التقرير الأسبوعي 09-16-2016

المقدمة
اثناء الاحتفاء بذكرى هجمات 11 أيلول/سبتمبر في نيويورك، شاهد العالم خروج كلينتون المفاجيء قبل نهاية المراسم ومن ثم انهيارها وهي تهم في الصعود لمركبتها الخاصة وترنحها قبل ان يسعفها المرافقين. لم يكن اشد المتشائمين بحالة المرشحة كلينتون يترقب تجسيد حي لشكوكه في سلامتها الجسدية. وتجددت حملات التشكيك وتوسعت دوائرها لتلقي ظلالا من الشك حول مضي المرشحة استكمال السباق الانتخابي، واهليتها لتبوء منصب الرئيس.
سيستعرض قسم التحليل الحدث الأهم والشاغل في المشهد السياسي الاميركي، الوضع الصحي لكلا المرشحين، وما يستدعيه من تفكير النخب السياسية بالبدائل، خاصة في حالة وفاة كلينتون او عدم استطاعتها الاستمرار في السباق الانتخابي، وطرح بعض القيادات المرشحة، نظريا، لخلافتها.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
السعودية
في حمأة صراع النفوذ بين البيت الابيض والكونغرس، صادق الاخير على قرار يتيح للمواطنين الاميركيين “المتضررين من هجمات 11 ايلول 2001” مقاضاة السعودية، افرادا ورسميين، بعد وقت وجيز على نشر الصفحات “السرية” سابقا والتي تشير بوضوح الى ضلوع عدد من المسؤولين والمواطنين السعوديين في التمويل.
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كان من ابرز المؤسسات المناهضة لقرار الكونغرس خشية تداعياته على “العلاقة المركبة لاميركا مع السعودية الشريك الاستراتيجي الاصعب.. وما يمثله من أهمية استراتيجية للمصالح الأمنية المعقدة في منطقة الخليج.” وزعم المركز ان قرار الكونغرس استند الى ادلة ضبابية وردت في الصفحات المفرج عنها التي “لم تدين تورط الحكومة السعودية في اي شيء .. واخفق في ادراك الأهمية البالغة لدور السعودية في التصدي لايران وكذلك في محاربة الارهاب في المنطقة.” كما اتهم الكونغرس وقراره بالتهور نظرا “لتجاهله ابعاد القضايا المتعلقة بنصوص القانون الدولي التي سيثيرها قراره واحتمال فتح الابواب على مصراعيها لمقاضاة (الحكومة) الاميركية، بل اتخذ قراره دون اخضاعه للنقاش،” كما تقتضي الاجراءات السارية.

https://www.csis.org/analysis/saudi-arabia-and-justice-against-sponsors-terrorism-act?block3

داعش
شاطر معهد كاتو رؤية الادارة الاميركية بنفي ضرورة ارسال قوات برية لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية “لا سيما في ظل تراكم خسائره التي يخشى البعض ان تضطره العودة لجذوره في التعبئة وتشجيع تنفيذ هجمات في المنطقة وما هو ابعد منها.” وناشد صناع القرار التزام قواعد الاشتباك السابقة ضد “المنظمات الارهابية (عبر) استمرارية الضغط على استهداف قادة التنظيم، والحيلولة دون قدرته على استقطاب اعضاء جدد وجمع التبرعات المالية.” ووجه رسالة الى انصار التدخل العسكري بأن “مقتل الارهابيين لا يستدعي نشر عشرات الآلاف من القوات المقاتلة الاميركية وانخراطها في الحروب الاهلية الجارية في منطقة الشرق الاوسط.”

