Week of May 10, 2023

Is America a Week Away from an Immigration Crisis?

 

Next week, on May 11, America may be heading to an immigration crisis that has never been seen in the US, despite the unauthorized immigration floods of the past two decades.

One stark way to look at it is that every day, the equivalent of one army division of people will flood the US southern border.  Currently, about 8,000 illegal immigrants are crossing the border every day.  Next week, it may surge to 14,000.

The new flood is due to the expiration of Title 42, which tried to limit border crossings due to the Covid epidemic.

The new situation is so important that even Democrats are warning about the crisis.  Jeh Johnson, who served as Homeland Security Secretary under Obama, said Biden’s plan to monitor, process, and release the immigrants is not feasible as there is expected to be chaos once Title 42 is removed.

The Biden Administration has made it clear they do not plan on focusing or deterring the influx of immigrants.  Rather they plan to absorb the unauthorized immigrants and process them faster.

“When you have people coming across our southern border in such numbers, even with the additional resources we have now, it’s simply not feasible to keep track of them all.  And the backlog in cases just grows and grows, and communities along the southern border are forced to absorb these larger numbers,” Johnson said.

Johnson once considered 1,000 unauthorized immigrants crossing a day a crisis as they strained border towns.  With 8 to 14 thousand entering, they are not only straining border towns, but cities thousand miles away.

Texas has started transferring immigrants already processed by the Customs and Border Patrol.  These new migrants are being transported to New York, Chicago, Washington DC, and Philadelphia.

Ironically, these cities, which once said they welcomed migrants are complaining that they too are seeing their services being overloaded by this influx of migrants.  Outgoing Democratic Mayor Lori Lightfoot sent a letter to Texas Governor Abbot asking him to stop sending any more unauthorized immigrants to her city.

“We simply have no more shelters, spaces, or resources to accommodate an increase of individuals at this level,” Lightfoot said.  Ironically Chicago once called itself a “sanctuary city” and refused to cooperate with federal officials in deporting unauthorized immigrants.

Texas Governor Abbot responded by writing, “As the mayor of a self-described sanctuary city, it’s ironic to hear you complain about Chicago’s struggle to deal with a few thousand illegal immigrants, which is a fraction of the record high numbers we deal with in Texas on a regular basis.”

Abbot is restarting the bus trips to Chicago this week.  He is also asking Lightfoot to call on the Biden Administration “to do its job.”

Other northern mayors like New York City are also finding it hard to cope with the migrant influx.

 

Deadly Influx

Anti immigrant’s hawks in the US are claiming that “this flood of migrants isn’t simply people who are looking for work and a better way of life.  The migration is controlled by the Mexican drug cartels.  Migrants, called “mules,” carry loads of drugs across the border”.

They also point to the Caterpillar Training Center just south of Tucson, Arizona was the scene of a drug gang gun fight when the site was closed for a weekend.

The President of the National Border Patrol Council, Brandon Judd, has said that when Title 42 is lifted, the drug cartels will have complete control over the border.

“Once Title 42 goes away and the explosion happens, they’re going to control our entire southwest border,” Judd said.  “When they do that, that’s when [the cartels] are going to be able to bring in all their products, such as fentanyl, the dangerous drugs, the criminal aliens, and the aliens from special interest countries.  All of that is going to go up and it’s going to be Americans that are going to pay for it.

 

Why do Politicians let this happen?

Although many Americans, including those of Hispanic descent, want strong border controls, the politicians in Washington DC don’t do anything about it.

Some blame political donors, of both parties, who find it in their interest to have cheap illegal workers, who can drive down wages.

Then, there are some who see the inability to manage the migrant crisis as the opening of a new revolution.

Anti immigrants are spreading fear and accuse pro immigrants that they intend to overload the welfare system, so that it would destroy the American economic system, creating chaos and violence in the street – leading eventually to revolution.

2023-10-05-التحليل

التحليل

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

متاعب الهجرة إلى أميركا:
تدابير عسكرية لأزمة إنسانية

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

حرّكت إدارة الرئيس بايدن مواردها سريعاً صوب الحدود الجنوبية مع المكسيك قبيل تكهّنات بتدفق غير مسبوق من لاجئي أميركا اللاتينية قبل انتهاء مفعول المادة 42، في 11 أيار/مايو الحالي، من القانون المؤقت للرعاية الصحية للمهاجرين الذي أفرزته جائحة وباء كورونا، والذي يفتح كوة ضئيلة في قانون الهجرة الرسمي لاستقبال المصابين ومعالجتهم والسماح لهم بالبقاء “المؤقت”، باستثناء بتّ  قضايا اللجوء السياسي.

وقد جنّدت على الفور نحو 1،500 عنصر من القوات العسكرية الرسمية ليتخذوا مواقع مانعة على امتداد الحدود الجنوبية، وعزّزت قوات أخرى قوامها “2،500 عنصر من قوات الحرس الوطني ونحو 19 ألف ضابط من جهاز حرس الحدود” في مهام مراقبة واعتراض سيل المهاجرين، مكمّلة بعضها بعضاً.

درج السياسيّون الأميركيون من الحزبين على المبالغة في أعداد المهاجرين واللاجئين من أميركا الوسطى والجنوبية، كلّ لتحفيز مناصريه ضد الآخر، وتكاد لا تخلو أجندة المرشحين لمناصب سياسية مهمة من لهجة التحذير من “خطورة الهجرة غير المشروعة على الداخل الأميركي”، وتحميلها مسؤولية آفات المجتمع من تصاعد موجات الجريمة المنظمة وتفشي المخدرات والاتجار بها.

جوهر المسألة أن قوننة تلك القضية يبقى من صلاحيات الكونغرس لاستصدار تشريعات موازية وقوانين فعّالة، لكنه بمجلسيه لم يُقدم على “تنظيم” موجات العمّال الموسميين الآتين عبر الحدود الجنوبية، نظراً إلى الاستفادة القصوى لرؤوس الأموال من تلك اليد العاملة والرخيصة، وكذلك لنفوذ الشركات الكبرى الطاغي في واشنطن.

لا يحظى أولئك العمّال بأي رعاية أو حماية قانونية من سطوة أصحاب المؤسسات المشغّلة، علماً أن أجورهم المتدنّية ترفد الخزانة الأميركية باقتطاع الضرائب المستحقة منهم، وتشكّل حافزاً لأرباب العمل للإبقاء على تدني الأجور في قطاعات عدة من النشاطات الاقتصادية. على سبيل المثال، يشكّل مبلغ 15 دولاراً في الساعة الحد الأدنى للأجور “رسمياً”، لكن ذلك ينطبق على معدلات المعيشة لأكثر من 40 عاماً، بحسب الخبراء.

من بين الإجراءات المرجّح إقدام الإدارة الأميركية عليها “للحد من موجات الهجرة” يبرز  خيار إنشائها “مراكز جديدة لبت طلبات اللاجئين في كل من غواتيمالا وكولومبيا واستقبالهم”، مما يتيح لطالبي اللجوء السياسي “تقديم طلباتهم هناك قبل عبور الحدود الجنوبية” بحسب شبكة “أن بي سي”، بتاريخ 5 أيار/مايو الحالي.

البيانات الرسمية الأميركية تشير إلى اكتظاظ نحو 40 ألف مهاجر “يخيّمون على الحدود شمالي المكسيك” بانتظار انتهاء مفعول قانون الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي سُمح للسلطات المحلية بموجبه بإعادة المهاجرين قبيل اجتيازهم الحدود الأميركية كـ “جزء من إجراءات احترازية لمواجهة جائحة كورونا”، كما جاء في النص الأصلي للمادة 42.

البيانات الرسمية الأميركية لأعداد المهاجرين ترسم صورة مقلقة لجانبي الحدود الأميركية. وزير الأمن الداخلي السابق، جيه جونسون، قدّر المهاجرين شمالاً بنحو ألف شخص يومياً آنذاك، ليرتفع إلى ما بين 8 إلى 14 ألف في الفترة الحالية.

ووصلت معدلات الهجرة إلى الشمال نحو 13 ألفاً شهرياً عام 2019، لتصل إلى أكثر من 50 ألفاً شهرياً العام الماضي، بلغت نسبة ترحيل الأفراد أكثر من 91%، ونحو 65% للعائلات، بحسب دراسة أعدها “معهد كاتو” للأبحاث نشرها بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022.

المواجهات والإجراءات القاسية التي تعتمدها السلطات والهيئات الأميركية المتعددة لمنع تدفق المهاجرين، زادت وتيرتها في المرحلة الحالية بإعلان وزير الدفاع الأميركي ومسؤولين آخرين في إدارة الرئيس جو بايدن تعزيز “قوات الحماية” المحلية بقوات من الجيش النظامي الذين “سيكلّفون بمهام إدارية، ولن يشاركوا بشكل مباشر في جهود إنفاذ القانون”، بحسب الناطق الرسمي باسم البنتاغون، باتريك رايدر، بتاريخ 5 أيار/ماية الحالي.

اللافت في هذا الشأن وعود الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية، وتعهّده بمعالجة جوانب الهجرة المتعددة، منها “استصدار تشريع يؤدّي إلى تجنيس نحو 11 مليون مهاجر يقيمون بشكل غير قانوني” في الولايات المتحدة، لكنه لم يصدره.

ويتبادل الحزبان الاتهامات لتبرير عدم اتفاقهما على معايير واضحة بشأن مسألة الهجرة، لكن المرء يجد توافقاً  وشبه إجماع بين مختلف التوجهات السياسية في الحزبين على إبقاء باب المهاجرين مفتوحاً “لمعالجة نقص معدّلات العمالة” الأميركية في نشاطات اقتصادية متعددة.

أجرت منظمة “أطباء بلا حدود” دراسة عام 2017 استغرق إعدادها نحو سنتين، للتوقف على دوافع موجات الهجرة إلى الشمال، جوهرها تفشي عنف العصابات وارتكابها “جرائم القتل وأعمال الاختطاف والابتزاز والعنف الجنسي” لمواطني أميركا الوسطى، وخصوصاً غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، أو ما يطلق عليها “دول المثلث الشمالي” لأميركا الوسطى.

وأضافت دراسة المنظمة أن الولايات المتحدة والمكسيك، قبل تولي رئيسها الحالي منصبه في عام 2018، تعاملان “مهاجري المثلث الشمالي كمهاجرين اقتصاديين يجب اعتقالهم وترحيلهم بدلاً من توفير الحماية” والفرص البديلة لهم. وقد طالبت المنظمة حكومات البلدين بوقف إجراءات ترحيل المهاجرين إلى مناطق خطرة فرّوا منها أصلاً.

