداولت في الآونة الاخيرة الصحف الاميركية ضلوع دولة الامارات العربية المتحدة في تعقب واختراق جهاز آي فون يعود لاحد مواطنيها والناشط في مجال نشر الديموقراطية، احمد منصور. واوضحت التقارير ان الاجهزة الأمنية في الامارات ارسلت له رسائل نصية متعددة تعد بتوفير معلومات سرية حول معتقلين في سجون الدولة، وما عليه الا الضغط على رابط مرفق. ونظرا ليقظة السيد منصور، قام بالاتصال مع مؤسسات أمنية على وجه السرعة.
تبين لاحقا ان البرنامج الضار يعرف بـ بيغاسوس، من انتاج “شركة اسرائيلية” تدعى مجموعة ان اس او، الملحقة بالوحدة رقم 8200 في “القوات الاسرائيلية ” الخاصة بالتجسس الالكتروني. تبين ان عددا من الدول “الاقليمية” اشترت نظام بيغاسوس.
واوضح احد اخصائيي الأمن الالكتروني في مؤسسة سيتيزن لاب ان بيغاسوس عند تشغيله سيكون بمثابة جاسوس رقمي محمول باستطاعته التحكم بكاميرا الجهاز والميكروفون ايضا للتلصص على نشاطات الجهاز عينة وتسجيل المكالمات الهاتفية، الصادرة والواردة، وكذلك المحادثات والرسائل النصية، فضلا عن تعقب كافة الانشطة والحركات.
في اعقاب الكشف عن “الشركة الاسرائيلية” والاضرار المحتملة، سارعت شركة آبل الاميركية لاصدار تحديث لبرنامج تشغيلها آي او اس، وطرحه مجانا في الاسواق.

ارشادات اخصائيي الأمن الالكتروني
ما سيتبع عبارة عن ملخص ارشادات قدمها خبراء واخصائيين في هذا المجال لمركز الدراسات وننشرها طمعا في تعميم الفائدة والوعي باساليب مقاومة لتحصين الفرد من التغول الاستخباراتي والتجسس الأمني.
بداية، ينبغي وعي خاصية تشغيل جهاز الهاتف المحمول اذ ان اغلاقه بالكامل لا يعني انه اصبح آمنا، بل بداخله جهاز تحديد وجهة التحرك، جايروسكوب، يتعقب التحركات واحداثياتها، ووجهة تصفحها افقيا او عموديا.
كما ينبغي على المستخدم ادراك امكانية اختراق تلك الاجهزة الدقيقة وتحويل نبضات اهتزاز الهاتف الى موجات صوتية. يشار الى ان جامعة ستانفورد الاميركية العريقة بالشراكة مع “مؤسسة رفائيل الاسرائيلية” طورت برنامج خاص باجهزة اندرويد من شأنه التحكم بنبضات الاهتزاز، اطلق عليه جايروفون، يسخر موجات الضغط الصادرة عن “الجايروسكوب” وتحويلها لموجات صوتية التي تستخدم للتحكم بالجهاز المحمول الذي سيصبح ميكروفونا متنقلا حينئذ. كما ان من شأن جهاز الهاتف “المقرصن” اختراق جهاز الحاسوب الخاص ايضا، عبر تسجيل النقر على لوحة المفاتيح – كي بورد.
يذكر ان معهد جورجيا تك و معهد ماساتشوستس التقني – ام آي تي اشتركا في اختراع آلية للتجسس على نشاطات جهاز الكمبيوتر باستخدام الهاتف النقال، في توجه مشابه.
واضاف الاخصائيون ان “اجهزة الهاتف المحمول تضم بداخلها نسق اجهزة استشعار متطورة،” التي لا يوجد قيود علمية على كيفية استخدامها؛ البعض قام بتسخيرها لتطبيقات ضارة، منها تنسيق نبضات الاهتزاز والنقر على المفاتيح.
الاجهزة والتقنية التجارية المتاحة الآن تقتصر على “فك شفرة” النقر على لوحة المفاتيح في حال وضع الهاتف المحمول بجوار اللوحة. بيد ان التطورات التقنية المتسارعة قد لا تتيح مجالا واسعا من الهدوء والسكينة بالاطمئنان.
ويحث الاخصائيون اصحاب الهاتف النقال على مقاومة الوسائل والتطبيقات المعادية عبر اقتناء غطاء للهاتف يعمل بتقنية تدريع الترددات اللاسلكية، والتي تعزل محطات الهواتف النقال عن تتبع الحركة. بيد ان تلك التقنية تحول من استقبال المكالمات الهاتفية والتي بالامكان التغلب عليها عبر فحص المكالمات غير المكتملة.
وينوه الاخصائيون ايضا الى الثغرة الكامنة في الصور المحتفظ بها داخل الجهاز، والتي يمكن استغلالها لاغراض التجسس على الفرد المعني، اذ تحدد التقنية بيانات تتعلق بالفتحة والبعد البؤري لاي صورة، فضلا عن بيانات تحديد المواقع الملحقة بالصور. بعبارة اخرى، باستطاعة هيئة حكومية تصفح الصور المخزنة وتحديد مكان الفرد عند التقاطها.
كما ان بعص المصورين الحرفيين يستغل وفرة تلك البيانات لاضافة معلومات تجارية خاصة بهم وحقوق الطبع وما شابه.

سنودن معلقا
اجرى ادوارد سنودن مقابلة مع شبكة بي بي سي البريطانية منذ زمن ليس ببعيد، اوضح فيه السهولة الفائقة المتوفرة لدى الاجهزة الحكومية لاختراق الهاتف النقال ببرنامج تجسسي عبر “رسالة نصية واحدة،” اطلق عليه سميرفس، تيمنا بشخصية كارتونية زرقاء اللون.
واضاف ان البرنامج يدعى “الاستغلال،” يعمل بارسال رسالة نصية الى رقم هاتف محدد لكنها لا تظهر على شاشة الهاتف او تترك أثرا لاستضافتها؛ وليس بوسع المستخدم عمل الكثير للتغلب على تلك الثغرة الأمنية بامتياز.
ومضى سنودن بالقول ان بوسع الجهاز الأمني تحديد هوية كل من تلقى مكالمة هاتفية او رسالة نصية من الجهاز المقرصن، فضلا عن تحديد المواقع التي قام المستخدم بتصفحها على شبكة الانترنت، وتصفح قائمة الاصدقاء بالكامل، وشبكات اللاسلكي التي استخدمها الجهاز خلال فترة زمنية معينة.
وحذر قائلا ان الاجهزة الرسمية “باستطاعتها التقاط صورا” لحامل الجهاز.
تشمل سميرفس مجموعة من التطبيقات الخاصة، منها:
دريمي سميرف: اداة مصنفة في خانة التحكم بمصدر الطاقة، والتي باستطاعتها تشغيل الجهاز واطفائه دون علم صاحبه.
نوزي سميرف: اداة تتحكم بتشغيل المايكروفون ضمن الجهاز، حتى في حال اطفاء الجهاز.
تراكر سميرف: تطبيق برنامجي لتعقب وتحديد احداثيات فرد ما بدقة اعلى مما توفره ابراج الهاتف النقال المثلثة.
بارانويد سميرف: برنامج مهمته التغلب واخفاء اي آثار على “الزيارة” للجهاز المعني، الحيلولة دون انجاز اي محاولة تدقيق للتعرف على المصدر.