http://www.cato.org/publications/commentary/ground-troops-not-required

اشار معهد هدسون الى قدرة تنظيم القاعدة البقاء على قيد الحياة بالرغم من التحديات التي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية واستطاع الاول “استغلال ظاهرة بروز داعش على الساحة واعتباره فرصة استراتيجية، بالابتعاد عن وحشيته وتبني استراتيجية استقطاب بعيدة عن الانظار.” واضاف ان تنظيم “القاعدة نجح في رفد صفوفه بهدوء وسرعة نسبية مكنه من بسط سيطرته على مزيد الاراضي وانغمس في اوساط التجمعات المحلية.” واردف ان تبني “القاعدة اسلوبا هادئا مغايرا لاسلوب المفاخرة والتباهي لتنظيم الدولة جاء بخلاف توقعات معظم المراقبين .. واجتاز بنجاح عاصفة تنظيم الدولة.” اما نجاح تنظيم القاعدة فقد عزاه المعهد الى تضافر عدة عوامل اساسية، منها “هزيمة تنظيم القاعدة في العراق بين 2007-2009، اجواء الربيع العربي، وصعود تنظيم الدولة الاسلامية .. واضحت في موقع للنجاح افضل كثيرا من تنظيم الدولة الاسلامية على المدى الطويل.”

http://www.hudson.org/research/12788-how-al-qaeda-survived-the-islamic-state-challenge

سوريا
سعى معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى استشراف الاوضاع في سوريا بعد التدخل الروسي الذي سييبدأ عامه الثاني قريبا “الرامي لاستعادة امجاد القوة الروسية .. واعادة التوازن الى علاقاتها الدولية على حساب اميركا.” وزعم ان الحضور الروسي القوي يأتي في اعقاب قرائن تشير الى “عدم الرغبة الشديدة الادارة الاميركية الحالية الانخراط” في شؤون المنطقة. واعرب عن اعتقاده ان روسيا نجحت في توفير الحماية “لمناطق تعتبرها مهمة استراتيجيا،” اما الاستمرار في المحافظة عليها “يتيعن على موسكو ارسال المزيد من القوات البرية .. وقد تتمكن مع ايران من اقامة سيادة مشتركة تسيطر على البلاد باكملها تقريبا،” ومساعدة روسيا لحزب الاتحاد الديموقراطي لاحكام سيطرته على “ممر ضيق يربط عفرين مع بقية روج آفا .. التي من شأنها ان توقف تقدم المتمردين المدعومين من الاتراك في الشمال، وبالتالي حماية حلب وتسهيل استعادة وادي الفرات.” كما اعرب المعهد عن اعتقاده بأن روسيا “ستعزز وجودها في تدمر، المكان المثالي لتثبيت قاعدة رادار تغطي كافة منطقة الشرق الاوسط.” كما اوضح ان السعودية “لا يمكنها السماح بفوز ايران في سوريا .. بيد ان الاوراق هي في ايدي اردوغان وبوتين.” وحث المعهد الرئيس الاميركي المقبل “الاضطلاع بدور اكبر في سوريا، اذ ان روسيا وايران تسبقان الولايات المتحدة بعدة خطوات.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/what-will-year-two-of-russias-syria-intervention-bring

الاتفاق الثنائي بين واشنطن وموسكو حول اقامة هدنة في سوريا نال اعتراضات واسعة داخل الاوساط الاميركية، واثار معهد ابحاث السياسة الخارجية مسألة “مستقبل حزب الله .. اذ ان قراره بالمشاركة في سوريا ينطوي عليه بسط نفوذه على دائرة اوسع ستبقى بعد اتفاق صعب المنال لوقف الاعمال العدائية.” واوضح ان الموقف السائد في الغرب ان مستقبل الحزب مرتبط بمستقبل الرئيس الاسد، اذ ان “نجاحه او الاطاحة به قد تحدد معالم انتصار او انحسار حزب الله.” كما اشار المعهد الى ان قوى الحزب بعد انخراط متواصل في سوريا اضحى “قوة اقليمية، اشد تطورا وشمولية، وطائفي بشكل اكبر، ومنظمة تثير مزيد من الانقسام .. اما مكانته المستقبلية وانعكاسها على المدى الطويل سيكون لها مفعول الديمومة والانتشار بصرف النظر” عن العوامل الاخرى.