يشار في هذا الصدد إلى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المكسيك، في 20 كانون الثاني/يناير 2021، للمشاركة في قمة جمعت رؤساء أميركا والمكسيك وكندا، لمعالجة سلسلة من القضايا، أبرزها بالنسبة إلى واشنطن كانت “الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية، والاتجار بالمخدرات والأسلحة على الحدود الأميركية، ومخاطر انضمام المهاجرين إلى تنظيمات الجريمة المنظمة، ومناقشة العلاقات الصينية مع أميركا اللاتينية”.

صراع مكتوم يجري الآن بين الولايات الجنوبية الحدودية والحكومة الفيدرالية، طمعاً في توفير الأخيرة المزيد من الموارد والخدمات لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية الناجمة عن “استيعاب الآلاف” في النسيج الاجتماعي والصحي والتربوي.

وهدّد حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت بتسيير قوافل عربات محملّة بالمهاجرين من هناك لترحيلهم إلى مدن الشمال الصناعية، منها شيكاغو ونيويورك، مطالباً عمداءها بالضغط على “إدارة الرئيس بايدن لتحمّل مسؤولياتها” للحد من تدفق موجات الهجرة وتخصيص المزيد من ميزانيات الطوارئ الفيدرالية لذلك.

لا يبدو في الأفق أي نية حقيقية لدى صنّاع القرار للتوصل إلى إجراءات وتدابير تنظّم موجات الهجرة، أو إنشاء حوافز اقتصادية في البلدان المعنية للنهوض الاقتصادي هناك، وهي مسألة تصب في صلب النظام الرأسمالي الساعي وراء تكديس الأرباح وتقليص الأجور في كافة النشاطات الاقتصادية.

ما يمكن تلمّسه من خيارات أميركية متاحة هو إعادة إنتاج تدابير سابقة عنوانها نسج “اتفاقيات تعاون” بين واشنطن وبلدان أميركا الوسطى والجنوبية، وتحميل الجزء الأكبر من تداعيات هجرة الأيدي العاملة للحكومات المحلية، ورفدها بمكاسب شكلية مثل “مساعدة حكومة كولومبيا في استيعاب المهاجرين من فنزويلا، في مقابل توفير الأدوات التقنية والموارد البشرية الأميركية لها من أجل تشديد إجراءات المراقبة الحدودية”، وخصوصاً في ممرّ “داريان غاب” المحفوف بالمخاطر بين البلدين.

2023-10-05-التقرير الأسبوعي

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

متاعب الهجرة إلى أميركا:
تدابير عسكرية لأزمة إنسانية

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

حرّكت إدارة الرئيس بايدن مواردها سريعاً صوب الحدود الجنوبية مع المكسيك قبيل تكهّنات بتدفق غير مسبوق من لاجئي أميركا اللاتينية قبل انتهاء مفعول المادة 42، في 11 أيار/مايو الحالي، من القانون المؤقت للرعاية الصحية للمهاجرين الذي أفرزته جائحة وباء كورونا، والذي يفتح كوة ضئيلة في قانون الهجرة الرسمي لاستقبال المصابين ومعالجتهم والسماح لهم بالبقاء “المؤقت”، باستثناء بتّ  قضايا اللجوء السياسي.

وقد جنّدت على الفور نحو 1،500 عنصر من القوات العسكرية الرسمية ليتخذوا مواقع مانعة على امتداد الحدود الجنوبية، وعزّزت قوات أخرى قوامها “2،500 عنصر من قوات الحرس الوطني ونحو 19 ألف ضابط من جهاز حرس الحدود” في مهام مراقبة واعتراض سيل المهاجرين، مكمّلة بعضها بعضاً.

درج السياسيّون الأميركيون من الحزبين على المبالغة في أعداد المهاجرين واللاجئين من أميركا الوسطى والجنوبية، كلّ لتحفيز مناصريه ضد الآخر، وتكاد لا تخلو أجندة المرشحين لمناصب سياسية مهمة من لهجة التحذير من “خطورة الهجرة غير المشروعة على الداخل الأميركي”، وتحميلها مسؤولية آفات المجتمع من تصاعد موجات الجريمة المنظمة وتفشي المخدرات والاتجار بها.

جوهر المسألة أن قوننة تلك القضية يبقى من صلاحيات الكونغرس لاستصدار تشريعات موازية وقوانين فعّالة، لكنه بمجلسيه لم يُقدم على “تنظيم” موجات العمّال الموسميين الآتين عبر الحدود الجنوبية، نظراً إلى الاستفادة القصوى لرؤوس الأموال من تلك اليد العاملة والرخيصة، وكذلك لنفوذ الشركات الكبرى الطاغي في واشنطن.

لا يحظى أولئك العمّال بأي رعاية أو حماية قانونية من سطوة أصحاب المؤسسات المشغّلة، علماً أن أجورهم المتدنّية ترفد الخزانة الأميركية باقتطاع الضرائب المستحقة منهم، وتشكّل حافزاً لأرباب العمل للإبقاء على تدني الأجور في قطاعات عدة من النشاطات الاقتصادية. على سبيل المثال، يشكّل مبلغ 15 دولاراً في الساعة الحد الأدنى للأجور “رسمياً”، لكن ذلك ينطبق على معدلات المعيشة لأكثر من 40 عاماً، بحسب الخبراء.

من بين الإجراءات المرجّح إقدام الإدارة الأميركية عليها “للحد من موجات الهجرة” يبرز  خيار إنشائها “مراكز جديدة لبت طلبات اللاجئين في كل من غواتيمالا وكولومبيا واستقبالهم”، مما يتيح لطالبي اللجوء السياسي “تقديم طلباتهم هناك قبل عبور الحدود الجنوبية” بحسب شبكة “أن بي سي”، بتاريخ 5 أيار/مايو الحالي.

البيانات الرسمية الأميركية تشير إلى اكتظاظ نحو 40 ألف مهاجر “يخيّمون على الحدود شمالي المكسيك” بانتظار انتهاء مفعول قانون الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي سُمح للسلطات المحلية بموجبه بإعادة المهاجرين قبيل اجتيازهم الحدود الأميركية كـ “جزء من إجراءات احترازية لمواجهة جائحة كورونا”، كما جاء في النص الأصلي للمادة 42.

البيانات الرسمية الأميركية لأعداد المهاجرين ترسم صورة مقلقة لجانبي الحدود الأميركية. وزير الأمن الداخلي السابق، جيه جونسون، قدّر المهاجرين شمالاً بنحو ألف شخص يومياً آنذاك، ليرتفع إلى ما بين 8 إلى 14 ألف في الفترة الحالية.

ووصلت معدلات الهجرة إلى الشمال نحو 13 ألفاً شهرياً عام 2019، لتصل إلى أكثر من 50 ألفاً شهرياً العام الماضي، بلغت نسبة ترحيل الأفراد أكثر من 91%، ونحو 65% للعائلات، بحسب دراسة أعدها “معهد كاتو” للأبحاث نشرها بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022.

المواجهات والإجراءات القاسية التي تعتمدها السلطات والهيئات الأميركية المتعددة لمنع تدفق المهاجرين، زادت وتيرتها في المرحلة الحالية بإعلان وزير الدفاع الأميركي ومسؤولين آخرين في إدارة الرئيس جو بايدن تعزيز “قوات الحماية” المحلية بقوات من الجيش النظامي الذين “سيكلّفون بمهام إدارية، ولن يشاركوا بشكل مباشر في جهود إنفاذ القانون”، بحسب الناطق الرسمي باسم البنتاغون، باتريك رايدر، بتاريخ 5 أيار/ماية الحالي.

اللافت في هذا الشأن وعود الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية، وتعهّده بمعالجة جوانب الهجرة المتعددة، منها “استصدار تشريع يؤدّي إلى تجنيس نحو 11 مليون مهاجر يقيمون بشكل غير قانوني” في الولايات المتحدة، لكنه لم يصدره.

ويتبادل الحزبان الاتهامات لتبرير عدم اتفاقهما على معايير واضحة بشأن مسألة الهجرة، لكن المرء يجد توافقاً  وشبه إجماع بين مختلف التوجهات السياسية في الحزبين على إبقاء باب المهاجرين مفتوحاً “لمعالجة نقص معدّلات العمالة” الأميركية في نشاطات اقتصادية متعددة.

أجرت منظمة “أطباء بلا حدود” دراسة عام 2017 استغرق إعدادها نحو سنتين، للتوقف على دوافع موجات الهجرة إلى الشمال، جوهرها تفشي عنف العصابات وارتكابها “جرائم القتل وأعمال الاختطاف والابتزاز والعنف الجنسي” لمواطني أميركا الوسطى، وخصوصاً غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، أو ما يطلق عليها “دول المثلث الشمالي” لأميركا الوسطى.

وأضافت دراسة المنظمة أن الولايات المتحدة والمكسيك، قبل تولي رئيسها الحالي منصبه في عام 2018، تعاملان “مهاجري المثلث الشمالي كمهاجرين اقتصاديين يجب اعتقالهم وترحيلهم بدلاً من توفير الحماية” والفرص البديلة لهم. وقد طالبت المنظمة حكومات البلدين بوقف إجراءات ترحيل المهاجرين إلى مناطق خطرة فرّوا منها أصلاً.

يشار في هذا الصدد إلى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المكسيك، في 20 كانون الثاني/يناير 2021، للمشاركة في قمة جمعت رؤساء أميركا والمكسيك وكندا، لمعالجة سلسلة من القضايا، أبرزها بالنسبة إلى واشنطن كانت “الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية، والاتجار بالمخدرات والأسلحة على الحدود الأميركية، ومخاطر انضمام المهاجرين إلى تنظيمات الجريمة المنظمة، ومناقشة العلاقات الصينية مع أميركا اللاتينية”.

صراع مكتوم يجري الآن بين الولايات الجنوبية الحدودية والحكومة الفيدرالية، طمعاً في توفير الأخيرة المزيد من الموارد والخدمات لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية الناجمة عن “استيعاب الآلاف” في النسيج الاجتماعي والصحي والتربوي.

وهدّد حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت بتسيير قوافل عربات محملّة بالمهاجرين من هناك لترحيلهم إلى مدن الشمال الصناعية، منها شيكاغو ونيويورك، مطالباً عمداءها بالضغط على “إدارة الرئيس بايدن لتحمّل مسؤولياتها” للحد من تدفق موجات الهجرة وتخصيص المزيد من ميزانيات الطوارئ الفيدرالية لذلك.

لا يبدو في الأفق أي نية حقيقية لدى صنّاع القرار للتوصل إلى إجراءات وتدابير تنظّم موجات الهجرة، أو إنشاء حوافز اقتصادية في البلدان المعنية للنهوض الاقتصادي هناك، وهي مسألة تصب في صلب النظام الرأسمالي الساعي وراء تكديس الأرباح وتقليص الأجور في كافة النشاطات الاقتصادية.

ما يمكن تلمّسه من خيارات أميركية متاحة هو إعادة إنتاج تدابير سابقة عنوانها نسج “اتفاقيات تعاون” بين واشنطن وبلدان أميركا الوسطى والجنوبية، وتحميل الجزء الأكبر من تداعيات هجرة الأيدي العاملة للحكومات المحلية، ورفدها بمكاسب شكلية مثل “مساعدة حكومة كولومبيا في استيعاب المهاجرين من فنزويلا، في مقابل توفير الأدوات التقنية والموارد البشرية الأميركية لها من أجل تشديد إجراءات المراقبة الحدودية”، وخصوصاً في ممرّ “داريان غاب” المحفوف بالمخاطر بين البلدين.

Analysis 05-03-2023

ANALYSIS

Looking at the 2024 Presidential Election

 

Usually announcing that you are running for president requires a lot of fanfare.  The presidential hopeful usually goes to his old hometown to make the announcement; followed by a day full of rallies in critical states like Iowa and New Hampshire.

This isn’t the Biden Strategy.  This week President Biden announced that he was running for reelection- although few noticed it because it came as a video sent out at 6:30 am.   And, instead of a positive note about lower gas prices, foreign policy issues, domestic situation, and a reduced risk of war – a necessity for an incumbent president, the ad opened with riots and protests and the message that a vote for Biden was a vote for freedom, while his opponent was a dangerous radical.

There was no mention that the US military was unable to rescue many Americans from Sudan.  Nor did he mention the higher gas prices and America’s new reliance on foreign oil. There was no mention about inflation, a disastrous withdrawal from Afghanistan, and the unpopularity he is suffering in most polls.

How does he think he can beat Trump if his polling numbers are worse than Trump’s and he doesn’t want to talk about his accomplishments?

 

The Biden Strategy

Biden has a hard road to hoe.  Polls show that most Americans do not want Biden to run again (70%).  46% of Democrats have negative feelings about Biden.  Most Americans also think Biden is suffering from dementia.

So, how are Biden’s handlers planning on winning the nomination?

The answer is to rig the primary process with the help of the Democratic National Committee.  Instead of following the traditional schedule of Iowa holding the first caucuses and New Hampshire the first primary (where Biden did poorly) the first primary is South Carolina, which gave Biden a big win in 2020.  Pro Biden states of Georgia, Nevada and Michigan will have their primaries within that first week.  That should give Biden the momentum to win the nomination.

There will not be any Democratic primary debates where Biden can have one of his senile moments.

Biden’s team is also counting on a bloody Republican presidential primary battle.  However, that may not come to pass.  The Trump/DeSantis battle is fading as DeSantis’s support is eroding and there may not be the bitter feelings that will keep Republican voters away from the polls.

Another advantage for Biden is that the Democratic challengers to the president aren’t strong.

One candidate does have some name recognition – Robert F. Kennedy Jr. the nephew of President John F Kennedy and the son of assassinated Senator Robert Kennedy.

For decades, the Democrats have wanted another Kennedy at the top of the ballot.  However, they now have a chance, and they are avoiding RFK Jr. like the plague, partially because of his public campaign against vaccines as being dangerous.  Although he has a message that is reminiscent of JFK, which speaks of American greatness and freedom, he is disliked by the Democratic leadership (and even the Kennedy clan).  Like Tulsi Gabbard, he is too far outside the modern progressive Democratic mainstream.

The Democratic leadership doesn’t like RFK Jr., but he is gaining traction amongst many regular Democrats who don’t like Biden’s agenda.  A Fox News poll this week showed RFK Jr. with 19% of Democrats.  That’s not much, but it can grow into a serious challenge if Biden stumbles.

In many ways, he sounds like Trump.  When he announced he was running he vowed to “end the corrupt merger of state and corporate power.”

Despite the Democratic leadership preferring Biden, RFK Jr. has the name and message that could wound Biden in the primaries.  He is the candidate to keep an eye on.

Marianne Williamson.  She is 70 years old and an author and spiritual advisor.  She is the first to declare her candidacy this year.  She ran in 2020 but dropped out before the Iowa Caucasus.   She is seen as a very long shot.

Biden’s general election strategy is basically a rerun of 2020 – stay out of sight and paint Trump and MAGA Republicans as a threat to America.  Expect to see loads of videos of the January 6th demonstrations.

Don’t expect Vice President Harris to be taken off the ticket.  As Biden ages, there will be more pressure to invoke the 25th Amendment and make Harris the acting president.  Obviously, an ambitious VP would be likely to do that since the 25th Amendment gives the VP most of the power to unseat the president.

Since Biden (or his handlers) see that Harris is unlikely to make such a move, she remains the best choice for Biden to remain president if he is reelected.

 

The Trump strategy

Although regularly hit with negative news and indictments, Trump is heading towards another nomination.  Unlike Biden, he crosses the country on campaign trips, where he finds enthusiastic crowds although not like previous run.

While he campaigns, he gains in popularity polls and endorsements from influential Republican politicians.

Polls show that Trump is doing better than Biden – although that isn’t saying much.  An NBC poll showed that 70% of voters said Biden shouldn’t run.  60% of voters said that Trump should not run.

Trump does have a record to run on that compares well with Biden.  Trump’s lower inflation, lower gas prices, and a desire not to wage wars abroad, versus Biden’s declining respect for America, senility, military failures in Afghanistan, the unpopular LGBT+ agenda, and the radical anti-gun agenda.

There’s also the growing unease with the conflict in Ukraine.

Trump’s biggest problem is his brashness, which goes down well for a New York businessman, but poorly for a presidential candidate.  He also has a field of challengers that are solid contenders with good political credentials.

 

Challengers

Nikki Halley.  Haley is the former governor of South Carolina and US ambassador to the UN.  She was the first to throw her hat into the ring.

Haley is the daughter of Indian immigrants and at 51 is one of the new GOP generation of politicians.

Although Haley has crossed swords with Trump, she would be a good addition to the ticket as a VP choice.

Vivek Ramaswamy.  He is a former biotech executive and worth about $600 million.  He is a long shot, but comes from Ohio, which is a critical state for Republicans.

Larry Elder.  He is a conservative talk show host.  His best credential is that he was a candidate in the 2021 recall effort to oust California Governor Newsome.  He received the most votes to replace Newsome, but Newsome retained his post.

Asa Hutchinson.  Former two term governor of Arkansas.  While in Congress, he was a manager for Clinton’s impeachment.

Hutchinson has said that a Trump nomination is “the worst scenario.”  That makes him a long shot with the Trump supporters who control the party.

Ron DeSantis.  The Florida governor is considered the best chance to take the nomination from Trump.  However, he has not done well in the last few months.  Although he has managed to push several pieces of conservative legislation through the legislature, several Florida politicians have endorsed Trump and DeSantis’ polling numbers against Trump have fallen. In a head-to-head matchup with Trump, he trails the former president by 33%.

DeSantis hasn’t declared yet that he would have to quit as governor according to Florida law.  Consequently, he may decide to wait until 2028 to take a shot at the White House. He is well financed and might jump into the race if Trump campaign faltered.

 

The 2024 Election

If the 2024 election is between Biden and Trump, expect an election that’s much like 2020.  Biden will stay out of sight and send out surrogates who will paint Trump as a dangerous radical.  That message will be repeated by the national media.

Trump will try to moderate his message so those who are wary about another Biden term will feel more comfortable with Trump.  He is likely to pick a woman as a VP nominee as there are many potential female Republicans who will boost his chances.

The electoral battlefield remains the same.  Trump will try to pick up some states that he lost like Arizona, which has the second highest gasoline prices in the nation under a Democratic governor.  There is also Pennsylvania, which is facing growing violence.  Virginia drifted back towards the Republicans in the year off elections.

Americans are downbeat about the direction of the US.  An NBC poll taken this year shows 71% of Americans believe America is on the wrong track.  That usually means the incumbent is in trouble.  Unless Biden and his team can tame inflation and high gas prices, along with erasing questions about his mental capability, Trump will have a good chance to return to the White House.

Week of May 3, 2023

Looking at the 2024 Presidential Election

 

Usually announcing that you are running for president requires a lot of fanfare.  The presidential hopeful usually goes to his old hometown to make the announcement; followed by a day full of rallies in critical states like Iowa and New Hampshire.

This isn’t the Biden Strategy.  This week President Biden announced that he was running for reelection- although few noticed it because it came as a video sent out at 6:30 am.   And, instead of a positive note about lower gas prices, foreign policy issues, domestic situation, and a reduced risk of war – a necessity for an incumbent president, the ad opened with riots and protests and the message that a vote for Biden was a vote for freedom, while his opponent was a dangerous radical.

There was no mention that the US military was unable to rescue many Americans from Sudan.  Nor did he mention the higher gas prices and America’s new reliance on foreign oil. There was no mention about inflation, a disastrous withdrawal from Afghanistan, and the unpopularity he is suffering in most polls.

How does he think he can beat Trump if his polling numbers are worse than Trump’s and he doesn’t want to talk about his accomplishments?

 

The Biden Strategy

Biden has a hard road to hoe.  Polls show that most Americans do not want Biden to run again (70%).  46% of Democrats have negative feelings about Biden.  Most Americans also think Biden is suffering from dementia.

So, how are Biden’s handlers planning on winning the nomination?

The answer is to rig the primary process with the help of the Democratic National Committee.  Instead of following the traditional schedule of Iowa holding the first caucuses and New Hampshire the first primary (where Biden did poorly) the first primary is South Carolina, which gave Biden a big win in 2020.  Pro Biden states of Georgia, Nevada and Michigan will have their primaries within that first week.  That should give Biden the momentum to win the nomination.

There will not be any Democratic primary debates where Biden can have one of his senile moments.

Biden’s team is also counting on a bloody Republican presidential primary battle.  However, that may not come to pass.  The Trump/DeSantis battle is fading as DeSantis’s support is eroding and there may not be the bitter feelings that will keep Republican voters away from the polls.

Another advantage for Biden is that the Democratic challengers to the president aren’t strong.

One candidate does have some name recognition – Robert F. Kennedy Jr. the nephew of President John F Kennedy and the son of assassinated Senator Robert Kennedy.