\http://www.fpri.org/article/2016/09/syrian-civil-war-end-hezbollah/

التحليل

الحالة الصحية لكلينتون
وتداعياتها المرتقبة على المنصب الرئاسي

نوبة في طريق الرئاسة
يجمع المشهد السياسي الاميركي على ان المرشحة كلينتون بخبرتها وحضورها الطويل هي الاشهر والاكثر اثارة لجدل الحياة السياسية، واسهمت خبرتها المتواصلة وديمومة بقائها في المشهد العام في حسم الاراء الشعبية نحوها منذ زمن، على أقل تقدير. لهذا دلالته على ما يمكن للمرء توقعه من انحياز قطاعات من الناخبين في اللحظات الاخيرة، كما يراهن الحزبين عادة.
تتميز الحملة الانتخابية الحالية بتراجع اولويات القضايا السياسية والاجتماعية، قبيل انعقاد الانتخابات بنحو 50 يوما، واستبدالها بنواحي خاصة بشخصي المرشحيْن، تسهم فيها وسائل الاعلام المتعددة بدور محوري، والتي رسخت في ذهن المواطن العادي “ضرورة” تتبع السلوك والمظهر الشخصي للمرشح، بشكل اساسي، وما تبقى من وقت يمكن توزيعه على القضايا الاخرى.
تعرضت هيلاري لحالة اغماء مطلع الاسبوع امام انظار الجمهور ووسائل الاعلام على السواء، اضطرت على اثرها لتعديل برنامجها اليومي والخلود الى الراحة على الفور. سارعت حملتها الانتخابية لتدارك الأمر والقضاء على تسريبات تبتعد عن الدقة والمهنية، وافرجت تدريجيا عن بعض اعراض السيدة كلينتون قائلة انها تعاني من التهاب رئوي، ووصفت السيدة كلينتون ما أصابها بعد ساعات معدودة بأنها تعرضت “لارتفاع في درجة الحرارة.”
بيد ان المسعى لم يكلل بالنجاح او يشفي غليل المؤيدين والمتربصين على السواء. المعلق في شبكة فوكس نيوز، إد كلاين، زعم ان المسألة “أعمق من مجرد التهاب رئوي،” مضيفا ان زوجها الرئيس الاسبق بيل كلينتون يدرك مدى ازمة زوجته الصحية “وناشدها منذ بضع سنوات دخول المستشفى واجراء فحوصات طبية شاملة،” بيد انها رفضت العرض. واردف كلاين ان نوبة الاغماء تكررت مرارا في حياتها الخاصة، لكن الحادثة الاخيرة هي الاولى على مرآى ومشهد الجميع.
تعليقات المحللين سلطت الضوء على ما تتهم به الدائرة الضيقة لكلينتون بانها تبذل قصارى جهدها “لاخفاء الأمر .. وتشييدها حائط منيع من السرية يماثل جدار ترامب” في مدى الاهتمام الذي يقارب الهوس. بعض المؤيدين لكلينتون في الادارة الاميركية اوضحوا ان “الحالة الصحية ليست منبع قلق بقدر ما هو الافراط في السرية والتكتم.”
غاب عن المسرح والتداول تشخيص آراء وتوجهات المرشحة كلينتون الحقيقية وميلها للتدخل العسكري في العالم، اذ تنبيء بعودة المحافظين الجدد لتبوأ صنع القرار، لا سيما في ظل غياب او تغييب اي اثارة لعدد من مؤيديها المدانين بالمجازر: هنري كيسنجر ومادلين اولبرايت. المرشحة كلينتون لم تضمر يوما تأييدها الشديد لتطوير اسلحة نووية حديثة “تكتيكية” لاستخدامها في حروبها “التقليدية.”