For decades, the Democrats have wanted another Kennedy at the top of the ballot.  However, they now have a chance, and they are avoiding RFK Jr. like the plague, partially because of his public campaign against vaccines as being dangerous.  Although he has a message that is reminiscent of JFK, which speaks of American greatness and freedom, he is disliked by the Democratic leadership (and even the Kennedy clan).  Like Tulsi Gabbard, he is too far outside the modern progressive Democratic mainstream.

The Democratic leadership doesn’t like RFK Jr., but he is gaining traction amongst many regular Democrats who don’t like Biden’s agenda.  A Fox News poll this week showed RFK Jr. with 19% of Democrats.  That’s not much, but it can grow into a serious challenge if Biden stumbles.

In many ways, he sounds like Trump.  When he announced he was running he vowed to “end the corrupt merger of state and corporate power.”

Despite the Democratic leadership preferring Biden, RFK Jr. has the name and message that could wound Biden in the primaries.  He is the candidate to keep an eye on.

Marianne Williamson.  She is 70 years old and an author and spiritual advisor.  She is the first to declare her candidacy this year.  She ran in 2020 but dropped out before the Iowa Caucasus.   She is seen as a very long shot.

Biden’s general election strategy is basically a rerun of 2020 – stay out of sight and paint Trump and MAGA Republicans as a threat to America.  Expect to see loads of videos of the January 6th demonstrations.

Don’t expect Vice President Harris to be taken off the ticket.  As Biden ages, there will be more pressure to invoke the 25th Amendment and make Harris the acting president.  Obviously, an ambitious VP would be likely to do that since the 25th Amendment gives the VP most of the power to unseat the president.

Since Biden (or his handlers) see that Harris is unlikely to make such a move, she remains the best choice for Biden to remain president if he is reelected.

 

The Trump strategy

Although regularly hit with negative news and indictments, Trump is heading towards another nomination.  Unlike Biden, he crosses the country on campaign trips, where he finds enthusiastic crowds although not like previous run.

While he campaigns, he gains in popularity polls and endorsements from influential Republican politicians.

Polls show that Trump is doing better than Biden – although that isn’t saying much.  An NBC poll showed that 70% of voters said Biden shouldn’t run.  60% of voters said that Trump should not run.

Trump does have a record to run on that compares well with Biden.  Trump’s lower inflation, lower gas prices, and a desire not to wage wars abroad, versus Biden’s declining respect for America, senility, military failures in Afghanistan, the unpopular LGBT+ agenda, and the radical anti-gun agenda.

There’s also the growing unease with the conflict in Ukraine.

Trump’s biggest problem is his brashness, which goes down well for a New York businessman, but poorly for a presidential candidate.  He also has a field of challengers that are solid contenders with good political credentials.

 

Challengers

Nikki Halley.  Haley is the former governor of South Carolina and US ambassador to the UN.  She was the first to throw her hat into the ring.

Haley is the daughter of Indian immigrants and at 51 is one of the new GOP generation of politicians.

Although Haley has crossed swords with Trump, she would be a good addition to the ticket as a VP choice.

Vivek Ramaswamy.  He is a former biotech executive and worth about $600 million.  He is a long shot, but comes from Ohio, which is a critical state for Republicans.

Larry Elder.  He is a conservative talk show host.  His best credential is that he was a candidate in the 2021 recall effort to oust California Governor Newsome.  He received the most votes to replace Newsome, but Newsome retained his post.

Asa Hutchinson.  Former two term governor of Arkansas.  While in Congress, he was a manager for Clinton’s impeachment.

Hutchinson has said that a Trump nomination is “the worst scenario.”  That makes him a long shot with the Trump supporters who control the party.

Ron DeSantis.  The Florida governor is considered the best chance to take the nomination from Trump.  However, he has not done well in the last few months.  Although he has managed to push several pieces of conservative legislation through the legislature, several Florida politicians have endorsed Trump and DeSantis’ polling numbers against Trump have fallen. In a head-to-head matchup with Trump, he trails the former president by 33%.

DeSantis hasn’t declared yet that he would have to quit as governor according to Florida law.  Consequently, he may decide to wait until 2028 to take a shot at the White House. He is well financed and might jump into the race if Trump campaign faltered.

 

The 2024 Election

If the 2024 election is between Biden and Trump, expect an election that’s much like 2020.  Biden will stay out of sight and send out surrogates who will paint Trump as a dangerous radical.  That message will be repeated by the national media.

Trump will try to moderate his message so those who are wary about another Biden term will feel more comfortable with Trump.  He is likely to pick a woman as a VP nominee as there are many potential female Republicans who will boost his chances.

The electoral battlefield remains the same.  Trump will try to pick up some states that he lost like Arizona, which has the second highest gasoline prices in the nation under a Democratic governor.  There is also Pennsylvania, which is facing growing violence.  Virginia drifted back towards the Republicans in the year off elections.

Americans are downbeat about the direction of the US.  An NBC poll taken this year shows 71% of Americans believe America is on the wrong track.  That usually means the incumbent is in trouble.  Unless Biden and his team can tame inflation and high gas prices, along with erasing questions about his mental capability, Trump will have a good chance to return to the White House.

2023-03-05-التحليل

التحليل

بايدن يترشّح لولاية رئاسية ثانية
ولكن المسار محفوف بالمفاجآت

 

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن نيّته الترشح لولاية رئاسية ثانية، عام 2024، لم يأتِ بجديد في سياق التكهّنات التقليدية. الأمر الثابت في تاريخ الرئاسات الأميركية هو عزم الرؤساء على إعادة ترشّحهم “وبالمجمل يكسبون الجولة”، خصوصاً في ظل أجواء حروب قائمة تنخرط فيها القوات العسكرية الأميركية.

راهناَ، يواجه الرئيس بايدن جملة تحديات على صعيد الانجازات الداخلية، تتعاظم إخفاقاتها مع الوقت، أبرزها تراجع حالته الذهنية وتقدّمه في السن، بلوغه الـ 80 عاماً، وفتور دعم مؤسّسات الحزب الديموقراطي له في الجولة الانتخابية المقبلة، فضلاً عن تدنّي الأحوال الاقتصادية والارتفاع المستمرّ لتكاليف الحياة اليومية للمواطن، وتصدّع البنى التحتية.

تزخر وسائل الإعلام الأميركية المختلفة بردود أفعال قاسية لإعلان الرئيس بايدن، يميناً ويساراً، وإجماعها على “عدم توفّر أو بروز مرشّح بديل عنه”، يواكبها تراجع ملحوظ في نسبة التأييد الشعبي لأدائه. إذ حاز على نسبة 53% من التأييد في بداية ولايته الرئاسية الحالية، تقلصت إلى 38% وشهدت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 42% في أفضل الأحوال.

استمرّ منسوب التراجع الحاد منذ “الانسحاب المذلّ للقوات الأميركية من أفغانستان”، وإخفاقات الرئيس بايدن في ترجمة أجندته الانتخابية خصوصاً تراجعه عن وعوده لإعفاء الطلبة من ديونهم، التي لا زالت مسألة معلّقة بانتظار قرار البت بها من قبل المحكمة العليا.

في المستوى الشعبي العام، هناك تراجع كبير في معدلات تأييد إعادة انتخابه، أوجزته إحدى كبريات الصحف بأن “عدداً كبيراً من الديموقراطيين لا يؤيدون ترشحه” مرة أخرى، بنسبة 73% من الناخبين، وبمعدلات تأييد متدنية، 52%، من الناخبين الديموقراطيين، بحسب أحدث استطلاع أجرته وكالة “أسوشيتدبرس” للأنباء؛ مقابل 55% من الناخبين الجمهوريين يؤيدون ترشّح الرئيس السابق دونالد ترامب (صحيفة “وول ستريت جورنال”، 1 أيار/مايو 2023).

في مؤشّر مقلق للحزب الديموقراطي، أعلن السيناتور جو مانشين عن نيته “القفز من قارب الحزب” وتخلّيه عن دعم أجندته في مجلس الشيوخ، “ربما قبل بدء جولة الانتخابات الرئاسية” العام المقبل، وهو العضو “المشاكس” لحزبه في المجلس. الأمر الذي سيفرض تداعيات جديدة “غير محبّبة” على قيادة الحزب وبرامجه الموعودة، خصوصاً وأن مجلس النواب أضحى تحت سيطرة الخصم الجمهوري، وأي تعديل ولو طفيف في توازن الحزب في مجلس الشيوخ سيفضي إلى خسارته اغلبيته الحرجة الراهنة (مقابلة أجراها مانشين مع شبكة “فوكس نيوز”، 2 ايار/مايو 2023).

في البحث عن الدوافع الحقيقية لإعلان الرئيس بايدن إعاد ترشّحه، بالزعم أن “التصويت له هو تصويت للديموقراطية”، كما جاء في متن الإعلان، يجب عدم إغفال آخر التطورات السياسية الناجمة عن مضمون الوثائق التي سلّمتها وزارة الخارجية الأميركية إلى اللجنة القضائية في مجلس النواب بطلب منها، في سياق سعيها للتوقّف عند بعض ملابسات جولة الانتخابات الرئاسية الماضية.

ما سُمِح بنشره حتى اللحظة هو ثبوت تورّط وزير الخارجية، آنتوني بلينكن، عبر الضغط على إدارة وكالة الاستخبارات المركزية، سي آي إيه، للموافقة على عريضة تُعلن براءة نجل الرئيس بايدن من الاتهامات بشأن جهاز حاسوبه الخاص، إذ زعم “نحو 50 ضابطاً متقدماً ورؤساء سابقون في المؤسسة الأمنية” أن اتهامات الرئيس السابق دونالد ترامب لنجل بايدن هي مجرد “دعاية روسية” لا أكثر.

تصرّف بلينكن آنئذٍ ثبُتَ بأنه كان بطلب مباشر من المرشح الرئاسي جو بايدن، والذي كان يستعد لمواجهة خصمه الجمهوري في مناظرة عامة تُبثّ على الهواء، وتسلُّحه بتلك الوثيقة أمام كاميرات التلفزيون لتفنيد “اتهامات” خصمه. والنتيجة العامة كانت بإعلان المؤسسة الحاكمة فوز المرشح بايدن.

من المرجّح عودة تلك المسألة إلى التداول العام مرة أخرى، في أعقاب توفّر دلائل حسيّة على مدى تلاعب الحزب الديموقراطي ببوصلة الانتخابات الرئاسية ونتائجها، والتي على أثرها ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بإقالة وزير الخارجية، توطئة لنزع حصانته الراهنة وربما الإدعاء عليه لاحقاً.

المسألة برمّتها مرهونة ببقاء الرئيس السابق ترامب كمرشّح عن الحزب الجمهوري، خصوصاً أن قادة الحزب التقليديين، بزعامة ميتش ماكونيل، يكنّون عداءً شديداً للرئيس السابق، ولديهم القابلية للمساومة على صيغة تتجاوز طرح تلك المسألة على الشأن العام.

 

مرشحو الحزب الديموقراطي

سبق ترشيح الرئيس بايدن نفسه مرشحان آخران عن لائحة الحزب الديموقراطي، ومن المبكر إطلاق أحكام عليهما لدواعٍ زمنية، مع استعراض سريع لمرشحين محتملين للمنصب.

المرشحة الأولى هي الكاتبة ماريان ويليامسون، وكانت قد أعلنت ترشيحها في الجولة السابقة “واضطرت” للانسحاب أمام أجندة متقاربة مثّلها المرشح السابق بيرني ساندرز. حظوظها الراهنة لا تبدو أنها ستشهد تعديلاً جوهرياً عن الجولة السابقة.

المرشح الثاني، وربما الأهم، هو نجل السيناتور السابق روبرت كنيدي، ويحمل الإسم ذاته. مهنته المحاماة واشتهر بتصديه للمؤسسة الحاكمة لإسرافها المالي على شركات العقاقير والأدوية إبّان وباء كورونا، الأمر الذي أحاله إلى خانة “المغضوب عليهم”، ونال نحو 19% من تأييد الناخبين الديموقراطيين، بحسب استطلاع أجرته شبكة “فوكس نيوز” حديثاً.

أيضاً، يواجه روبرت الإبن مقاومة من داخل أسرة كنيدي نفسها لجملة أسباب منها تفرّده بإعلان براءة سرحان سرحان عن اغتيال والده، عام 1968، وتحديه كذلك للسرديات الرسمية بشأن والده والرئيس الأسبق جون كنيدي.

في يوم إعلانه ترشّحه بمدينة بوسطن، في 19 نيسان/إبريل الماضي، لم يلحظ وجود أي “فرد مميّز من عائلة كنيدي” من بين الحضور، أو حتى من رموز الحزب الديموقر اطي في المدينة، بل طغى طابع التمثيل الأوسع لشرائح المجتمع على الحضور من مؤيديه “مستقلين ومحافظين” سياسياً، أتى بعضهم بالطائرة من أماكن متفرقة من أميركا.

نائبة الرئيس كمالا هاريس، رغم تدنّي معدلات تأييدها إلى مستويات أقل من الرئيس بايدن نفسه، إلا أنها دخلت حلبة السباق الرئاسي كامتداد للرئيس بايدن لتبقى مرشّحة كنائب له. أما شعبيتها داخل أوساط الحزب الديموقراطي فهي متواضعة في أفضل الأحوال، وسبق أن طالب بعضهم الرئيس بايدن بإقالتها واستبدالها نتيجة تخبطها في ملفات سياسية رئيسية، منها إخفاقها في التعامل مع مسألة المهاجرين على الحدود الجنوبية مع المكسيك.

من بين الأسماء المتداولة، وإن كانت غير ناضجة بعد، تبرز عقيلة الرئيس الأسبق ميشيل أوباما، التي تتمتع بمعدلات احترام وتأييد واسعة، لكنها أعلنت عدم رغبتها دخول السباق الرئاسي، حتى اللحظة.

كذلك وزير النقل الحالي بيت بوتيجيج، بحسب وجهة نظر صحيفة “واشنطن بوست”، بتاريخ 19 شباط/فبراير 2023، والمؤيدة للبيت الأبيض، وذلك لأدائه المتقدّم في الجولة الرئاسية السابقة وفوزه بعدد أكبر من مندوبي ولاية أيوا خلال الانتخابات التمهيدية آنذاك. وسرعان ما بدّد جزءاً كبيراً من شعبيته وتأييد قيادات حزبه له نتيجة سلسلة إخفاقات ارتكبها، أشهرها بطؤه في معالجة خروج قطار عن سكته في مدينة باليستين بولاية أوهايو، وما نجم عنه من انبعاث غازات سامة نتيجة حريق.

 

مرشحو الحزب الجمهوري

لا يزال السباق وباب الترشيح في بداياته الأولى، لكن الرئيس ترامب يتصدر القائمة حتى اللحظة، وكذلك أكبر نسبة من تأييد جمهور الناخبين الجمهوريين له، بمعدل 44%، “برغم سلسلة من الفضائح التي يواجهها، منها الاعتداء على الكابيتول” في 6 كانون الثاني/يناير 2021. أما نسبة تأييده بين جمهور محافظي الحزب الجمهوري فتقارب 70% (استطلاع أجراه موقع “فايف ثيرتي إيت”، 1 أيار/مايو 2023).

حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، يأتي في المرتبة الثانية بعد الرئيس ترامب، لكن بنسبة بعيدة جدا، 20%. يلقى دعماً ملحوظاً من قيادات الحزب التقليدية، نظراً لخلافاتهم مع الرئيس ترامب، لكنه لم يستطع القفز بمعدلات تأييد أعلى من السابق. حظي دي سانتيس بنسبة تأييد 28 % من الجمهوريين مقابل 52% للرئيس ترامب، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، بتاريخ 17 آذار/2023. لكنّ أركان المؤسسة الإعلامية الكبرى تركّز هذه الأيام على مدى ارتفاع نسبة تأييده بين ناخبي ولاية فلوريدا، كما يحظى الرئيس ترامب بدعم نسبة لا يستهان بها هناك.

يتمثّل جوهر مأزق دي سانتيس الأول في مدى قابليته الذهاب لانتقاد الرئيس ترامب أمام الناخب الجمهوري، بما يتضمّنه ذلك من مخاطر عداء قسم لا بأس به، وفي الوقت نفسه المحافظة على سمعته بأهلية ترشّحه بديلاً عن الرئيس السابق.

أعلنت حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هيلي عن ترشّحها عن الحزب الجمهوري، لكن معدلات تأييد الناخبين لها بقيت أقل من 10%. الأمر الذي يشير إلى تنامي عقبات جدية أمامها مقابل الرئيس السابق ترامب ورون دي سانتيس. وربما تهيّء نفسها لمنصب “نائبة الرئيس” عن الحزب الجمهوري، كما يعتقد بعض المراقبين.

كما أعلن رجل الأعمال ذو الأصول الهندية، فيفك راماسوامي، عن ترشّحه أيضاً، مستغلاً ثغرة العداء بين رون دي سانتيس وشركة ديزني للترفيه، ومقرها ولاية فلوريدا، مستهدفاً حاكم الولاية لقفزه عن القوانين الناظمة للضرائب ومنحه الشركة إعفاءات ضريبية من قانون “قام بالمصادقة عليه نفسه”.

ينحدر فيفك من ولاية أوهايو بالغة المكانة الحسّاسة للفوز في جولة الانتخابات الرئاسية، ومن شأنه تسخير نفوذه وثروته البالغة نحو 600 مليون دولار لدعم أجندة تروق له.

وهناك بعض المرشحين الآخرين الذين تتفاوت حظوظهم بين الانسحاب مبكّراً  أو  لاحقاً لعدم تأهّلهم في الانتخابات التمهيدية للحزب، أو قبلها، منهم: حاكم ولاية آركنسا الأسبق آسا هتشيسون والمذيع لاري إلدر الآتي من ولاية كاليفورنيا إذ حاز على نسبة معتبرة من التأييد في انتخابات الولاية الاستثنائية الرامية لإقصاء حاكمها، غافين نوسم، والذي استطاع الفوز والاحتفاظ بمنصبه الراهن.

أما حظوظ الرئيس جو بايدن، عند هذا المفصل الجوهري، فيرى بعض المراقبين أن الدافع الحقيقي لإعلانه إعادة ترشحه هو من أجل الإفلات من ملاحقات قضائية، له ولنجله وبعض أفراد عائلته، مع استمرار توسّع دائرة الاتهامات له بالفساد والمحسوبية، متسلّحاً بحصانة منصبه الرئاسي من الملاحقة، ولقناعته أيضاً أن المناخ السياسي العام لا يشجّع على إعادة تجربة “مقاضاة وإقصاء” الرئيس، كما جرى مع سلفه.

الجزم بمستقبل الرئيس بايدن ليس مرئياً بعد، أو ما سيتمخض على قادة الحزب الديموقراطي لاحقاً من تصرّف حيال حالته الذهنية المقلقة، والوقوف عند مرشّح أقوى نسبياً.

أما وإن جرت الانتخابات الرئاسية وفق المعطيات الراهنة، فإن “الرئيس ترامب سيفوز إن صوّت الناخبون بناء على وضعهم المعيشي” ممثلاً بتراجع كبير في الازدهار الاجتماعي والسلم الأهلي، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، بتاريخ 1 أيار/مايو الحالي.

2023-03-05-التقرير الأسبوعي

بايدن يترشّح لولاية رئاسية ثانية
ولكن المسار محفوف بالمفاجآت

 

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن نيّته الترشح لولاية رئاسية ثانية، عام 2024، لم يأتِ بجديد في سياق التكهّنات التقليدية. الأمر الثابت في تاريخ الرئاسات الأميركية هو عزم الرؤساء على إعادة ترشّحهم “وبالمجمل يكسبون الجولة”، خصوصاً في ظل أجواء حروب قائمة تنخرط فيها القوات العسكرية الأميركية.

راهناَ، يواجه الرئيس بايدن جملة تحديات على صعيد الانجازات الداخلية، تتعاظم إخفاقاتها مع الوقت، أبرزها تراجع حالته الذهنية وتقدّمه في السن، بلوغه الـ 80 عاماً، وفتور دعم مؤسّسات الحزب الديموقراطي له في الجولة الانتخابية المقبلة، فضلاً عن تدنّي الأحوال الاقتصادية والارتفاع المستمرّ لتكاليف الحياة اليومية للمواطن، وتصدّع البنى التحتية.

تزخر وسائل الإعلام الأميركية المختلفة بردود أفعال قاسية لإعلان الرئيس بايدن، يميناً ويساراً، وإجماعها على “عدم توفّر أو بروز مرشّح بديل عنه”، يواكبها تراجع ملحوظ في نسبة التأييد الشعبي لأدائه. إذ حاز على نسبة 53% من التأييد في بداية ولايته الرئاسية الحالية، تقلصت إلى 38% وشهدت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 42% في أفضل الأحوال.

استمرّ منسوب التراجع الحاد منذ “الانسحاب المذلّ للقوات الأميركية من أفغانستان”، وإخفاقات الرئيس بايدن في ترجمة أجندته الانتخابية خصوصاً تراجعه عن وعوده لإعفاء الطلبة من ديونهم، التي لا زالت مسألة معلّقة بانتظار قرار البت بها من قبل المحكمة العليا.