اعياء يستدعي مرشح بديل
عقب الاعلان عن “النوبة” تسابقت الاراء والمقترحات لدفع قيادات الحزب الديموقراطي الاقدام على اتخاذ خطورة “استباقية” بالتحضير لتعيين مرشح بديل للمرشحة كلينتون، ان تطلب الأمر، وما لبثت ان تلاشت تلك الدعوات فور تصريح الرئيس اوباما الحاد بدعمه خليفته المقبلة في اليوم التالي امام حشد انتخابي في مدينة فيلادلفيا. وشدد الرئيس اوباما علن ان المرشحة كلينتون “بحالة عقلية ممتازة.”
في الفترة الزمنية عينها، استطاع المرشح المنافس دونالد ترامب تجسير الهوة الفاصلة بين المؤيدين، وكان المستفيد الاول من “نوبة” هيلاري اذ سرعان ما عزز نسبة تأييده بين الناخبين الى معدلات أعلى لم تكن في الحسبان.
يشار الى ان السيدة كلينتون شنت هجوما حادا غير مسبوق على انصار ترامب، قبل يومين من تعرضها للاغماء، واصفة جمهوره بازدراء شديد وان نصفه يشكل “سلة من التعساء واليائسين،” منتهكة احد المعايير الانتخابية السائدة بتقبل الاساءة الى شخص المرشح، والتعامل الحضاري مع الجمهور الانتخابي بشكل عام.
تراجع “شعبية” السيدة كلينتون، مع احتدام السباق الرئاسي لا يبشر خيرا لقيادات الحزب الديموقراطي، خاصة وان نسب الفوارق السابقة كانت تميل لصالحها بمعدل يدعو على الارتياح. قادة وانصار الحزبين يترقبون بشغف ما ستسفر عنه الحالة المرضية للسيدة كلينتون في اعقاب تقرير طبي رسمي يوصف النوبة بدقة.
انبرى لتحليل “النوبة” عدد من الاخصائيين في كبرى كليات الطب، احدهم محاضر في الطب بجامعة بوسطن، توبي بيركويتز، معتبرا عزم حملتها الانتخابية “التقليل من أهمية الحالة الطبية،” أمر اساء لها بشدة. واردف ان اي محاولة تلطيف قد تقدم عليها الحملة لن تفلح في اخفاء جدية ما تعرضت له او الاطاحة جانبا بالرأي العام بعد اطلاعه على هشاشة اللحظة.
وشاطر بيركويتز اراء بعض المتفائلين بأن انشغال العامة بنوبة كلينتون ابعد عنها نصال السهام السياسية الموجهة لفضيحة بريدها الالكتروني، وكذلك القفز عن تداعيات تصريحاتها بازدراء مؤيدي ترامب “البؤساء.”
اشار البعض الى تباين رواية الرئيس الاسبق كلينتون، بعد يومين من الحادث، عن حال زوجته قائلا انها “ستسأنف حملتها الانتخابية فور تعافيها من حالة انفلونزا.”
تشخيص الحالة طبيا حسمها طبيبها الخاص، ليسا بارداك، باصدارها تقرير موجز يصف ما تعرضت اليه من “التهاب رئوي غير معدٍ،” ووصفت لها تناول علاج بالمضادات الحيوية. واضافت الطبيبة، ورئيسة قسم الامراض الباطنية في مجمع كيرماونت الطبي بولاية نيويورك، ان السيدة كلينتون راجعتها عدة مرات في الاسبوع السابق، وما توصلت اليه هو تعرضها لالتهاب رئوي خفيف.
بيد ان التقرير المهني لم يضع حدا للتكهنات خاصة لبعض المنافسين والمهتمين بحالة جهازها العصبي، نظرا لتكرر الحادثة في السابق وربما بصورة أشد، فضلا عن رفضهم اعتبار التقرير الطبي “كاملا ونهائيا.”
الرئيس التنفيذي لجمعية الاطباء الاميركيين وطبيبة جراحة، جاين اورينت، قالت لبعض وسائل الاعلام المحافظة في اليوم التالي “ما يعنيني بشكل اكبر هو السجل الكامل واحتمال تعرضها لعوارض جدية مثل الارتجاج الدماغي .. والذي سيترك تداعياته على قدرة القراءة والكتابة والتفكير، او تجلط دموي في احد الشرايين الرئيسة في الجيوب الأنفية العرضية ووظيفتها في التصريف.”
واردفت “اورينت” ان مراجعة عدد كبير من اشرطة الفيديو للسيدة كلينتون تدل على “تعبيرات في الوجه غير مفهومة،” مما يشير الى احتمال تعرضها لنوبة او نوبات صرع التي قد تدل على تعرض الدماغ لصدمة في فترة سابقة.
قسم آخر من الاخصائيين فسر تغيرات الوجه المشار اليها بأنها ناجمة عن تعرضها لعوارض اولية لشلل باركينسون الرعاشي او الاهتزازي، ربما اصابها عام 2005 تقريبا. بيد ان الاستدلال على تلك النتيجة يستوجب اجراء سلسلة فحوصات للجهاز العصبي، الأمر الذي لم يأتِ ذكره في تقرير طبيبتها الخاصة.
انضم الحارس الخاص السابق للسيدة كلينتون، غاري بيرن، الى حكم شبه جازم بتعرضها لمرض باركينسون، وهو الذي رافقها في حلها وترحالها منذ عام 1999 ولغاية عام 2003.
وزاد بعد مشاهدته الفيديو الشهير ان الأمر “المثير للقلق .. انها قصدت شقة ابنتها السكنية بدلا من غرفة الطواريء،” لا سيما وان اجراءات الحراسة الخاصة تقتضي معرفة كافة افراد الطاقم الوجهة المثلى لأقرب مستشفى مهما كانت الظروف. واضاف ان ذلك المشهد يدل على رغبتها في تلقي العلاج بعيدا عن انظار العامة من قبل اخصائيين واطباء من اختيارها، بل ان طاقم حراستها المناوب ادرك على الفور ان شيئا غير عادي تعرضت له في تلك اللحظة وكان على أتم استعداد لكل الاحتمالات.

صحة ترامب
برنامج المرشح ترامب الانتخابي يشهد نشاطا اكبر ووتيرة تحرك اكبر من منافسته كلينتون، وهو في العقد السابع من العمر. تباهى ترامب بحالته الصحية “الممتازة،” واقراره بأن هناك زيادة في وزنه تبلغ نحو 15 رطلا، استنادا الى فحص طبي حديث العهد اجراه طبيبه الخاص، هارولد بورنستين، الذي زعم مؤخرا ان السيد ترامب “عند انتخابه سيكون الأصح بين الرؤساء عبر التاريخ السياسي” للكيان الاميركي.
مثابرة ترامب على الالتزام ببرنامج انتخابي مكثف يشكل تحديا اضافيا للسيدة كلينتون وفريق حملتها الانتخابية للحاق به على حساب حالتها الصحية، وهي التي بحاجة الى اثبات أهليتها الجسدية والعقلية للقيام باعباء منصب الرئيس والتغلب على الشكوك المتراصة امامها.

كلينتون: احتمالات مفتوحة
تنشط الاجتهادات الفكرية في تحديد معالم المرحلة المقبل في حال تعرض السيدة كلينتون “للوفاة او مرض يقعدها عن استكمال الحملة الانتخابية.”
الرئيس الاسبق للجنة الوطنية للحزب الديموقراطي، دون فاولر، والذي تربع على المنصب من عام 1995 لغاية عام 1997، ابان ولاية الرئيس كلينتون، ادلى بدلوه في المسألة مناشدا الرئيس اوباما وقادة الحزب الديموقراطي في الكونغرس بلورة آلية عمل للبحث عن مرشح بديل لهيلاري كلينتون على وجه السرعة، وذلك في سياق الاعداد لاسوأ الاحتمالات.
واشار فاولر بوضوح الى مثال استبدال الحزب الديموقراطي مرشحه لمنصب نائب الرئيس، توماس ايغلتون، عام 1972 بالمقرب من آل كنيدي، سارجنت شرايفر؛ موضحا انه المرة الاولى التي اقدم فيها حزب رئيسي على تعديل احد مرشحيْه في حمأة السباق الرئاسي.
واستدرك بالقول ان عملية التبديل آنذاك سارت بسلاسة ويسر ملحوظ، اما في حال السيدة كلينتون فمن المتوقع ان تتسم بالحدة والتشنج، وقد تدفع مؤيدي كل من نائب الرئيس جو بايدن والمرشح السابق بيرني ساندرز للعمل المكثف. ولهذا السبب، اضاف، ينبغي على قيادة الحزب الاعداد مسبقا وتفادي معارك جانبية ضارة، عبر الدعوة لانعقاد جلسة طارئة لاختيار المرشح الانسب او مرشح توافقي.
من بين التحديات العملياتية لبروز مرشح بديل عن السيدة كلينتون انتهاء اللجان الحزبية في معظم الولايات من اعداد قوائم الانتخابات الرسمية التي تظهر السيدة كلينتون، وربما يحتاج الأمر الى تدخل المحكمة العليا لفرض ادراج المرشح البديل.
محصلة الأمر في الحقيقة هو بعهدة الهيئة الانتخابية التي سيدلي اعضاءها غير المنتخبين باختيار المرشح الرئاسي، ونظرا لطبيعة تكوين الهيئة باعضاء حزبيين ملتزمين فان اختيار بديل السيدة كلينتون لن يكون عسيرا، في تلك الحالة.
نصوص الدستور الاميركي حسمت احتمال وفاة المرشح الرئاسي قبل ادائه اليمين الدستوري، يبرز المرشح لمنصب نائب الرئيس في المرتبة الاولى تلقائيا، وتوكل له مهمة اختيار نائب له ومصادقة مجلس الشيوخ عليه. ما عدا ذلك، فاي فراغ في المنصب يتم معالجته داخل الهيئة الانتخابية.