في المستوى الشعبي العام، هناك تراجع كبير في معدلات تأييد إعادة انتخابه، أوجزته إحدى كبريات الصحف بأن “عدداً كبيراً من الديموقراطيين لا يؤيدون ترشحه” مرة أخرى، بنسبة 73% من الناخبين، وبمعدلات تأييد متدنية، 52%، من الناخبين الديموقراطيين، بحسب أحدث استطلاع أجرته وكالة “أسوشيتدبرس” للأنباء؛ مقابل 55% من الناخبين الجمهوريين يؤيدون ترشّح الرئيس السابق دونالد ترامب (صحيفة “وول ستريت جورنال”، 1 أيار/مايو 2023).

في مؤشّر مقلق للحزب الديموقراطي، أعلن السيناتور جو مانشين عن نيته “القفز من قارب الحزب” وتخلّيه عن دعم أجندته في مجلس الشيوخ، “ربما قبل بدء جولة الانتخابات الرئاسية” العام المقبل، وهو العضو “المشاكس” لحزبه في المجلس. الأمر الذي سيفرض تداعيات جديدة “غير محبّبة” على قيادة الحزب وبرامجه الموعودة، خصوصاً وأن مجلس النواب أضحى تحت سيطرة الخصم الجمهوري، وأي تعديل ولو طفيف في توازن الحزب في مجلس الشيوخ سيفضي إلى خسارته اغلبيته الحرجة الراهنة (مقابلة أجراها مانشين مع شبكة “فوكس نيوز”، 2 ايار/مايو 2023).

في البحث عن الدوافع الحقيقية لإعلان الرئيس بايدن إعاد ترشّحه، بالزعم أن “التصويت له هو تصويت للديموقراطية”، كما جاء في متن الإعلان، يجب عدم إغفال آخر التطورات السياسية الناجمة عن مضمون الوثائق التي سلّمتها وزارة الخارجية الأميركية إلى اللجنة القضائية في مجلس النواب بطلب منها، في سياق سعيها للتوقّف عند بعض ملابسات جولة الانتخابات الرئاسية الماضية.

ما سُمِح بنشره حتى اللحظة هو ثبوت تورّط وزير الخارجية، آنتوني بلينكن، عبر الضغط على إدارة وكالة الاستخبارات المركزية، سي آي إيه، للموافقة على عريضة تُعلن براءة نجل الرئيس بايدن من الاتهامات بشأن جهاز حاسوبه الخاص، إذ زعم “نحو 50 ضابطاً متقدماً ورؤساء سابقون في المؤسسة الأمنية” أن اتهامات الرئيس السابق دونالد ترامب لنجل بايدن هي مجرد “دعاية روسية” لا أكثر.

تصرّف بلينكن آنئذٍ ثبُتَ بأنه كان بطلب مباشر من المرشح الرئاسي جو بايدن، والذي كان يستعد لمواجهة خصمه الجمهوري في مناظرة عامة تُبثّ على الهواء، وتسلُّحه بتلك الوثيقة أمام كاميرات التلفزيون لتفنيد “اتهامات” خصمه. والنتيجة العامة كانت بإعلان المؤسسة الحاكمة فوز المرشح بايدن.

من المرجّح عودة تلك المسألة إلى التداول العام مرة أخرى، في أعقاب توفّر دلائل حسيّة على مدى تلاعب الحزب الديموقراطي ببوصلة الانتخابات الرئاسية ونتائجها، والتي على أثرها ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بإقالة وزير الخارجية، توطئة لنزع حصانته الراهنة وربما الإدعاء عليه لاحقاً.

المسألة برمّتها مرهونة ببقاء الرئيس السابق ترامب كمرشّح عن الحزب الجمهوري، خصوصاً أن قادة الحزب التقليديين، بزعامة ميتش ماكونيل، يكنّون عداءً شديداً للرئيس السابق، ولديهم القابلية للمساومة على صيغة تتجاوز طرح تلك المسألة على الشأن العام.

 

مرشحو الحزب الديموقراطي

سبق ترشيح الرئيس بايدن نفسه مرشحان آخران عن لائحة الحزب الديموقراطي، ومن المبكر إطلاق أحكام عليهما لدواعٍ زمنية، مع استعراض سريع لمرشحين محتملين للمنصب.

المرشحة الأولى هي الكاتبة ماريان ويليامسون، وكانت قد أعلنت ترشيحها في الجولة السابقة “واضطرت” للانسحاب أمام أجندة متقاربة مثّلها المرشح السابق بيرني ساندرز. حظوظها الراهنة لا تبدو أنها ستشهد تعديلاً جوهرياً عن الجولة السابقة.

المرشح الثاني، وربما الأهم، هو نجل السيناتور السابق روبرت كنيدي، ويحمل الإسم ذاته. مهنته المحاماة واشتهر بتصديه للمؤسسة الحاكمة لإسرافها المالي على شركات العقاقير والأدوية إبّان وباء كورونا، الأمر الذي أحاله إلى خانة “المغضوب عليهم”، ونال نحو 19% من تأييد الناخبين الديموقراطيين، بحسب استطلاع أجرته شبكة “فوكس نيوز” حديثاً.

أيضاً، يواجه روبرت الإبن مقاومة من داخل أسرة كنيدي نفسها لجملة أسباب منها تفرّده بإعلان براءة سرحان سرحان عن اغتيال والده، عام 1968، وتحديه كذلك للسرديات الرسمية بشأن والده والرئيس الأسبق جون كنيدي.

في يوم إعلانه ترشّحه بمدينة بوسطن، في 19 نيسان/إبريل الماضي، لم يلحظ وجود أي “فرد مميّز من عائلة كنيدي” من بين الحضور، أو حتى من رموز الحزب الديموقر اطي في المدينة، بل طغى طابع التمثيل الأوسع لشرائح المجتمع على الحضور من مؤيديه “مستقلين ومحافظين” سياسياً، أتى بعضهم بالطائرة من أماكن متفرقة من أميركا.

نائبة الرئيس كمالا هاريس، رغم تدنّي معدلات تأييدها إلى مستويات أقل من الرئيس بايدن نفسه، إلا أنها دخلت حلبة السباق الرئاسي كامتداد للرئيس بايدن لتبقى مرشّحة كنائب له. أما شعبيتها داخل أوساط الحزب الديموقراطي فهي متواضعة في أفضل الأحوال، وسبق أن طالب بعضهم الرئيس بايدن بإقالتها واستبدالها نتيجة تخبطها في ملفات سياسية رئيسية، منها إخفاقها في التعامل مع مسألة المهاجرين على الحدود الجنوبية مع المكسيك.

من بين الأسماء المتداولة، وإن كانت غير ناضجة بعد، تبرز عقيلة الرئيس الأسبق ميشيل أوباما، التي تتمتع بمعدلات احترام وتأييد واسعة، لكنها أعلنت عدم رغبتها دخول السباق الرئاسي، حتى اللحظة.

كذلك وزير النقل الحالي بيت بوتيجيج، بحسب وجهة نظر صحيفة “واشنطن بوست”، بتاريخ 19 شباط/فبراير 2023، والمؤيدة للبيت الأبيض، وذلك لأدائه المتقدّم في الجولة الرئاسية السابقة وفوزه بعدد أكبر من مندوبي ولاية أيوا خلال الانتخابات التمهيدية آنذاك. وسرعان ما بدّد جزءاً كبيراً من شعبيته وتأييد قيادات حزبه له نتيجة سلسلة إخفاقات ارتكبها، أشهرها بطؤه في معالجة خروج قطار عن سكته في مدينة باليستين بولاية أوهايو، وما نجم عنه من انبعاث غازات سامة نتيجة حريق.

 

مرشحو الحزب الجمهوري

لا يزال السباق وباب الترشيح في بداياته الأولى، لكن الرئيس ترامب يتصدر القائمة حتى اللحظة، وكذلك أكبر نسبة من تأييد جمهور الناخبين الجمهوريين له، بمعدل 44%، “برغم سلسلة من الفضائح التي يواجهها، منها الاعتداء على الكابيتول” في 6 كانون الثاني/يناير 2021. أما نسبة تأييده بين جمهور محافظي الحزب الجمهوري فتقارب 70% (استطلاع أجراه موقع “فايف ثيرتي إيت”، 1 أيار/مايو 2023).

حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، يأتي في المرتبة الثانية بعد الرئيس ترامب، لكن بنسبة بعيدة جدا، 20%. يلقى دعماً ملحوظاً من قيادات الحزب التقليدية، نظراً لخلافاتهم مع الرئيس ترامب، لكنه لم يستطع القفز بمعدلات تأييد أعلى من السابق. حظي دي سانتيس بنسبة تأييد 28 % من الجمهوريين مقابل 52% للرئيس ترامب، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، بتاريخ 17 آذار/2023. لكنّ أركان المؤسسة الإعلامية الكبرى تركّز هذه الأيام على مدى ارتفاع نسبة تأييده بين ناخبي ولاية فلوريدا، كما يحظى الرئيس ترامب بدعم نسبة لا يستهان بها هناك.

يتمثّل جوهر مأزق دي سانتيس الأول في مدى قابليته الذهاب لانتقاد الرئيس ترامب أمام الناخب الجمهوري، بما يتضمّنه ذلك من مخاطر عداء قسم لا بأس به، وفي الوقت نفسه المحافظة على سمعته بأهلية ترشّحه بديلاً عن الرئيس السابق.

أعلنت حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هيلي عن ترشّحها عن الحزب الجمهوري، لكن معدلات تأييد الناخبين لها بقيت أقل من 10%. الأمر الذي يشير إلى تنامي عقبات جدية أمامها مقابل الرئيس السابق ترامب ورون دي سانتيس. وربما تهيّء نفسها لمنصب “نائبة الرئيس” عن الحزب الجمهوري، كما يعتقد بعض المراقبين.

كما أعلن رجل الأعمال ذو الأصول الهندية، فيفك راماسوامي، عن ترشّحه أيضاً، مستغلاً ثغرة العداء بين رون دي سانتيس وشركة ديزني للترفيه، ومقرها ولاية فلوريدا، مستهدفاً حاكم الولاية لقفزه عن القوانين الناظمة للضرائب ومنحه الشركة إعفاءات ضريبية من قانون “قام بالمصادقة عليه نفسه”.

ينحدر فيفك من ولاية أوهايو بالغة المكانة الحسّاسة للفوز في جولة الانتخابات الرئاسية، ومن شأنه تسخير نفوذه وثروته البالغة نحو 600 مليون دولار لدعم أجندة تروق له.

وهناك بعض المرشحين الآخرين الذين تتفاوت حظوظهم بين الانسحاب مبكّراً  أو  لاحقاً لعدم تأهّلهم في الانتخابات التمهيدية للحزب، أو قبلها، منهم: حاكم ولاية آركنسا الأسبق آسا هتشيسون والمذيع لاري إلدر الآتي من ولاية كاليفورنيا إذ حاز على نسبة معتبرة من التأييد في انتخابات الولاية الاستثنائية الرامية لإقصاء حاكمها، غافين نوسم، والذي استطاع الفوز والاحتفاظ بمنصبه الراهن.

أما حظوظ الرئيس جو بايدن، عند هذا المفصل الجوهري، فيرى بعض المراقبين أن الدافع الحقيقي لإعلانه إعادة ترشحه هو من أجل الإفلات من ملاحقات قضائية، له ولنجله وبعض أفراد عائلته، مع استمرار توسّع دائرة الاتهامات له بالفساد والمحسوبية، متسلّحاً بحصانة منصبه الرئاسي من الملاحقة، ولقناعته أيضاً أن المناخ السياسي العام لا يشجّع على إعادة تجربة “مقاضاة وإقصاء” الرئيس، كما جرى مع سلفه.

الجزم بمستقبل الرئيس بايدن ليس مرئياً بعد، أو ما سيتمخض على قادة الحزب الديموقراطي لاحقاً من تصرّف حيال حالته الذهنية المقلقة، والوقوف عند مرشّح أقوى نسبياً.

أما وإن جرت الانتخابات الرئاسية وفق المعطيات الراهنة، فإن “الرئيس ترامب سيفوز إن صوّت الناخبون بناء على وضعهم المعيشي” ممثلاً بتراجع كبير في الازدهار الاجتماعي والسلم الأهلي، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، بتاريخ 1 أيار/مايو الحالي.

2023-26-04-التحليل

التحليل

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

الصراع على السودان:
محاور دولية بأدوات محلية

 

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

قرار بدء الحرب وقرار “الوقف المؤقت” لإطلاق النار أُعلنا من واشنطن، في سابقة فريدة من نوعها: اليمن في الحالة الأولى عبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 26 آذار/مارس 2015، والسودان في الحالة الثانية بلسان وزير الخارجية الأميركيتوني بلينكن في 24 نيسان / إبريل الحالي.

ثمة عوامل مشتركة تجمع قراري الحربين، لكن من المفيد الإشارة إلى أنّ “مرتزقة” عسكريين من السودان شكلوا أكبر جسم قتالي لراعِيَي الحرب في اليمن، السعودية والإمارات، بدلالة أعداد الأسرى والجرحى منهم لدى الحكومة اليمنية، واكتساب عناصرهم خبرات ميدانية سيتم توظيفها في ميادين أخرى لاحقاً.

أولئك “المرتزقة” يتبعون قيادة الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقب بـ “حميدتي”، والتي تشكّلت عام 2013. ويمكن القول إنّ “دوراً إقليمياً ما” كان يُعدّ لتلك القوات، ليس من مموّلي حرب اليمن، السعودية والإمارات، فحسب، بل من أركان الاستراتيجية الأميركية أيضاً، للسيطرة على ممرات البحر الأحمر في الدرجة الأولى وإخضاع اليمن للهيمنة الأميركية.

في الحربين، برز أيضاً الدور الفاعل “للكيان الإسرائيلي” تصاعدياً بإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارت. وفي الصراع الجاري في السودان، عرضت “تل أبيب وساطتها” باستضافة قيادة فريقي الصراع في فلسطين المحتلة (نشرة “آكسيوس” الأميركية، 24 نيسان / إبريل 2023).

وأضافت النشرة المذكورة أنّ تفاصيل الحراك “الإسرائيلي” بشأن التوسط لدى طرفي القتال في السودان تمت بتنسيق تام مع كل من إدارة الرئيس بايدن ودولة الإمارات.

من دون الخوض في تفاصيل القتال وأسباب اندلاعه بين الفريقين رغم أهميتها، يجب فحص وتحديد الطرف أو الأطراف المستفيدة مما يحدق بالسودان بعد اقتطاع جنوبه وحرمانه من ثروته النفطية، وما يتداول من جدل واهتمام دولي بشأن مستقبل إقليم دارفور في غرب السودان، نظراً إلى ثرواته المعدنية، وأبرزها الذهب، وتحديد الأطراف الإقليمية المساعدة في تفكيك السودان.

سنستثني لبرهة الدور  المنتظر من مصر وتأييدها المعلن للقوات المركزية السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، وكذلك انشغالها بترتيبات جارية لاقتسام مياه النيل العابر لكل أراضي السودان، والتركيز على سمات الاستراتيجية الأميركية، وخصوصاً عقب تأهيل “القيادة الأميركية لأفريقيا – أفريكوم” لإدارة الأزمات في القارة السمراء، من أجل سبر أغوار إعلان وزير الخارجية الأميركية عن “وقف مؤقّت لإطلاق النار لمدة 72 ساعة”، بحسب توقيت واشنطن، وليس لاعتبارات تحفظ حرمة عيد الفطر.

لماذا السودان؟

لا تخفي مراكز القوة الفعلية وصناعة القرار في الولايات المتحدة، وامتداداً في عموم الغرب، أطماعها للفوز بثروات السودان الطبيعية والباطنية، والعين دائماً على استهداف مصر دوراً وموقعاً وحضارة ونفوذاً إقليمياً.

يشكّل السودان “موقعاً استراتيجياً غنيّاً بالموارد الطبيعية”، هذا التوصيف يوجز رؤية صنّاع القرار في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى التي “تطمع كلها للفوز بقطعة منه، لأنه مرشّح للاستحواذ” والسيطرة عليه (صحيفة “نيويورك تايمز”، 22 نيسان / إبريل 2023).

هذا هو هدف الغرب المعلن باختصار شديد. أما توقيت اندلاع الصراع على السيطرة بين قادة الطرفين المواليين لأجندة واشنطن، فله بعد دولي يدخل في صلب الصراع الكوني بين الولايات المتحدة ومنافسيها في روسيا والصين، وجوهره موافقة السودان، منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، وتباعاً من البرهان وحميدتي، على إنشاء قاعدة بحرية روسية.

في هذا السياق الواسع لرقعة الصراع، نجد لاعبين آخرين من دول النفط العربية نيابة عن واشنطن، الإمارات والسعودية وقطر، قدموا، وما زالوا يقدمون، إمدادات عسكرية في الدرجة الأولى لقطبيي الصراع الحالي، البرهان وحميدتي.

أيضا، لا يجوز إغفال العامل “الإسرائيلي” في تأجيج الصراع والدخول على خط “فرض وقف إطلاق نار”. وفي الجوهر، تفكيك كيان السودان الحالي، بعد نجاح الغرب وأدواته المحلية في فسخ جنوب السودان عن باقي أراضيه.

في اللحظة الحالية، يجري تسليط الضوء في دول الغرب على “دور دولة الإمارات العربية المتحدة التي توسّع نفوذها بقوة في منطقة القرن الإفريقي”. وقد رمت أبو ظبي مبكراً إلى استغلال مساحة أراضي السودان الشاسعه “لتلبية احتياجاتها الغذائية واستمرار سبل توريدها”، أبرزها صفقة شراء أراضٍ شاسعة لحساب “الشيخ طحنون بن زايد تبلغ مساحتها 100  ألف هكتار (ما يعادل أكثر من 400 ألف دونم) وقيمتها 225 مليون دولار” (صحيفة “نيويورك تايمز”، 22 نيسان / إبريل 2023).

وفي السياق ذاته، ينبغي رؤية دخول قطر على خطّ تأجيج أزمات السودان، وخصوصاً بعد نشوب خلافات بينها وبين كل من السعودية والإمارات، وفي الخلفية إحجام الخرطوم والرئيس عمر البشير عن الاصطفاف معها ضد جيرانها. وليس من باب المصادفة تحرك السعودية والإمارات مباشرةً بعد إطاحة الرئيس البشير وإعلانهما تقديم مساعدة مالية للسودان “الجديد” قيمتها 3 مليارات دولار .

وترى أوساط النخب السياسية الأميركية أنّ الجنرال حميدتي، كما يسمّى، كدّس ثروة هائلة جراء دوره في “التنقيب عن الذهب والاتجار به وتصديره إلى أسواق دبي” في الإمارات. وقد ارتكز على ما جناه من إيداعاته في المصارف الإماراتية لإنشاء قوات شبه نظامية “تتفوق في تسليحها على الجيش السوداني الرسمي”، وتم نشر أعداد كبيرة منها في اليمن لحساب الإمارات والسعودية في قتال اليمنيين.

عند استعراض “السيناريوهات” المستقبلية للصراع الجاري، من وجهة النظر الأميركية في الدرجة الأولى، نجد أن جوهرها يصب في خانة استمرار وتيرة الصراع بين الطرفين، وضمان استمرار توريد الأسلحة المختلفة، والحيلولة دون انتصار فريق على آخر بشكل حاسم.

بعض الأختصاصيين أشاروا إلى “توريد بقايا داعش والقاعدة” من ليبيا وسوريا وبلدان أخرى باتجاه المسرح السوداني، فضلاً عن نضوج مناخات تجنيد جماعات طائفية وعرقية سودانية وتسليحها.

في المقابل، تنشط “الجهود الديبلوماسية” الغربية المطالبة بتمديد وقف إطلاق النار، والنفخ في بوق إجلاء الرعايا الأجانب، فيما يستمر التستّر على بقاء فرق “القوات الخاصة والخبراء العسكريين والأمنيين” في السودان لإدارة المعركة، والمهمة الموكلة إليهم عنوانها قطع دابر روسيا وتمدد الصين في عموم القرن الإفريقي.

نستطيع القول إنّ هدف الغرب الآني، إلى جانب تفسيخ السودان، هو السعي لمحاصرة مصر وتعطيل دورها الإقليمي، وإبقائها أسيرة أزماتها المعيشية، وحرمانها من ترجمة ثقلها ونفوذها الطبيعي في عموم المنطقة.

وفي تفاصيل مخطّط استهداف مصر، تستعرض الأوساط المالية الدولية “مصادر تمويل بناء سد كهرومائي ضخم على مجرى نهر النيل الأبيض” في دولة ما يُسمى جنوب السودان، الأمر الذي سيقلص حصة مصر من مياه النيل، وخصوصاً بعد تداعيات “سد النهضة” في إثيوبيا وحجبه كمية وفيرة من المياه.