ابرز الاحتمالات
مسيرة السيدة كلينتون لمنصب الرئاسة تعد من اطول الحملات الانتخابية، بعد ان برزت ملامح رغبتها بذلك عام 2000، وشرعت منذئذ في الاعداد التدريجي والتخطيط الدؤوب لنضوج الظروف الضرورية. ومن غير المرجح ان تقدم السيدة كلينتون تلقائيا على التخلي طواعية عن تجسيد حلمها، ان لم تتعرض لحالة وفاة او غيبوبة لا عودة منها.
وربما ستمضي الرياح بعكس ما تشتهيه سفينة كلينتون وعدم قدرتها تجسير الفواصل الشعبية الكبيرة في الفترة الزمنية القصيرة المتبقية، الأمر الذي سيحفز قيادة الحزب الايعاز لها بالتنحي ولو مكرهة.
امام هذا الاحتمال، هناك شبه اجماع على شخص الرئيس اوباما لابلاغ السيدة كلينتون القبول بموقف تبغضه بشدة، وهي تدرك تماما ان “انسحابها” يعني نهاية نفوذ جناح آل كلينتون داخل الحزب الديموقراطي، وما سيتركه من انعكاسات سلبية على استمرارية تمويل مؤسسة كلينتون الخيرية.
وقد يتم تجنيد بعض كبار الاثرياء الداعمين للحزب الديموقراطي بممارسة دورر ضاغط على السيدة كلينتون للتنحي، مقابل التبرع السخي بملايين الدولارات للمؤسسة المذكورة، بيد ان العقبات القانونية تبرز كأكبر عائق اما هذا الخيار لتعارض التبرع بمبالغ كبيرة مع نصوص القوانين السارية بذلك.
وربما يجدد التاريخ تجسيد حلم نائب الرئيس جو بايدن بتبوأ المنصب يعينه في ذلك قربه الشديد، لا سيما فكريا ومباديء، من القيم التي يجسدها الرئيس اوباما، على الرغم من تقدمه في السن هو الآخر اذ يبلغ 73 عاما.
بعض الحالمين من قطاع المرأة شرع بطرح السيدة ميشيل اوباما للمنصب، طمعا في استعادة تأييد القطاعات الاجتماعية التي اوصلت الرئيس اوباما لولايتين رئاسيتين. من المستبعد ان تنظر السيدة اوباما بالأمر، وهي تدرك ما يترتب على المنصب من متاعب واعباء.
الاحتمال الاكثر واقعية يتمحور حول بقاء السيدة كلينتون في مكانها كمرشحة رئاسية، وتوزيع المهرجانات الخطابية على عدد اكبر من قادة الحزب الديموقراطي نيابة عنها، وضبط برنامج تحركاتها بقيود اكبر من السابق. امام هذا الوضع يتوقع ان تشهد الساحة الاعلامية انفتاحا اكبر من القائمين على حملتها الرئاسية لتفاعل اكبر وتقويض بعض الاسوار المقامة حول السيدة كلينتون، كما يطالب عدد كبير من مؤيديها ومناوئيها على السواء.