من نافل القول أنّ ظاهر الاستراتيجية الأميركية، فيما يخص مصادر المياه، هو “تسليعها وبيعها”، بحيث تأخذ إبعاداً سياسية واقتصادية وبيئية أيضاً، نجد ترجمتها في تقليص رقعة الأراضي الزراعية في مصر تحديداً، وتقليص نصيب المواطن المصري من مياه الشرب.

بموازاة ما تقدم من التحكم في مصادر المياه، بإشراف غربي مباشر أو غير مباشر، تبرز تركيا أيضاً التي أنشأت عددا من السدود المائية، والتي تخطط لإنشاء سدود أخرى، بغية التحكم في القرار السياسي لكل من سوريا والعراق.

للأسباب المذكورة أعلاه، يبقى احتمال استمرار الصراع المسلح في السودان، وإن تباينت وتيرته بين آونة وأخرى، هو المرجّح في أولويات الاستراتيجية الأميركية، لبسط هيمنتها إقليمياً وسد الطريق أمام خصومها الدوليين، روسيا والصين، إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً.

2023-26-04-التقرير الأسبوعي

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

الصراع على السودان:
محاور دولية بأدوات محلية

 

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

قرار بدء الحرب وقرار “الوقف المؤقت” لإطلاق النار أُعلنا من واشنطن، في سابقة فريدة من نوعها: اليمن في الحالة الأولى عبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 26 آذار/مارس 2015، والسودان في الحالة الثانية بلسان وزير الخارجية الأميركيتوني بلينكن في 24 نيسان / إبريل الحالي.

ثمة عوامل مشتركة تجمع قراري الحربين، لكن من المفيد الإشارة إلى أنّ “مرتزقة” عسكريين من السودان شكلوا أكبر جسم قتالي لراعِيَي الحرب في اليمن، السعودية والإمارات، بدلالة أعداد الأسرى والجرحى منهم لدى الحكومة اليمنية، واكتساب عناصرهم خبرات ميدانية سيتم توظيفها في ميادين أخرى لاحقاً.

أولئك “المرتزقة” يتبعون قيادة الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقب بـ “حميدتي”، والتي تشكّلت عام 2013. ويمكن القول إنّ “دوراً إقليمياً ما” كان يُعدّ لتلك القوات، ليس من مموّلي حرب اليمن، السعودية والإمارات، فحسب، بل من أركان الاستراتيجية الأميركية أيضاً، للسيطرة على ممرات البحر الأحمر في الدرجة الأولى وإخضاع اليمن للهيمنة الأميركية.

في الحربين، برز أيضاً الدور الفاعل “للكيان الإسرائيلي” تصاعدياً بإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارت. وفي الصراع الجاري في السودان، عرضت “تل أبيب وساطتها” باستضافة قيادة فريقي الصراع في فلسطين المحتلة (نشرة “آكسيوس” الأميركية، 24 نيسان / إبريل 2023).

وأضافت النشرة المذكورة أنّ تفاصيل الحراك “الإسرائيلي” بشأن التوسط لدى طرفي القتال في السودان تمت بتنسيق تام مع كل من إدارة الرئيس بايدن ودولة الإمارات.

من دون الخوض في تفاصيل القتال وأسباب اندلاعه بين الفريقين رغم أهميتها، يجب فحص وتحديد الطرف أو الأطراف المستفيدة مما يحدق بالسودان بعد اقتطاع جنوبه وحرمانه من ثروته النفطية، وما يتداول من جدل واهتمام دولي بشأن مستقبل إقليم دارفور في غرب السودان، نظراً إلى ثرواته المعدنية، وأبرزها الذهب، وتحديد الأطراف الإقليمية المساعدة في تفكيك السودان.

سنستثني لبرهة الدور  المنتظر من مصر وتأييدها المعلن للقوات المركزية السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، وكذلك انشغالها بترتيبات جارية لاقتسام مياه النيل العابر لكل أراضي السودان، والتركيز على سمات الاستراتيجية الأميركية، وخصوصاً عقب تأهيل “القيادة الأميركية لأفريقيا – أفريكوم” لإدارة الأزمات في القارة السمراء، من أجل سبر أغوار إعلان وزير الخارجية الأميركية عن “وقف مؤقّت لإطلاق النار لمدة 72 ساعة”، بحسب توقيت واشنطن، وليس لاعتبارات تحفظ حرمة عيد الفطر.

لماذا السودان؟

لا تخفي مراكز القوة الفعلية وصناعة القرار في الولايات المتحدة، وامتداداً في عموم الغرب، أطماعها للفوز بثروات السودان الطبيعية والباطنية، والعين دائماً على استهداف مصر دوراً وموقعاً وحضارة ونفوذاً إقليمياً.

يشكّل السودان “موقعاً استراتيجياً غنيّاً بالموارد الطبيعية”، هذا التوصيف يوجز رؤية صنّاع القرار في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى التي “تطمع كلها للفوز بقطعة منه، لأنه مرشّح للاستحواذ” والسيطرة عليه (صحيفة “نيويورك تايمز”، 22 نيسان / إبريل 2023).

هذا هو هدف الغرب المعلن باختصار شديد. أما توقيت اندلاع الصراع على السيطرة بين قادة الطرفين المواليين لأجندة واشنطن، فله بعد دولي يدخل في صلب الصراع الكوني بين الولايات المتحدة ومنافسيها في روسيا والصين، وجوهره موافقة السودان، منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، وتباعاً من البرهان وحميدتي، على إنشاء قاعدة بحرية روسية.

في هذا السياق الواسع لرقعة الصراع، نجد لاعبين آخرين من دول النفط العربية نيابة عن واشنطن، الإمارات والسعودية وقطر، قدموا، وما زالوا يقدمون، إمدادات عسكرية في الدرجة الأولى لقطبيي الصراع الحالي، البرهان وحميدتي.

أيضا، لا يجوز إغفال العامل “الإسرائيلي” في تأجيج الصراع والدخول على خط “فرض وقف إطلاق نار”. وفي الجوهر، تفكيك كيان السودان الحالي، بعد نجاح الغرب وأدواته المحلية في فسخ جنوب السودان عن باقي أراضيه.

في اللحظة الحالية، يجري تسليط الضوء في دول الغرب على “دور دولة الإمارات العربية المتحدة التي توسّع نفوذها بقوة في منطقة القرن الإفريقي”. وقد رمت أبو ظبي مبكراً إلى استغلال مساحة أراضي السودان الشاسعه “لتلبية احتياجاتها الغذائية واستمرار سبل توريدها”، أبرزها صفقة شراء أراضٍ شاسعة لحساب “الشيخ طحنون بن زايد تبلغ مساحتها 100  ألف هكتار (ما يعادل أكثر من 400 ألف دونم) وقيمتها 225 مليون دولار” (صحيفة “نيويورك تايمز”، 22 نيسان / إبريل 2023).

وفي السياق ذاته، ينبغي رؤية دخول قطر على خطّ تأجيج أزمات السودان، وخصوصاً بعد نشوب خلافات بينها وبين كل من السعودية والإمارات، وفي الخلفية إحجام الخرطوم والرئيس عمر البشير عن الاصطفاف معها ضد جيرانها. وليس من باب المصادفة تحرك السعودية والإمارات مباشرةً بعد إطاحة الرئيس البشير وإعلانهما تقديم مساعدة مالية للسودان “الجديد” قيمتها 3 مليارات دولار .

وترى أوساط النخب السياسية الأميركية أنّ الجنرال حميدتي، كما يسمّى، كدّس ثروة هائلة جراء دوره في “التنقيب عن الذهب والاتجار به وتصديره إلى أسواق دبي” في الإمارات. وقد ارتكز على ما جناه من إيداعاته في المصارف الإماراتية لإنشاء قوات شبه نظامية “تتفوق في تسليحها على الجيش السوداني الرسمي”، وتم نشر أعداد كبيرة منها في اليمن لحساب الإمارات والسعودية في قتال اليمنيين.

عند استعراض “السيناريوهات” المستقبلية للصراع الجاري، من وجهة النظر الأميركية في الدرجة الأولى، نجد أن جوهرها يصب في خانة استمرار وتيرة الصراع بين الطرفين، وضمان استمرار توريد الأسلحة المختلفة، والحيلولة دون انتصار فريق على آخر بشكل حاسم.

بعض الأختصاصيين أشاروا إلى “توريد بقايا داعش والقاعدة” من ليبيا وسوريا وبلدان أخرى باتجاه المسرح السوداني، فضلاً عن نضوج مناخات تجنيد جماعات طائفية وعرقية سودانية وتسليحها.

في المقابل، تنشط “الجهود الديبلوماسية” الغربية المطالبة بتمديد وقف إطلاق النار، والنفخ في بوق إجلاء الرعايا الأجانب، فيما يستمر التستّر على بقاء فرق “القوات الخاصة والخبراء العسكريين والأمنيين” في السودان لإدارة المعركة، والمهمة الموكلة إليهم عنوانها قطع دابر روسيا وتمدد الصين في عموم القرن الإفريقي.

نستطيع القول إنّ هدف الغرب الآني، إلى جانب تفسيخ السودان، هو السعي لمحاصرة مصر وتعطيل دورها الإقليمي، وإبقائها أسيرة أزماتها المعيشية، وحرمانها من ترجمة ثقلها ونفوذها الطبيعي في عموم المنطقة.

وفي تفاصيل مخطّط استهداف مصر، تستعرض الأوساط المالية الدولية “مصادر تمويل بناء سد كهرومائي ضخم على مجرى نهر النيل الأبيض” في دولة ما يُسمى جنوب السودان، الأمر الذي سيقلص حصة مصر من مياه النيل، وخصوصاً بعد تداعيات “سد النهضة” في إثيوبيا وحجبه كمية وفيرة من المياه.

من نافل القول أنّ ظاهر الاستراتيجية الأميركية، فيما يخص مصادر المياه، هو “تسليعها وبيعها”، بحيث تأخذ إبعاداً سياسية واقتصادية وبيئية أيضاً، نجد ترجمتها في تقليص رقعة الأراضي الزراعية في مصر تحديداً، وتقليص نصيب المواطن المصري من مياه الشرب.

بموازاة ما تقدم من التحكم في مصادر المياه، بإشراف غربي مباشر أو غير مباشر، تبرز تركيا أيضاً التي أنشأت عددا من السدود المائية، والتي تخطط لإنشاء سدود أخرى، بغية التحكم في القرار السياسي لكل من سوريا والعراق.

للأسباب المذكورة أعلاه، يبقى احتمال استمرار الصراع المسلح في السودان، وإن تباينت وتيرته بين آونة وأخرى، هو المرجّح في أولويات الاستراتيجية الأميركية، لبسط هيمنتها إقليمياً وسد الطريق أمام خصومها الدوليين، روسيا والصين، إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً.