2023-02-03-التقرير الأسبوعي

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

عام على حرب أوكرانيا:
تقدّم المسار النووي وتوسّع نطاق الحرب

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

حلّت الذكرى الأولى للحرب في أوكرانيا بنظرة أميركية مشبّعة بالتشاؤم، واكبتها رؤى أشد قسوة وسوداوية بين حلفائها الأوروبيين على مستقبلهم، تميّزت بتصعيد مطّرد لتوسيع رقعة الحرب ورفدها بسيل متواصل من المعدّات العسكرية، فضلاً عن تخصيص عدة مليارات من الدولارات الإضافية لتعويض كلفة الحرب ودفع رواتب الطواقم العسكرية الأميركية التي يزداد تعدادها بالقرب من الحدود الروسية.

التشاؤم المقصود من آفاق المرحلة المقبلة أوضحته نشرة “أتلانتيك” الأميركية المقربة إلى قيادة حلف الأطلسي، جراء استفتاء أراء مكثّف أجرته بين النخب الفكرية والسياسية الأميركية، شملت ” كبار المؤرخين، وأختصاصيي العلوم السياسية والخبراء في التطورات الجيوسياسية والمسؤلين السابقين”، إعداداً لدخول الحرب عامها الثاني. وقد أجمعوا فيه على قتامة المستقبل المنظور والإعداد لحرب طويلة الأجل “ربما تستمر لعقد أو أكثر من الزمن” (نشرة “أتلانتيك”، 23 شباط/فبراير 2023).

تجدُد الجدل، بل صراع النخب، حول الاستراتيجية الأميركية في المرحلة الراهنة يأتي على خلفية تراجع الخيارات السابقة المتاحة  أمام صنّاع القرار في انفتاح أكبر على المجتمعات الدولية، تليه هزائم متواصلة لمغامرات الحروب الأميركية في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والصومال، ناهيك بتعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني، وصعود من ينادي بينهم بأنّ العالم اليوم “لم يعد يتقبّل الإملاءات الأميركية”، وما أنتجته من تحوّلات داخلية تحابي توجهات أقل تشدداً في العلاقات الدولية.

الثابت أنّ ذلك “الصراع” الفكري بين النخب الأميركية بين تياري التشدد والانفتاح لم يعمّر طويلاً مع اندلاع الحرب الأوكرانية. وسرعان ما انضمت غالبية الفريق المطالب بأخذ العبرة من المغامرات الحربية الأميركية في الخارج إلى النسق العام لدعم “المغامرة” الجديدة في أوكرانيا، مع بعض الاستثناءات المهمة، يتصدرهم أستاذ العلوم الاقتصادية والسياسة العامة في جامعة كولومبيا جيفري ساكس، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو جون ميرشايمر، والأستاذ الجامعي في التاريخ آندرو باسيفيتش.

يسجّل للبروفيسور جيفري ساكس اتهامه المباشر لحكومة الولايات المتحدة بتفجير خط أنابيب الغاز  الروسية إلى ألمانيا “وربما تورط بولندا معها”. واستطرد في انتقاده الثابت لتوجهات واشنطن بأن آراءه “تسير بعكس بوصلة السردية الرسمية، ولا يجوز للمرء التلفظ بتلك الاتهامات في الغرب عموماً، لكن مراسلي كبار الصحف الأميركية، الذين تواصلت معهم، أكّدوا مسؤولية الولايات المتحدة عن التفجير، بيد أن تقاريرهم الموضوعية تغيب عن التغطية الإعلامية” (مقابلة مع شبكة “بلومبيرغ”، 22 شباط/فبراير 2023).

في الشق المقابل من تحولات النخب الأميركية بشأن مواصلة تأييد أوكرانيا، يمكن تسجيل بعض الاحتجاجات داخل قيادات التيار اليميني في الحزبين، وبشكل أكثر صرامة داخل الحزب الجمهوري الذي يعرب قادته عن قلقهم من “تراجع أولويات الأجندة الأميركية أمام نزعة التصعيد العسكري ضد روسيا” (“معهد كوينسي” الليبرالي، 28 شباط/فبراير 2023).

من أبرز “الاحتجاجات” المرصودة جهود تصدّرها عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، التيار الليبرتاري المحافظ، راند بول الذي استطاع “تعطيل” موافقة المجلس على صرف “حزمة مساعدات لأوكرانيا” (إلى حين)، تبلغ قيمتها 40 مليار دولار، في شهر أيار/مايو من العام الماضي، وانضم إليه 10 أعضاء من الحزب نفسه.

وعلّل بول اعتراضه على الحزمة الضخمة بأنها “تهدّد أمننا القومي”. وقد جرى نقاشها في مجلس الشيوخ على خلفية مشهد نقص إمداد حليب الأطفال وتوفره في الأسواق الأميركية.

ووصف أحد أبرز المحللين السياسيين في شؤون أوروبا الشرقية، داليبور روهاك، الذي يتبع لفريق المحافظين الجدد، ظاهرة “بدء التصدع” في تماسك قيادة الحزب الجمهوري بأن “انشطار الحزب الجمهوري على خلفية توجهات السياسة الخارجية الأميركية كان جلياً أمام الجميع” منذئذ. وقد جسّده تصويت الكونغرس على “مساعدة” أوكرانيا بمبلغ “113 مليار دولار” العام الماضي.

تتبّع إرهاصات تيارات الحزب الجمهوري وفّر فرصة فريدة، وربما غير مسبوقة، للمهتمين بالتوقف عند خلافات حقيقية بشأن تحديد سلّم الأولويات التي ينبغي معالجتها في الحقبة الحالية، وكذلك على المدى المتوسط. بعض الرموز المعروفة تعارض من موقع “أيديولوجي” كحافز أول، مثل راند بول، ومن ثم تتبلور المعارضة على خلفية الرؤى السياسية المتعددة (“معهد كوينسي”، واشنطن، 23 شباط/فبراير 2023).

وهنا تجدر الإشارة مرة أخرى إلى جسارة بعض ممثلي الحزب في مجلسي الكونغرس في التصدي للتيار التقليدي “المتشدد”، كما يطلق عليه، وخصوصاً من قبل مجموعة ممثلين مؤيّدين للرئيس السابق دونالد ترامب وتسجيل بعض النجاحات الملموسة.

ولا يجوز التغاضي عن أهمية الجدل السياسي الحاد إبّان انتخاب رئيس مجلس النواب عن الحزب الجمهوري، كيفين مكارثي، وما قدّمه من تنازلات قاسية لكسب تأييد تلك المجموعة محدودة العدد، وما قد يرافقها من مواجهات مقبلة بين تيّارات المؤسسة الحاكمة عند طرح “حزم مساعدات جديدة لأوكرانيا” للتصويت، والتنازلات التي قد تضطر تلك القيادات العليا تقديمها إلى أقلية أثبتت حضورها وثقلها السياسي بشكل أكبر من حجمها العددي.

علاوة على ذلك، لوحظ “تبدّل” فكري في توجه أحد أبرز مراكز اليمين السياسي الفكري في الآونة الأخيرة، ممثلاً بـ “مؤسسة هاريتاج”، التي أرست معالم توجهات المستقبل، مطالبة بـ “عدم تقديم شيك مفتوح” لأوكرانيا، ومحذرة من نزعة صنّاع القرار في الحزبين إلى “تهميش مصلحة أميركا” لمصلحة أوكرانيا (بيان صحافي، “مؤسسة هاريتاج”، 10 أيار/مايو 2022).

تجدر الإشارة أيضاً إلى تراجع في حماسة المزاج الشعبي العام لتقديم دعم متواصل لأوكرانيا، يقابله انكشاف اهتراء البنى التحتية في الصمود أمام حوادث “شبه عادية” مثل اصطدام قطارات وتسببها بانبعاث غازات سامة ناجمة عن حادثة بلدة “إيست باليستاين” في ولاية أوهايو حديثاً، أودت بالثروة الحيوانية ولوّثت مياه الشرب، مع تحذير الهيئات الصحية من انتشار أمراض سرطان متعددة بين سكان المنطقة.

بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب في أوكرانيا، قام الرئيس الأميركي جو بايدن بزيارة “مفاجئة” إلى كييف، في سياق استراتيجية واشنطن الثابتة بـ “إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا”، وُصفت بتصرف رئاسي “متهوّر”، مهّدت لها نشرة مختصة بالشؤون الدولية بأن ” الأوان آن للإعداد (التخطيط) لانهيار روسيا” (نشرة “فورين بوليسي”، 7 كانون الثاني/يناير 2023).

رحلة بايدن رُتّبت على عجل، وكانت خارج سياق التواصل والتسلسل الإعلامي المعهود، وهي “المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يزور فيها رئيس أميركي منطقة اشتباك مسلّح خارج تغطية حماية عسكرية أميركية”، ما دفع بعض وسائل الإعلام الرئيسية إلى وصفها بأنها “تسلّل من واشنطن إلى كييف تحت جنح الظلام من دون ملاحظة أحد” (موقع “أم أس أن” الإلكتروني، وشبكة “إيه بي سي” للتلفزة، وموقع “ميليتاري تايمز”،  20 شباط/فبراير 2023).

زيارة عاجلة “تمت بترتيب مسبق مع السلطات الروسية”، حرصاً على سلامة شخص الرئيس، بحسب ما تسرّب من تقارير تباعاً، كانت ترمي إلى “تجسيد التزام الغرب” بدعم أوكرانيا، في ظل “تبخّر وعود المساعدة الغربية في مؤتمر ميونيخ للأمن” (نشرة “ديفينس نيوز”، 23 شباط/فبراير 2023).

المساعدات المالية والعسكرية الموعودة لأوكرانيا، اصطدمت بجدار صلب من عدم اليقين داخل أروقة مؤتمر ميونيخ، وخصوصاً بين “طواقم الأمن القومي المتعدد الجنسيات، والصحافيين أيضاً”، بحسب نشرة “ديفينس وان”، على الرغم من كلمة متلفزة وجهتها نائب الرئيس الأميركي كمالا هاريس، أعلنت فيها تعهّد بلادها “دعم أوكرانيا مهما طال الأمر”.

وازداد المطالبون بتحديد دقيق للسياسة الأميركية بشأن أوكرانيا، وخصوصاً من قيادات عسكرية معتبرة ونخب سياسية مرموقة، من بينهم رئيس هيئة الأركان الأميركية مارك ميللي، اشاروا بالمجمل إلى حالة من الجمود العسكري يرافقه تقدّم ميداني حثيث للقوات الروسية، ما يحتّم على الغرب مواجهة مباشرة للحقائق المتجددة.

وقالت النشرة العسكرية، “ديفينس وان”، نيابةً عن حضور مؤتمر ميونيخ للأمن، أن على زعماء الدول المختلفة “مخاطبة الجمهور بشأن إجماع الرؤى للمرحلة الحالية وما تواجهه أوكرانيا من حقيقة استنزاف متواصلة. وليس هناك من خيار أمام الغرب إلا دخول المعركة مباشرة ضد روسيا انطلاقاً من أوكرانيا، وتوفيره أسلحة ومعدات متطورة مدعومة بأسلحة الجو المختلفة لتلك المهمة”.

ومضت محذرة قادة حلف الناتو من حالة “التردّد اتخاذ القرار المناسب الذي ستنجم عنه إطالة أمد الحرب وازدياد ضحاياها”، وأعربت عن قناعة المجمّع العسكري والاستخباري بهزيمة أوكرانيا،  على الرغم من طمأنة رئيس هيئة الأركان، مارك ميللي، أقرانه إلى البدء بهجوم شامل في الربيع المقبل.

ووجّه الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، ديفيد بيترايوس، خطاب استغاثة إلى الغرب بالتحرك الفوري لتبني “تدريب طواقم طيارين على مقاتلات أف-16 أس”، كدليل على استنتاجه وآخرين بأن “الحرب لن تنتهي مع حلول فصل الصيف المقبل”.

وخلصت النشرة  بالقول أن ذلك السيناريو المرئي “سيخدم الرئيس بوتين حصراً، الذي باستطاعته إنهاء الحرب” اتساقاً مع اهدافه المعلنة.

لا يخفي خبراء الشؤون العسكرية أبعاد التصعيد الخطابي والعسكري الأميركي، ويقولون أنّ أحد أهدافه هو استدراج روسيا إلى استخدام سلاح نووي منخفض القدرة الإشعاعية في المعركة الدائرة، وما يترتب على ذلك من تدخل مباشر لواشنطن وحلفائها لتسديد المزيد من الضربات داخل الأراضي الروسية.

عند هذا المنعطف الخطر، أعلنت روسيا تجميد التزامها باتفاقية الحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، فيما أعربت واشنطن عن خيبة أملها من القرار الروسي، معلنة استعدادها للتفاوض مجدداً بهذا الشأن.

التكهن بدخول السلاح النووي من عدمه، في الحرب الأوكرانية ليس مسألة هيّنة، وأركانها غير متوفّرة، باستثناء الخطاب التصعيدي من واشنطن سياسياً وعسكرياً، وهي التي تتخذ من أوكرانيا والأراضي البولندية منصة انطلاق لإدامة أمد الحرب، لكن باستطاعة المرء الاستنتاج بأن البشرية برمتها مقبلة على سباق تسلح نووي يخلو من الضوابط والقيود السابقة، تواكبه سيادة فريق الحرب في صنع القرار الأميركي والتحكّم في مستقبل العالم أجمع.

2023-15-02-التحليل

التحليل

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

تفجير واشنطن لخط السيل الشمالي
يعزّز خيارات الرد الروسي بالمثل

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

لم تنعم المؤسسة الأميركية الحاكمة، بدوائرها المتعددة، السياسية والأمنية والاستخبارية والعسكرية، بهدوء من الانتقادات الشعبية، بعد سلسة تساؤلات حول أهليتها في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، بشأن تداعيات المنطاد الهوائي الصيني، حتى حاصرتها اتهامات “شبه موثّقة” بارتكابها “جريمة” تفجير خطي السيل الشمالي ناقلي الغاز الروسي إلى موانيء ألمانيا، العام الماضي، والتي عالجتها بأسلوبها الروتيني المعهود: النفي ثم النفي حتى يقدّم الطرف الآخر دلائل دامغة، تصدر عقبها “بعض” الاعتراف مغلّفاً بادعاء البراءة.

في سياق التفاصيل، نشر الصحافي الاستقصائي الشهير، سيمور هيرش، بتاريخ 8 شباط/فبراير الجاري، تقريراً مفصلاً أرفقه بوقائع وحيثيات وتفاصيل وأسماء صنّاع القرار في غرف مغلقة، ويحدّد مسؤولية اتخاذ قرار التفجير بالرئيس جو بايدن، وتأييد فريقه الأمني المصغّر برئاسة مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان؛ ومسؤولين في قيادة الأركان المشتركة؛ ومندوبين عن وكالة الاستخبارات المركزية ووزارتي الخارجية والخزانة.

قوبل التقرير بعنوان “كيف أخرجت أميركا أنبوب السيل الشمالي من الخدمة” بتجاهل منسّق من قبل وسائل الإعلام الرسمية، المقروءة والمرئية. وانفرد عدد ضئيل من بين إعلامييها في سرد الخبر والتركيز على “الطرف الآخر” الرسمي ونفيه بشدة تلك الاتهامات، على الرغم من ذكر التقرير بدقة عالية “التسلسل التاريخي والزمني وآليات التنفيذ والوحدات العسكرية” التي نفذت الهجوم.

بينما تناولت هيئة تحرير صحيفة “واشنطن تايمز”، اليمينية، النبأ باقتطاف وبالتعليق على بعض ما جاء في التقرير، وكذلك نفي البيت الأبيض بأنه “كذبة مفبركة وخرافة كاملة”، قائلة: “في ظل هذا الزمن الذي يتميّز بعدم الثقة في الحكومة، فإن تفاصيل تقرير السيد هيرش تبدو أكثر صدقاً من النفي” الرسمي (صحيفة “واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

من بين المسائل الأساسية التي أبرزها تقرير هيرش تورط القوات العسكرية النرويجية مع القوات الأميركية في “زرع وتفجير العبوات الناسفة”، بالقرب من شواطئ جزيرة برونهولم الدانماركية، واسفر عن تدمير الأنبوبين في عرض البحر، وجاء متّسقاً مع الأهداف الأميركية المعلنة متمثلة بـ “قطع علاقة ألمانيا مع روسيا وإنهاء اعتمادها اقتصادياً على توريد الغاز الروسي الرخيص”.

هذه الجزئية “البسيطة” تؤدي بالجهود الساعية لتحديد هوية الجهات الفاعلة إلى التقرّب من السؤال الكلاسيكي: من المستفيد أو المستفيدين من تلك الفعلة، برد الاعتبار لعامل الربح المادي.

وعليه، تشير البيانات الاقتصادية للفترة الزمنية المباشرة بعد التفجير إلى ارتفاع معدلات المداخيل والأرباح لصادرات الطاقة لكل من النرويج والولايات المتحدة. واستطاعت النرويج الحلول محل المورد الروسي في تصدير الغاز بنحو 40 مليار دولار سنوياً. أما الولايات المتحدة فقد ضاعفت صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية، خصوصاً بعد افتتاح ألمانيا محطتي استقبال الغاز المسال، قبل نحو شهرين، وتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأن واشنطن تبيع غازها لأوروبا بنحو 5 أضعاف السعر العالمي السابق.

تصنيف عملية التفجير، قانونياً وقضائياً، وبحسب المصادر الأمريكية، دفعت بعض النخب الأميركية إلى القول إنه “ينبغي على الشعب الأميركي مطالبة (الحكومة) تقديم أدلة بشأن ارتكاب الرئيس بايدن مغامرة في أعماق البحار ما يستدعي تفسير دولة نووية (روسيا) أن الفعل بمثابة إعلان حرب” (“واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

في الجانب الرسمي من المسؤولين الأميركيين انفرد عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، مايك لي، بانتقاد عملية التفجير، نافياً علمه وبعض زملائه بتلك الخطة. وأوضح بأنه “قلق لأنني لا أستطيع اسثناء فورياً لاحتمال قيام الولايات المتحدة بتفجير أنبوب السيل الشمالي”. وأردف قائلاً: “إن ثبت صحة (تقرير هيرش)، فنحن على أبواب معضلة كبيرة” (تعليق السيناتور على “تويتر”، 8 شباط/فبراير 2023).

ما قصده السيناتور مايك لي أن الإدارة الأميركية أخلّت بعرف التعامل السائد بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، في مسائل بالغة الحساسية، والذي يقضي بإبلاغ “مجموعة الثمانية” في الكونغرس بالخطط السرّية، والمكوّنة من: زعيمي الحزبين في كلا مجلسي الكونغرس، ورؤساء لجان الاستخبارات في المجلسين ونوابهم.

في هذا الصدد، تنبغي الإشارة إلى دراسة أعدتها “مؤسسة راند” لصالح البنتاغون ركزت فيها على استهداف روسيا عبر اتباع أفضل السبل لاستغلال مواطن ضعف “اقتصادها، وكذلك الثغرات السياسية والعسكرية”، في سياق المواجهة مع موسكو، وناشدت الإدارة الأميركية اتخاذ تدابير عاجلة من أجل “تقليص حجم صادرات (روسيا) من الغاز وإعاقة جهود توسيع طاقة الأنابيب” الناقلة له (دراسة بعنوان “توسّع روسيا: التنافس على أرضية مواتية”، أيلول/سبتمبر 2022).

أيضاً، نلفت النظر إلى “معرفة” مسبّقة للحكومة الألمانية بموعد التفجير وهوية الفاعل. إذ نشرت كبرى الصحف الألمانية “دير شبيغل” تقريراً في اليوم التالي للتفجير، 22 أيلول/سبتمبر 2022، يشير إلى تلقي الحكومة الألمانية “تحذيراً (خطياً) من وكالة الاستخبارات المركزية (الأميركية) من وقوع هجوم محتمل يستهدف أنبوب الغاز”، ونقلت الصحيفة كذلك على لسان “مسؤول رفيع” في الحكومة الألمانية يعرب فيه عن “الحنق الشديد” الذي تملّك مسؤوليها “لاستثناء مشاركتهم في تلك المعلومات”.

تفجير انبوبي الغاز يعد بمثابة “جريمة حرب” في العلاقات الدولية ونصوص القانون الدولي. القاضي اليميني الشهير والمعلق السابق في شبكة “فوكس نيوز”، أندرو بوليتانو، كان شديد الوضوح في توصيف العملية، بالقول: “من المنظار القانوني الصرف (فالعملية) تندرج تحت بند إعلان حرب ضد روسيا وضد ألمانيا. مهما تكن هوية الفاعل، وربما الاحتمال الأوحد هو الرئيس الأميركي نفسه، فقد تسبب في إلحاق الضرر بعشرات ملايين المواطنين الألمان والتسبب في ستمرار معاناتهم خلال فصل الشتاء”.

وأردف “إنه إعلان حرب لم يصادق عليه الكونغرس، وهي عملية عديمة الأخلاق بالكامل، وغير دستورية بكل ما للكلمة من معنى. وربما عملية إجرامية” (مقابلة أجراها بوليتانو مع شبكة “ذي بوست ميلينيا – The Post Millenia” الكندية، 13 شباط/فبراير 2023).

نسوق ذلك للتمهيد إلى استنتاجات توصلت إليها هيئة تحرير صحيفة “واشنطن تايمز”، في مقالها المنشور، تسلط فيه الضوء على قرار البيت الأبيض بالتخطيط لعملية التفجير وتنفيذها بسريّة عالية، من بينها: “ازدياد مداخيل الطاقة لروسيا بنسبة 28% في عام 2022، بالرغم من خسارتها لصادراتها الأوروبية”. ودقت هيئة التحرير ناقوس الخطر لدى صنّاع القرار في واشنطن بأن استهدافهم لروسيا دفعها إلى التوجّه شرقاً وتشكيلها حلف أوراسي، ما “ينذر  بتهديد هيمنة الغرب على الوضع الجيوسياسي العالمي”. واردفت “كيف يمكن اعتبار ذلك في مصلحة الولايات المتحدة؟”

وأضافت الصحيفة اليمينية أن “تحقيقاً أجرته ألمانيا لم يتوصل إلى أي دليل يثبت تورط روسيا في الكارثة”، تواكبه تصريحات الرئيس جو بايدن العلنية بأنه “إن أقدمت روسيا على تنفيذ الغزو (لأوكرانيا) لن يكون هناك خط سيل -2 الشمالي بعد الآن. وسنقوم نحن بالقضاء عليه” (صحيفة “واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

إذن، ما هي طبيعة الرد الروسي وفق الحسابات الأميركية على عملية تفجير سرّية، استمرت من 26 إلى 29 أيلول/سبتمبر 2022، من دون ترك إي دليل يحدد هوية الفاعل: معادلة عمل تخريبي تقابله أعمال تخريبية ضد أهداف أميركية منها بناها التحتية، أيضاً من دون ترك أدّلة ميدانية. ولن تسلم منشآت مصافي النفط والغاز الأميركية من رد الفعل المنظور.

كما باستطاعة روسيا إعاقة سيل الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا وتدميرها لمنع وصولها إلى الميدان. وربما، بحسب البعض، تقدم موسكو على اختراق إلكتروني لشبكات النقل الأوروبية للتأثير على جهود إيصال معدات حلف الناتو العسكرية براً إلى كييف.

أشدّ ما تخشاه واشنطن، وامتداداً حلف الناتو، تراجع صدقية سرديتها بأنها تخوض “حرباً عادلة ضد خصم أو خصوم يريدون بها السوء”، وتزعزع قناعة جمهورها بأن عليه “التمسك” بالسردية الرسمية ورفض كل ما يصدر عن الطرف الآخر.

لعل تقرير سيمور هيرش يضع لبنة سنمّار الأولى في جدار الهيمنة الغربية، والأميركية تحديداً، على وسائل الإعلام والتوعية الجماهيرية، خصوصاً في ظل توفرّ بدائل أخرى متواضعة بالمقارنة.

2023-15-02-التقرير الأسبوعي

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

تفجير واشنطن لخط السيل الشمالي
يعزّز خيارات الرد الروسي بالمثل

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

لم تنعم المؤسسة الأميركية الحاكمة، بدوائرها المتعددة، السياسية والأمنية والاستخبارية والعسكرية، بهدوء من الانتقادات الشعبية، بعد سلسة تساؤلات حول أهليتها في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، بشأن تداعيات المنطاد الهوائي الصيني، حتى حاصرتها اتهامات “شبه موثّقة” بارتكابها “جريمة” تفجير خطي السيل الشمالي ناقلي الغاز الروسي إلى موانيء ألمانيا، العام الماضي، والتي عالجتها بأسلوبها الروتيني المعهود: النفي ثم النفي حتى يقدّم الطرف الآخر دلائل دامغة، تصدر عقبها “بعض” الاعتراف مغلّفاً بادعاء البراءة.

في سياق التفاصيل، نشر الصحافي الاستقصائي الشهير، سيمور هيرش، بتاريخ 8 شباط/فبراير الجاري، تقريراً مفصلاً أرفقه بوقائع وحيثيات وتفاصيل وأسماء صنّاع القرار في غرف مغلقة، ويحدّد مسؤولية اتخاذ قرار التفجير بالرئيس جو بايدن، وتأييد فريقه الأمني المصغّر برئاسة مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان؛ ومسؤولين في قيادة الأركان المشتركة؛ ومندوبين عن وكالة الاستخبارات المركزية ووزارتي الخارجية والخزانة.

قوبل التقرير بعنوان “كيف أخرجت أميركا أنبوب السيل الشمالي من الخدمة” بتجاهل منسّق من قبل وسائل الإعلام الرسمية، المقروءة والمرئية. وانفرد عدد ضئيل من بين إعلامييها في سرد الخبر والتركيز على “الطرف الآخر” الرسمي ونفيه بشدة تلك الاتهامات، على الرغم من ذكر التقرير بدقة عالية “التسلسل التاريخي والزمني وآليات التنفيذ والوحدات العسكرية” التي نفذت الهجوم.

بينما تناولت هيئة تحرير صحيفة “واشنطن تايمز”، اليمينية، النبأ باقتطاف وبالتعليق على بعض ما جاء في التقرير، وكذلك نفي البيت الأبيض بأنه “كذبة مفبركة وخرافة كاملة”، قائلة: “في ظل هذا الزمن الذي يتميّز بعدم الثقة في الحكومة، فإن تفاصيل تقرير السيد هيرش تبدو أكثر صدقاً من النفي” الرسمي (صحيفة “واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

من بين المسائل الأساسية التي أبرزها تقرير هيرش تورط القوات العسكرية النرويجية مع القوات الأميركية في “زرع وتفجير العبوات الناسفة”، بالقرب من شواطئ جزيرة برونهولم الدانماركية، واسفر عن تدمير الأنبوبين في عرض البحر، وجاء متّسقاً مع الأهداف الأميركية المعلنة متمثلة بـ “قطع علاقة ألمانيا مع روسيا وإنهاء اعتمادها اقتصادياً على توريد الغاز الروسي الرخيص”.

هذه الجزئية “البسيطة” تؤدي بالجهود الساعية لتحديد هوية الجهات الفاعلة إلى التقرّب من السؤال الكلاسيكي: من المستفيد أو المستفيدين من تلك الفعلة، برد الاعتبار لعامل الربح المادي.

وعليه، تشير البيانات الاقتصادية للفترة الزمنية المباشرة بعد التفجير إلى ارتفاع معدلات المداخيل والأرباح لصادرات الطاقة لكل من النرويج والولايات المتحدة. واستطاعت النرويج الحلول محل المورد الروسي في تصدير الغاز بنحو 40 مليار دولار سنوياً. أما الولايات المتحدة فقد ضاعفت صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية، خصوصاً بعد افتتاح ألمانيا محطتي استقبال الغاز المسال، قبل نحو شهرين، وتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأن واشنطن تبيع غازها لأوروبا بنحو 5 أضعاف السعر العالمي السابق.

تصنيف عملية التفجير، قانونياً وقضائياً، وبحسب المصادر الأمريكية، دفعت بعض النخب الأميركية إلى القول إنه “ينبغي على الشعب الأميركي مطالبة (الحكومة) تقديم أدلة بشأن ارتكاب الرئيس بايدن مغامرة في أعماق البحار ما يستدعي تفسير دولة نووية (روسيا) أن الفعل بمثابة إعلان حرب” (“واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

في الجانب الرسمي من المسؤولين الأميركيين انفرد عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، مايك لي، بانتقاد عملية التفجير، نافياً علمه وبعض زملائه بتلك الخطة. وأوضح بأنه “قلق لأنني لا أستطيع اسثناء فورياً لاحتمال قيام الولايات المتحدة بتفجير أنبوب السيل الشمالي”. وأردف قائلاً: “إن ثبت صحة (تقرير هيرش)، فنحن على أبواب معضلة كبيرة” (تعليق السيناتور على “تويتر”، 8 شباط/فبراير 2023).

ما قصده السيناتور مايك لي أن الإدارة الأميركية أخلّت بعرف التعامل السائد بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، في مسائل بالغة الحساسية، والذي يقضي بإبلاغ “مجموعة الثمانية” في الكونغرس بالخطط السرّية، والمكوّنة من: زعيمي الحزبين في كلا مجلسي الكونغرس، ورؤساء لجان الاستخبارات في المجلسين ونوابهم.

في هذا الصدد، تنبغي الإشارة إلى دراسة أعدتها “مؤسسة راند” لصالح البنتاغون ركزت فيها على استهداف روسيا عبر اتباع أفضل السبل لاستغلال مواطن ضعف “اقتصادها، وكذلك الثغرات السياسية والعسكرية”، في سياق المواجهة مع موسكو، وناشدت الإدارة الأميركية اتخاذ تدابير عاجلة من أجل “تقليص حجم صادرات (روسيا) من الغاز وإعاقة جهود توسيع طاقة الأنابيب” الناقلة له (دراسة بعنوان “توسّع روسيا: التنافس على أرضية مواتية”، أيلول/سبتمبر 2022).

أيضاً، نلفت النظر إلى “معرفة” مسبّقة للحكومة الألمانية بموعد التفجير وهوية الفاعل. إذ نشرت كبرى الصحف الألمانية “دير شبيغل” تقريراً في اليوم التالي للتفجير، 22 أيلول/سبتمبر 2022، يشير إلى تلقي الحكومة الألمانية “تحذيراً (خطياً) من وكالة الاستخبارات المركزية (الأميركية) من وقوع هجوم محتمل يستهدف أنبوب الغاز”، ونقلت الصحيفة كذلك على لسان “مسؤول رفيع” في الحكومة الألمانية يعرب فيه عن “الحنق الشديد” الذي تملّك مسؤوليها “لاستثناء مشاركتهم في تلك المعلومات”.

تفجير انبوبي الغاز يعد بمثابة “جريمة حرب” في العلاقات الدولية ونصوص القانون الدولي. القاضي اليميني الشهير والمعلق السابق في شبكة “فوكس نيوز”، أندرو بوليتانو، كان شديد الوضوح في توصيف العملية، بالقول: “من المنظار القانوني الصرف (فالعملية) تندرج تحت بند إعلان حرب ضد روسيا وضد ألمانيا. مهما تكن هوية الفاعل، وربما الاحتمال الأوحد هو الرئيس الأميركي نفسه، فقد تسبب في إلحاق الضرر بعشرات ملايين المواطنين الألمان والتسبب في ستمرار معاناتهم خلال فصل الشتاء”.

وأردف “إنه إعلان حرب لم يصادق عليه الكونغرس، وهي عملية عديمة الأخلاق بالكامل، وغير دستورية بكل ما للكلمة من معنى. وربما عملية إجرامية” (مقابلة أجراها بوليتانو مع شبكة “ذي بوست ميلينيا – The Post Millenia” الكندية، 13 شباط/فبراير 2023).

نسوق ذلك للتمهيد إلى استنتاجات توصلت إليها هيئة تحرير صحيفة “واشنطن تايمز”، في مقالها المنشور، تسلط فيه الضوء على قرار البيت الأبيض بالتخطيط لعملية التفجير وتنفيذها بسريّة عالية، من بينها: “ازدياد مداخيل الطاقة لروسيا بنسبة 28% في عام 2022، بالرغم من خسارتها لصادراتها الأوروبية”. ودقت هيئة التحرير ناقوس الخطر لدى صنّاع القرار في واشنطن بأن استهدافهم لروسيا دفعها إلى التوجّه شرقاً وتشكيلها حلف أوراسي، ما “ينذر  بتهديد هيمنة الغرب على الوضع الجيوسياسي العالمي”. واردفت “كيف يمكن اعتبار ذلك في مصلحة الولايات المتحدة؟”

وأضافت الصحيفة اليمينية أن “تحقيقاً أجرته ألمانيا لم يتوصل إلى أي دليل يثبت تورط روسيا في الكارثة”، تواكبه تصريحات الرئيس جو بايدن العلنية بأنه “إن أقدمت روسيا على تنفيذ الغزو (لأوكرانيا) لن يكون هناك خط سيل -2 الشمالي بعد الآن. وسنقوم نحن بالقضاء عليه” (صحيفة “واشنطن تايمز”، 13 شباط/فبراير 2023).

إذن، ما هي طبيعة الرد الروسي وفق الحسابات الأميركية على عملية تفجير سرّية، استمرت من 26 إلى 29 أيلول/سبتمبر 2022، من دون ترك إي دليل يحدد هوية الفاعل: معادلة عمل تخريبي تقابله أعمال تخريبية ضد أهداف أميركية منها بناها التحتية، أيضاً من دون ترك أدّلة ميدانية. ولن تسلم منشآت مصافي النفط والغاز الأميركية من رد الفعل المنظور.

كما باستطاعة روسيا إعاقة سيل الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا وتدميرها لمنع وصولها إلى الميدان. وربما، بحسب البعض، تقدم موسكو على اختراق إلكتروني لشبكات النقل الأوروبية للتأثير على جهود إيصال معدات حلف الناتو العسكرية براً إلى كييف.

أشدّ ما تخشاه واشنطن، وامتداداً حلف الناتو، تراجع صدقية سرديتها بأنها تخوض “حرباً عادلة ضد خصم أو خصوم يريدون بها السوء”، وتزعزع قناعة جمهورها بأن عليه “التمسك” بالسردية الرسمية ورفض كل ما يصدر عن الطرف الآخر.

لعل تقرير سيمور هيرش يضع لبنة سنمّار الأولى في جدار الهيمنة الغربية، والأميركية تحديداً، على وسائل الإعلام والتوعية الجماهيرية، خصوصاً في ظل توفرّ بدائل أخرى متواضعة بالمقارنة.

Analysis 02-15-2023

ANALYSIS

Did the US destroy the Nord Stream Pipeline?

 

If this story had come from anyone else, it would have been considered a fictional plot for a Hollywood movie.  It had intrigue and action.  All it needed was a headline action star like a younger Sylvester Stallone.

The plot, in short, was that a top-secret deep-sea diving team, that was so secret that it wasn’t even part of America’s Special Forces Command, sabotaged Russia’s Nord Stream natural gas pipelines so Russia couldn’t pressure Western nations into ending support for Ukraine.

Most would have considered it pure fiction if it wasn’t for the author of the story – Seymour Hersh, the Pulitzer Prize winning investigative reporter who has revealed such stories as American war crimes in Vietnam, the secrets of Israel’s nuclear weapons program, and the Abu Ghraib prison scandal.

But this is more than a mere story about a top secret military operation.  If true, it means that the United States has carried out an act of war against Russia and by shutting off the Russian natural gas, has threatened the lives and livelihoods of the citizens of its NATO allies.

It wasn’t the secret that was planned thanks to the elderly President Biden, who gave the operation away.  A year ago, at a press conference with German Chancellor Olaf Scholz, Biden said, “If Russia invades [Ukraine]…then there will no longer be Nord Stream 2.  We will bring an end to it.”

When a reporter asked the president how he would do it, Biden responded, “I promise you we will be able to do it.

By the time Biden said that the US was well into the planning.  That had begun when the Nord Stream 2 was completed in 2021 and Russian troops were massing on the Ukraine border.   Norway was brought into the planning because they had deep sea diving experience from operating gas wells in the North Sea.  Norway is also a gas producer and could fill some of the shortage of Russian gas.

National Security Advisor Jake Sullivan formed a task force with officials from the Joint Chiefs of Staff, the CIA, the State department, and the Treasury.

It was agreed that a more vigorous action was needed because economic sanctions wouldn’t stop Putin.

Several plans were studied, but everyone agreed that secrecy was needed and the location near the Danish Island of Bornholm required the utmost secrecy.  Something like a bombing from an aircraft or destroying it with a submarine would be too obvious.

CIA Director William Burns assembled a working group to develop a plan to use deep sea divers to carry out the mission.

The team finally focused on placing shaped charges on the outside of the pipelines and then remotely detonating them weeks or months after the charges were laid.

The mines were laid during the NATO exercise BALTOPS.  The detonation would come after a sonar buoy was dropped that sent out a specific noise signal to trigger the blast.

The bombing went off when a Norwegian P8 surveillance aircraft dropped off the sonar buoy on September 26 during a routine flight.  A few hours later, three of the four pipelines were destroyed.

The US denied responsibility (and still does) and there were few who could contradict the White House.  Congress wasn’t informed and there was no briefing for the “Gang of Eight,” the heads of the intelligence committees.  The operation didn’t go through the Special Forces command.  Only a few national security people in agencies like the CIA were aware of it.  The US and Norway had covered themselves by briefing some NATO allies before the attack.

But who was really responsible is still a mystery.  Denmark and Sweden carried out investigations and determined that the blasts were a result of sabotage, but they were unable to determine which nation was guilty.

The Russians obviously had little interest in destroying their pipeline, which was the result of over a decade of work and billions of dollars.  It had also become the cornerstone of the policy to use the Nord Stream pipelines to pressure the Germans to stop supporting and sending arms to Ukraine.  The pipelines also allowed German companies to sell the additional inexpensive gas to neighboring countries.

Obviously, the one nation that could be suspected was the US.  The destruction of the pipeline helped bring Germany into line as an ally of Ukraine.  At the same time, US companies were helping to alleviate the gas shortage by shipping LNG to Europe.

 

What Happens now?

Attacking the Nord Stream pipeline is considered an act of war.  However, the US and Norway have denied the Hersh story and Russia doesn’t have any tangible proof.  Since some of Hersh’s previous investigative reports have been questioned like his story on Osama bin Laden, Russia can’t do any more than officially protest.

That, they did, even before the Hersh story came out.  Secretary of State for Political affairs Victoria Nuland said on January 26, “I am, and I think the administration is very gratified to know Nord Stream 2 is now… a hunk of metal at the bottom of the sea.”

Russian Foreign Minister Lavrov said, “This is not only the direct participation of the United States in the explosions of the Nord Stream pipelines, but Ms. Nuland has also made a confession.”

Aside from official protests, there is much that Russia can do.  The American attack on a Russian strategic asset has gone further than merely sending arms and intelligence to the Ukrainians.  Russia may decide to carry out sabotage that hurts the American infrastructure but gives them “plausible deniability.”

One logical option would be sabotaging the arms shipments.  There doesn’t have to be a dramatic act.  Russia could hack transportation networks in Europe so shipments of tanks, infantry fighting vehicles, and other supplies would be slowed down on their way to Ukraine.  Sabotage of American gas or petroleum refining facilities would also be tit-for-tat.

The biggest problem with these retaliations is that Russia and the West are slow walking into a real, not a proxy war.  The Nord Stream pipeline attack was a step further – a direct attack on a Russian asset by an American military unit.

This is more than merely sending arms.  It promises more escalations.

53 years ago, a young investigative reporter revealed an American massacre of Vietnamese during the VietNam War, which was a proxy war between the USSR and the US.

That reporter was Seymour Hersh.

It seems that the lessons of VietNam have been forgotten as American officials rush into a new war just like Lyndon Johnson and his advisors did 60 years ago.

Week of February 15, 2023

Did the US destroy the Nord Stream Pipeline?

 

If this story had come from anyone else, it would have been considered a fictional plot for a Hollywood movie.  It had intrigue and action.  All it needed was a headline action star like a younger Sylvester Stallone.

The plot, in short, was that a top-secret deep-sea diving team, that was so secret that it wasn’t even part of America’s Special Forces Command, sabotaged Russia’s Nord Stream natural gas pipelines so Russia couldn’t pressure Western nations into ending support for Ukraine.

Most would have considered it pure fiction if it wasn’t for the author of the story – Seymour Hersh, the Pulitzer Prize winning investigative reporter who has revealed such stories as American war crimes in Vietnam, the secrets of Israel’s nuclear weapons program, and the Abu Ghraib prison scandal.

But this is more than a mere story about a top secret military operation.  If true, it means that the United States has carried out an act of war against Russia and by shutting off the Russian natural gas, has threatened the lives and livelihoods of the citizens of its NATO allies.

It wasn’t the secret that was planned thanks to the elderly President Biden, who gave the operation away.  A year ago, at a press conference with German Chancellor Olaf Scholz, Biden said, “If Russia invades [Ukraine]…then there will no longer be Nord Stream 2.  We will bring an end to it.”

When a reporter asked the president how he would do it, Biden responded, “I promise you we will be able to do it.

By the time Biden said that the US was well into the planning.  That had begun when the Nord Stream 2 was completed in 2021 and Russian troops were massing on the Ukraine border.   Norway was brought into the planning because they had deep sea diving experience from operating gas wells in the North Sea.  Norway is also a gas producer and could fill some of the shortage of Russian gas.

National Security Advisor Jake Sullivan formed a task force with officials from the Joint Chiefs of Staff, the CIA, the State department, and the Treasury.

It was agreed that a more vigorous action was needed because economic sanctions wouldn’t stop Putin.

Several plans were studied, but everyone agreed that secrecy was needed and the location near the Danish Island of Bornholm required the utmost secrecy.  Something like a bombing from an aircraft or destroying it with a submarine would be too obvious.

CIA Director William Burns assembled a working group to develop a plan to use deep sea divers to carry out the mission.

The team finally focused on placing shaped charges on the outside of the pipelines and then remotely detonating them weeks or months after the charges were laid.

The mines were laid during the NATO exercise BALTOPS.  The detonation would come after a sonar buoy was dropped that sent out a specific noise signal to trigger the blast.

The bombing went off when a Norwegian P8 surveillance aircraft dropped off the sonar buoy on September 26 during a routine flight.  A few hours later, three of the four pipelines were destroyed.

The US denied responsibility (and still does) and there were few who could contradict the White House.  Congress wasn’t informed and there was no briefing for the “Gang of Eight,” the heads of the intelligence committees.  The operation didn’t go through the Special Forces command.  Only a few national security people in agencies like the CIA were aware of it.  The US and Norway had covered themselves by briefing some NATO allies before the attack.

But who was really responsible is still a mystery.  Denmark and Sweden carried out investigations and determined that the blasts were a result of sabotage, but they were unable to determine which nation was guilty.

The Russians obviously had little interest in destroying their pipeline, which was the result of over a decade of work and billions of dollars.  It had also become the cornerstone of the policy to use the Nord Stream pipelines to pressure the Germans to stop supporting and sending arms to Ukraine.  The pipelines also allowed German companies to sell the additional inexpensive gas to neighboring countries.

Obviously, the one nation that could be suspected was the US.  The destruction of the pipeline helped bring Germany into line as an ally of Ukraine.  At the same time, US companies were helping to alleviate the gas shortage by shipping LNG to Europe.

 

What Happens now?

Attacking the Nord Stream pipeline is considered an act of war.  However, the US and Norway have denied the Hersh story and Russia doesn’t have any tangible proof.  Since some of Hersh’s previous investigative reports have been questioned like his story on Osama bin Laden, Russia can’t do any more than officially protest.

That, they did, even before the Hersh story came out.  Secretary of State for Political affairs Victoria Nuland said on January 26, “I am, and I think the administration is very gratified to know Nord Stream 2 is now… a hunk of metal at the bottom of the sea.”

Russian Foreign Minister Lavrov said, “This is not only the direct participation of the United States in the explosions of the Nord Stream pipelines, but Ms. Nuland has also made a confession.”

Aside from official protests, there is much that Russia can do.  The American attack on a Russian strategic asset has gone further than merely sending arms and intelligence to the Ukrainians.  Russia may decide to carry out sabotage that hurts the American infrastructure but gives them “plausible deniability.”

One logical option would be sabotaging the arms shipments.  There doesn’t have to be a dramatic act.  Russia could hack transportation networks in Europe so shipments of tanks, infantry fighting vehicles, and other supplies would be slowed down on their way to Ukraine.  Sabotage of American gas or petroleum refining facilities would also be tit-for-tat.

The biggest problem with these retaliations is that Russia and the West are slow walking into a real, not a proxy war.  The Nord Stream pipeline attack was a step further – a direct attack on a Russian asset by an American military unit.

This is more than merely sending arms.  It promises more escalations.

53 years ago, a young investigative reporter revealed an American massacre of Vietnamese during the VietNam War, which was a proxy war between the USSR and the US.

That reporter was Seymour Hersh.

It seems that the lessons of VietNam have been forgotten as American officials rush into a new war just like Lyndon Johnson and his advisors did 60 years ago.

Analysis 02-12-2023

ANALYSIS

US Shoots down Chinese Spy balloon
Over US Airspace

 

A near weeklong drama ended on Saturday when an American F-22 fighter shot down a Chinese balloon off the coast of South Carolina with a Sidewinder missile.  The wreckage fell into shallow water about 47 feet deep which guarantees that much of the wreckage will be recovered.

Although the flight of the balloon has ended, the fallout will continue.  What will the US discover about Chinese intelligence gathering by inspecting the wreckage?  Why did the Chinese use a balloon instead of using one of its satellites?  How will China react to the American actions?

Undoubtedly China has found a new way to “tickle” American, Canadian, and North American Air Defense systems (NORAD) much like Russian bombers who fly near Alaskan and East Coast American air space.  It is less threatening than a bomber and can yield additional intelligence as it flies over the Continental United States.

There was the diplomatic dance around the event.  China said it was a civilian meteorological balloon that has strayed off course.  The American Department of Defense noted that the balloon was sitting over part of America’s ballistic missile system.

The DoD did say the balloon flight, “violated US airspace and violated international law.”  It also called the action “unacceptable.”  It also alluded to the fact that balloon’s travel was controlled and not just subject to winds.

Biden was briefed by the DoD Wednesday, at which time he ordered it to be shot down, if it posed no threat to life or property.  The Defense Department let the balloon continue its flight across the United States and shot it down as soon as it was over the ocean, but still in American airspace.

Shooting the balloon down was a bipartisan desire.  Trump was clear in how he would react.  “SHOOOT DOWN THE BALLOON,” Trump responded on his social account.

The Montana congressional delegation was even more forceful.  “I’d pull the trigger if they let me,” texted Congressman Zinke.

“It’s unacceptable to allow communist China to invade out airspace,” said Congressman Rosendale.

The biggest US diplomatic response was Secretary of State Blinken postponing his trip to China next week.

 

The Chinese Protest Too Much

One can assume that this is not a Chinese civilian weather balloon.  Projects of this size are not purely civilian in China.  The Chinese government would have a say in starting a project that would potentially fly over the US.  The balloon operators would also require a final approval before launching it.

The flight path of the balloon told us much and gave American intelligence an idea of what the Chinese wanted to know.  It evidently flew over the Aleutian Islands, over Alaska and Canada before entering the airspace of the Continental United States.

The balloon’s ability to loiter over a given place gives it abilities that a fast-moving satellite doesn’t have.

This is not a random route taken by a weather balloon that has gone off course.  It followed the Great Circle route that aircraft take to fly from the US to China.  It is also the same route that Chinese bombers would take from China to heartland America – either to attack the American nuclear ICBM missiles like those at Malmstrom Air Force Base or attack cities in the American Midwest.

The 60,000-foot altitude is like the altitude Chinese bombers would fly.

If there is metrological equipment onboard, as the Chinese claim, it would give the Chinese the weather conditions at altitudes that their bombers would fly.

But there are other possibilities.  Russia regularly flies bombers towards the US to see how quickly interceptor aircraft are launched and what radar bands are used to track their aircraft.

Of course, Russian aircraft withdrew after being challenged.  In this case, the balloon continued its route unchallenged.

Given the size of the instrument package on the Chinese balloon, it could pick up air defense radar emissions, communications from Air Force bases, frequencies used by the US, Canada, and NORAD, and tactics of intercepting aircraft.  This information would be pure gold for any nation planning an air attack on the US.  Much of this intelligence could not be gained by merely flying close to US airspace.

It could also pick up cell phone communications.

Another possibility would be to gather information that might be used in planning a hypersonic missile attack on the US. The Chinese would want additional intelligence if this was the intended route of hypersonic missiles targeting American ICBM bases.

And the balloon did fly over some US ICBM bases.

So, why didn’t the US shoot down the balloon until it had reached the Atlantic?  Obviously, the story that it could cause civilian casualties and damage was partially right.

But that wasn’t the whole story.

America wanted to capture the balloon and its equipment for intelligence purposes. The shallow depth of the Atlantic off South Carolina would make it easier to recover.  A water landing would limit damage, especially if the balloon acted as a drogue and slowed the craft as it descended.  However, it’s logical to assume that the craft has self-destruct devices in it and would be ordered to explode if there is a possibility of capture.

Although it hasn’t been mentioned much, the US was also spying on the spy balloon.

No matter its purpose, the craft was sending telemetry back to China.  Undoubtedly, the National Security Agency (and many other agencies) were capturing, storing, and studying the data being sent back to China.  Although it was likely encrypted, the NSA might have broken the code or at least knew how to make use of the telemetry.

If the NSA was spying on the craft, they would have also learned something about how China uses it communications network.  Did the balloon communicate directly with China?  Did the data go to a Chinese communications satellite first?  Was a Chinese agent on the ground the link between the balloon and China?

Of course, the Chinese could have used a top-secret code machine to encode the data, but it would be unlikely for the Chinese to risk sending top secret coding equipment unguarded over US airspace, even though it probably had a self-destruct mechanism on the machine.

 

 

Chinese Reaction to the Shooting down of its Balloon

Chinese reaction was muted until the balloon was brought down.  China’s Foreign Ministry stated its “strong dissatisfaction and protest against the US’s use of force to attack civilian unmanned airships.”

US Secretary of Defense Austin accused China of using the balloon to “surveil strategic sites in the Continental United States.”

If China continues to push the civilian nature of the flight, expect the US to bring out a piece of the craft that has no meteorological uses, but is clearly for intelligence applications.

The US could also use this incident and the reported flight of a Chinese balloon over Latin America to improve relations with its southern neighbors.

The Chinese have several options to “save face.”  One can expect China to use its claim of sovereign rights over the South China Sea to board an American civilian craft and tow it to a Chinese port.  It could also force a US civilian or military aircraft to land in China on the grounds that they had violated Chinese airspace.

Another, more dramatic move would be to attack an American spy satellite with one of its hunter killer satellites.  The excuse would be that the satellite was involved in intelligence gathering and it was involved in overflying China at the time it was shot down.  The move would be a demonstration of China’s strategic capability in space and would demonstrate American military weakness.

What would Biden do in such a case?

Although the Chinese balloon incident is over, expect China to find a way to retaliate.

 

Week of February 12, 2023

US Shoots down Chinese Spy balloon
Over US Airspace

 

A near weeklong drama ended on Saturday when an American F-22 fighter shot down a Chinese balloon off the coast of South Carolina with a Sidewinder missile.  The wreckage fell into shallow water about 47 feet deep which guarantees that much of the wreckage will be recovered.

Although the flight of the balloon has ended, the fallout will continue.  What will the US discover about Chinese intelligence gathering by inspecting the wreckage?  Why did the Chinese use a balloon instead of using one of its satellites?  How will China react to the American actions?

Undoubtedly China has found a new way to “tickle” American, Canadian, and North American Air Defense systems (NORAD) much like Russian bombers who fly near Alaskan and East Coast American air space.  It is less threatening than a bomber and can yield additional intelligence as it flies over the Continental United States.

There was the diplomatic dance around the event.  China said it was a civilian meteorological balloon that has strayed off course.  The American Department of Defense noted that the balloon was sitting over part of America’s ballistic missile system.

The DoD did say the balloon flight, “violated US airspace and violated international law.”  It also called the action “unacceptable.”  It also alluded to the fact that balloon’s travel was controlled and not just subject to winds.

Biden was briefed by the DoD Wednesday, at which time he ordered it to be shot down, if it posed no threat to life or property.  The Defense Department let the balloon continue its flight across the United States and shot it down as soon as it was over the ocean, but still in American airspace.

Shooting the balloon down was a bipartisan desire.  Trump was clear in how he would react.  “SHOOOT DOWN THE BALLOON,” Trump responded on his social account.

The Montana congressional delegation was even more forceful.  “I’d pull the trigger if they let me,” texted Congressman Zinke.

“It’s unacceptable to allow communist China to invade out airspace,” said Congressman Rosendale.

The biggest US diplomatic response was Secretary of State Blinken postponing his trip to China next week.

 

The Chinese Protest Too Much

One can assume that this is not a Chinese civilian weather balloon.  Projects of this size are not purely civilian in China.  The Chinese government would have a say in starting a project that would potentially fly over the US.  The balloon operators would also require a final approval before launching it.

The flight path of the balloon told us much and gave American intelligence an idea of what the Chinese wanted to know.  It evidently flew over the Aleutian Islands, over Alaska and Canada before entering the airspace of the Continental United States.

The balloon’s ability to loiter over a given place gives it abilities that a fast-moving satellite doesn’t have.

This is not a random route taken by a weather balloon that has gone off course.  It followed the Great Circle route that aircraft take to fly from the US to China.  It is also the same route that Chinese bombers would take from China to heartland America – either to attack the American nuclear ICBM missiles like those at Malmstrom Air Force Base or attack cities in the American Midwest.

The 60,000-foot altitude is like the altitude Chinese bombers would fly.

If there is metrological equipment onboard, as the Chinese claim, it would give the Chinese the weather conditions at altitudes that their bombers would fly.

But there are other possibilities.  Russia regularly flies bombers towards the US to see how quickly interceptor aircraft are launched and what radar bands are used to track their aircraft.

Of course, Russian aircraft withdrew after being challenged.  In this case, the balloon continued its route unchallenged.

Given the size of the instrument package on the Chinese balloon, it could pick up air defense radar emissions, communications from Air Force bases, frequencies used by the US, Canada, and NORAD, and tactics of intercepting aircraft.  This information would be pure gold for any nation planning an air attack on the US.  Much of this intelligence could not be gained by merely flying close to US airspace.

It could also pick up cell phone communications.

Another possibility would be to gather information that might be used in planning a hypersonic missile attack on the US. The Chinese would want additional intelligence if this was the intended route of hypersonic missiles targeting American ICBM bases.

And the balloon did fly over some US ICBM bases.

So, why didn’t the US shoot down the balloon until it had reached the Atlantic?  Obviously, the story that it could cause civilian casualties and damage was partially right.

But that wasn’t the whole story.

America wanted to capture the balloon and its equipment for intelligence purposes. The shallow depth of the Atlantic off South Carolina would make it easier to recover.  A water landing would limit damage, especially if the balloon acted as a drogue and slowed the craft as it descended.  However, it’s logical to assume that the craft has self-destruct devices in it and would be ordered to explode if there is a possibility of capture.

Although it hasn’t been mentioned much, the US was also spying on the spy balloon.

No matter its purpose, the craft was sending telemetry back to China.  Undoubtedly, the National Security Agency (and many other agencies) were capturing, storing, and studying the data being sent back to China.  Although it was likely encrypted, the NSA might have broken the code or at least knew how to make use of the telemetry.

If the NSA was spying on the craft, they would have also learned something about how China uses it communications network.  Did the balloon communicate directly with China?  Did the data go to a Chinese communications satellite first?  Was a Chinese agent on the ground the link between the balloon and China?

Of course, the Chinese could have used a top-secret code machine to encode the data, but it would be unlikely for the Chinese to risk sending top secret coding equipment unguarded over US airspace, even though it probably had a self-destruct mechanism on the machine.

 

 

Chinese Reaction to the Shooting down of its Balloon

Chinese reaction was muted until the balloon was brought down.  China’s Foreign Ministry stated its “strong dissatisfaction and protest against the US’s use of force to attack civilian unmanned airships.”

US Secretary of Defense Austin accused China of using the balloon to “surveil strategic sites in the Continental United States.”

If China continues to push the civilian nature of the flight, expect the US to bring out a piece of the craft that has no meteorological uses, but is clearly for intelligence applications.

The US could also use this incident and the reported flight of a Chinese balloon over Latin America to improve relations with its southern neighbors.

The Chinese have several options to “save face.”  One can expect China to use its claim of sovereign rights over the South China Sea to board an American civilian craft and tow it to a Chinese port.  It could also force a US civilian or military aircraft to land in China on the grounds that they had violated Chinese airspace.

Another, more dramatic move would be to attack an American spy satellite with one of its hunter killer satellites.  The excuse would be that the satellite was involved in intelligence gathering and it was involved in overflying China at the time it was shot down.  The move would be a demonstration of China’s strategic capability in space and would demonstrate American military weakness.

What would Biden do in such a case?

Although the Chinese balloon incident is over, expect China to find a way to retaliate.

2023-12-02-التحليل

التحليل

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

منطاد صيني تقليدي “متجوّل”
يكشف ثغرات التقنية الأميركية

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

أزمة صامتة تشكّلت بين أقطاب المؤسسة الحاكمة الأميركية، ببُعديها التقني/الاستخباري والسياسي، على خلفية تحليق منطاد هوائي للصين في عمق الأجواء الأميركية وبعض المواقع في كندا، أتاحت الفرصة لتجدد توجيه اتهامات إلى الرئيس بايدن بـ “التقصير في أداء الواجب”، والمزايدات الحزبية.

قرار الرئيس بايدن بإسقاط المنطاد الهوائي بصاروخ “سايدويندر”، يوم 4 شباط/فبراير الحالي، والذي تبلغ كلفته وحده 380،000 دولار، لم يشفِ غليل النخب السياسية والفكرية أو النبض الشعبي، بشكل عام، للتوقف عند ملابسات المنطاد. بدأت الاتهامات تأخذ منحى أعمق تدريجياً، خصوصاً بعد إقرار “رئيس قيادة القوات الشمالية – نورث كوم”، الجنرال في سلاح الجو، غلين فان هيرك، بأن المؤسسة العسكرية “فشلت في التحرّي والكشف عن منطاد تجسسي من الصين” (يومية “ميليتاري تايمز”، 7 شباط/فبراير 2023).

نظراً إلى الطبيعة السرّية للبيانات التقنية الخاصة بنظم الدفاع الجوّي الأميركي، لكن المتوفّر منها، وهو شذر ضئيل، يتيح للمرء الاطلاع على أفاقه المحدودة، إذ تنشر الولايات المتحدة نظام “الاعتراض من الأرض”، يغطي أراضيها الشاسعة، ويتكوّن من وحدتين قادرتين على تصويب 44 صاروخاً: الأولى منشورة في قاعدة “غريلي” بولاية ألاسكا، والثانية في قاعدة “فاندنبيرغ” الجوية بولاية كاليفورنيا. ويشير بعض الخبراء العسكريين إلى قصور بنيوي في ذاك النظام كونه “لا يعمل على نحو موثوق، وهناك مخططات لترميمه في المستقبل” (تقرير لمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بعنوان “نظام اعتراض من الأرض”، 26 تموز/يوليو 2021).

يعزز نظام الاعتراض من الأرض سلاح “ثاد – وهي منظومة دفاع جوي صاروخي، أرض – جو”، نطاق فعاليته يبلغ نحو 125 ميلاً، 200 كلم، ينتشر في  3 مواقع: قاعدة فورت بليس بولاية تكساس، هاوايي وجزيرة غوام. كما نشرت واشنطن تلك المنظومة في كل من كوريا الجنوبية والسعودية والإمارات. ويضيف الخبراء بالشؤون العسكرية أن “ثاد غير صالح كمنظومة دفاعية للأراضي الأميركية”، لكن باستطاعته توفير الحماية المطلوبة لمنشآت حيوية استراتيجية مثل “العاصمة الأميركية”.

أما في الأبعاد السياسية، فتزدحم التكهنات بمواكبة دخول أطياف سياسية متعددة للإدلاء بدلوها. ما يهمنا بالدرجة الأولى هو سبر أغوار الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة، والمتضمّنة في ثنايا تقارير وزارة الدفاع الدورية والسنوية، أبرزها “المراجعة الرباعية للدفاع”، التي تنجز كل 4 سنوات، تسلط فيها الجهود على مواجهة “متعددة الأوجه والأبعاد” مع روسيا والصين.

في مراجعة سريعة لأرضية التقارير “الرباعية”، بشّر البنتاغون العالم بنيّة الولايات المتحدة شن “حرب طويلة مع شركائها وحلفائها بالتزامن وفي مناطق متعددة”، ضد ما أسمته “الإرهاب الدولي”، لعام 2006. ثم “تطورت” إلى “تنافس القوى العظمى، وليس الحرب على الإرهاب”، بحسب تقرير مفصّل صدر عن المحاسب العام للبنتاغون، ديفيد نوركويست، بتاريخ 12 شباط/فبراير 2018، ممهّداً الوعي العام لتقبل تخصيص ميزانيات عالية للبنتاغون من شأنها “عكس سنوات من مسار تدهور القوات العسكرية”.

“المنافسة” الأميركية مع الصين تحديداً اتّسمت بخط بياني في اتجاهين: تحقيق الصين اختراقات أمنية متعددة، أبرزها “القبض على طائرة تجسس إلكترونية بكامل معداتها تابعة لسلاح البحرية الأميركية من طراز EP-3، تعمل لمصلحة وكالة الأمن القومي”، 1 نيسان/إبريل 2001؛ وقرصنة قاعدة بيانات “مكتب إدارة الموارد البشرية”، وسيطرتها على نحو 22 مليون سجّل تضمنت “معلومات حديثة لعدد هائل من المسؤولين الحاليين والسابقين في الأجهزة الأميركية المتعددة، وربما بيانات تخص ضباط الاستخبارات” (نشرة “تاسك آند بيربوس” – Task and Purpose المتخصصة في الشؤون العسكرية، 6 شباط/فبراير 2023).

الغموض يكتنف النشاطات التجسّسية الأميركية ضد الصين، خصوصاً في وسائل الإعلام المتعددة، لكن الثابت أنها بمجملها تستند إلى التقنية المتطورة والحرب الإلكترونية. منذ تسلم الرئيس جو بايدن مهام منصبه، مطلع عام 2021، أطلق موجه من التدابير ضد الصين، بعضها لتحييد بعض معارضيه في الحزب الجمهوري، وبعضها الآخر يصب في عمق العلاقات التجارية المعقّدة بين واشنطن وبكين.

وأطلقت الإدارة الأميركية مشروع “مراجعة الأمن”، على خلفية الجدل الواسع بشأن منصة “تيك توك” للتواصل الاجتماعي، والمملوكة للصين، وتراجع سلفه الرئيس ترامب عن اتخاذ إجراءات عقابية ضدها  في أوج حملة الانتخابات الرئاسية خشية خسارة تأييد قطاعات واسعة من الجيل الناشئ دائم الاستخدام للمنصّة. وعلّقت صحيفة  أميركية نافذة على مشروع  المراجعة الأمنية بأن “نتائجه ما زالت غير منشورة” (“واشنطن بوست”، 30 تشرين الثاني/اكتوبر 2022).

وفي هذه الأثناء تتوارد بعض التفاصيل الكاشفة عن قصور الأجهزة والمعدات الأميركية، نورد منها: رئيس “نورث كوم” المشرفة على مراقبة الأجواء الأميركية وحمايتها، غلين فان هيرك “لم نستطع الكشف عن تلك التهديدات، وذلك ثغرة معرفية في المنظومة (الحالية). وأبلغتنا الأجهزة الاستخبارية بالأمر بعد فوات الأوان”. واضاف “حلّق المنطاد على علوّ 60،000 قدم، بلغ طوله 200 قدم، وعلى متنه أجهزة استشعار ومعدات أخرى تقدّر أنها بحجم  طائرة نقل (متوسطة) زنتها تفوق 2000 رطل” (يومية “مليتاري تايمز”، 6 شباط/فبراير 2023).

مؤسسات إعلامية نافذة نقلت عن “مسؤولين أميركيين بأن منطاد الصين التجسّسي كان يحلق بمحركات لمساعدته على تقويم مساره” (“واشنطن بوست”، 4 شباط/فراير 2023).

وفي غياب المعلومات الدقيقة حول مكوّنات المنطاد، باستثناء ما يتلفظ به “مسؤولون” لم تحدد هويتهم، لم يستطع أحد كبار الخبراء، استاذ علوم الهندسة والطيران في جامعة كولورادو، إيان بويد، تأكيد تلك التصريحات، مكتفياً بالقول: “أن تم التأكد من ذلك (التحليق بمحركات)، فمعناه وجود مشغّل بشري لديه قدرة سيطرة كبيرة على مسار التحليق” (نشرة “نيكد كابتاليزم – Naked Capitalism” الإلكترونية، 5 شباط/فبراير 2023).

بعض خبراء الشأن الصيني في مراكز الأبحاث سعى للإضاءة على زاوية مختلفة من “التنافس” الصيني الأميركي، بالقول “لا تعتمد الصين على نموذج معيّن من سبل التجسّس، وهو ما يفسّر لماذا أرسلت منطاداً للتجسّس فوق الأجواء الأميركية، وفي الوقت نفسه تسخّر اساليب تجسّس أخرى ضد الحكومة الأميركية، ضمنها أقمار اصطناعية خاصة بالتجسّس” (نقلاً عن “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، مقابلة مع دين شينغ، مستشار كبير لمشروع الصين في “المعهد الأميركي للسلام”، 3 شباط/فبراير 2023).

التساؤل العام “لماذا لجأت الصين إلى التجسّس عبر منطاد هوائي” يبقى مفتوحاً، بالرغم من تأكيد بكين بأنه منطاد لدراسة الأحوال الجوية خرج عن مساره بفعل الدفع الهوائي القوي في ذلك العلوّ. ويرجّح بقوّة أن بكين رمت “إطلاق رسالة سياسية” معينة من وراء ذلك “لدغدغة” الأوساط الأميركية، وامتداداً الكندية أيضاً، بتأكيدها على قدرتها التقنية على التحكم في مسار تحليق يثبت عند نقطة معينة، ويتيح لها التقاط معلومات مفصّلة لا تستطيع الأقمار الاصطناعية القيام بها من حيث الدقة والشمولية، خصوصاً سيره فوق قاعدة “مالمستروم” الجوية في ولاية مونتانا، والتي تستضيف الفصيل الدفاعي الأميركي، الجناح 341 الصاروخي، المكلّف بتفعيل الصواريخ النووية الباليستية العابرة للقارّات.

وجاء تصريح رئيس “نورث كوم”، غلين فان هيرك، صادماً لعموم المؤسسة العسكرية والسياسية الأميركية بالقول: “تنصبّْ جهود الحكومة (الرسمية) الآن على ما يمكنها تعلّمه من قدرات هذا المنطاد التجسّسي”، بمواكبة تصريحات غاضبة لوزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بأن الصين أرادت “مراقبة مواقع استراتيجية في عموم الأراضي الأميركية”.

 

هل من رد صيني محتمل؟

نددت الصين بإسقاط المنطاد وطالبت واشنطن بأن تعيد الحطام بوصفه ملكية صينية، ويعتقد بعض المحللين أنه بمقدورها الرد بأشكال مختلفة، إن رغبت بالتصعيد، انتظاراً للحظة المناسبة . ومروحة الردود الصينية متعددة، من امكانية اسقاط قمر تجسّسي أميركي، عنما يحلّق فوق الفضاء الصيني، أو الإستيلاء المسلح على سفينة للبحرية الأميركية، عندما تدخل مياه بحر الصين الجنوبي، أو إرغام أي طائرة أميركية على الهبوط حين تدخل ما تعدّه اجواءها فوق بحر الصين أيضا.

2023-12-02-التقرير الأسبوعي

ينشر بالتعاون مع “الميادين”

منطاد صيني تقليدي “متجوّل”
يكشف ثغرات التقنية الأميركية

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

            أزمة صامتة تشكّلت بين أقطاب المؤسسة الحاكمة الأميركية، ببُعديها التقني/الاستخباري والسياسي، على خلفية تحليق منطاد هوائي للصين في عمق الأجواء الأميركية وبعض المواقع في كندا، أتاحت الفرصة لتجدد توجيه اتهامات إلى الرئيس بايدن بـ “التقصير في أداء الواجب”، والمزايدات الحزبية.

قرار الرئيس بايدن بإسقاط المنطاد الهوائي بصاروخ “سايدويندر”، يوم 4 شباط/فبراير الحالي، والذي تبلغ كلفته وحده 380،000 دولار، لم يشفِ غليل النخب السياسية والفكرية أو النبض الشعبي، بشكل عام، للتوقف عند ملابسات المنطاد. بدأت الاتهامات تأخذ منحى أعمق تدريجياً، خصوصاً بعد إقرار “رئيس قيادة القوات الشمالية – نورث كوم”، الجنرال في سلاح الجو، غلين فان هيرك، بأن المؤسسة العسكرية “فشلت في التحرّي والكشف عن منطاد تجسسي من الصين” (يومية “ميليتاري تايمز”، 7 شباط/فبراير 2023).

نظراً إلى الطبيعة السرّية للبيانات التقنية الخاصة بنظم الدفاع الجوّي الأميركي، لكن المتوفّر منها، وهو شذر ضئيل، يتيح للمرء الاطلاع على أفاقه المحدودة، إذ تنشر الولايات المتحدة نظام “الاعتراض من الأرض”، يغطي أراضيها الشاسعة، ويتكوّن من وحدتين قادرتين على تصويب 44 صاروخاً: الأولى منشورة في قاعدة “غريلي” بولاية ألاسكا، والثانية في قاعدة “فاندنبيرغ” الجوية بولاية كاليفورنيا. ويشير بعض الخبراء العسكريين إلى قصور بنيوي في ذاك النظام كونه “لا يعمل على نحو موثوق، وهناك مخططات لترميمه في المستقبل” (تقرير لمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بعنوان “نظام اعتراض من الأرض”، 26 تموز/يوليو 2021).

يعزز نظام الاعتراض من الأرض سلاح “ثاد – وهي منظومة دفاع جوي صاروخي، أرض – جو”، نطاق فعاليته يبلغ نحو 125 ميلاً، 200 كلم، ينتشر في  3 مواقع: قاعدة فورت بليس بولاية تكساس، هاوايي وجزيرة غوام. كما نشرت واشنطن تلك المنظومة في كل من كوريا الجنوبية والسعودية والإمارات. ويضيف الخبراء بالشؤون العسكرية أن “ثاد غير صالح كمنظومة دفاعية للأراضي الأميركية”، لكن باستطاعته توفير الحماية المطلوبة لمنشآت حيوية استراتيجية مثل “العاصمة الأميركية”.

أما في الأبعاد السياسية، فتزدحم التكهنات بمواكبة دخول أطياف سياسية متعددة للإدلاء بدلوها. ما يهمنا بالدرجة الأولى هو سبر أغوار الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة، والمتضمّنة في ثنايا تقارير وزارة الدفاع الدورية والسنوية، أبرزها “المراجعة الرباعية للدفاع”، التي تنجز كل 4 سنوات، تسلط فيها الجهود على مواجهة “متعددة الأوجه والأبعاد” مع روسيا والصين.

في مراجعة سريعة لأرضية التقارير “الرباعية”، بشّر البنتاغون العالم بنيّة الولايات المتحدة شن “حرب طويلة مع شركائها وحلفائها بالتزامن وفي مناطق متعددة”، ضد ما أسمته “الإرهاب الدولي”، لعام 2006. ثم “تطورت” إلى “تنافس القوى العظمى، وليس الحرب على الإرهاب”، بحسب تقرير مفصّل صدر عن المحاسب العام للبنتاغون، ديفيد نوركويست، بتاريخ 12 شباط/فبراير 2018، ممهّداً الوعي العام لتقبل تخصيص ميزانيات عالية للبنتاغون من شأنها “عكس سنوات من مسار تدهور القوات العسكرية”.

“المنافسة” الأميركية مع الصين تحديداً اتّسمت بخط بياني في اتجاهين: تحقيق الصين اختراقات أمنية متعددة، أبرزها “القبض على طائرة تجسس إلكترونية بكامل معداتها تابعة لسلاح البحرية الأميركية من طراز EP-3، تعمل لمصلحة وكالة الأمن القومي”، 1 نيسان/إبريل 2001؛ وقرصنة قاعدة بيانات “مكتب إدارة الموارد البشرية”، وسيطرتها على نحو 22 مليون سجّل تضمنت “معلومات حديثة لعدد هائل من المسؤولين الحاليين والسابقين في الأجهزة الأميركية المتعددة، وربما بيانات تخص ضباط الاستخبارات” (نشرة “تاسك آند بيربوس” – Task and Purpose المتخصصة في الشؤون العسكرية، 6 شباط/فبراير 2023).

الغموض يكتنف النشاطات التجسّسية الأميركية ضد الصين، خصوصاً في وسائل الإعلام المتعددة، لكن الثابت أنها بمجملها تستند إلى التقنية المتطورة والحرب الإلكترونية. منذ تسلم الرئيس جو بايدن مهام منصبه، مطلع عام 2021، أطلق موجه من التدابير ضد الصين، بعضها لتحييد بعض معارضيه في الحزب الجمهوري، وبعضها الآخر يصب في عمق العلاقات التجارية المعقّدة بين واشنطن وبكين.

وأطلقت الإدارة الأميركية مشروع “مراجعة الأمن”، على خلفية الجدل الواسع بشأن منصة “تيك توك” للتواصل الاجتماعي، والمملوكة للصين، وتراجع سلفه الرئيس ترامب عن اتخاذ إجراءات عقابية ضدها  في أوج حملة الانتخابات الرئاسية خشية خسارة تأييد قطاعات واسعة من الجيل الناشئ دائم الاستخدام للمنصّة. وعلّقت صحيفة  أميركية نافذة على مشروع  المراجعة الأمنية بأن “نتائجه ما زالت غير منشورة” (“واشنطن بوست”، 30 تشرين الثاني/اكتوبر 2022).

وفي هذه الأثناء تتوارد بعض التفاصيل الكاشفة عن قصور الأجهزة والمعدات الأميركية، نورد منها: رئيس “نورث كوم” المشرفة على مراقبة الأجواء الأميركية وحمايتها، غلين فان هيرك “لم نستطع الكشف عن تلك التهديدات، وذلك ثغرة معرفية في المنظومة (الحالية). وأبلغتنا الأجهزة الاستخبارية بالأمر بعد فوات الأوان”. واضاف “حلّق المنطاد على علوّ 60،000 قدم، بلغ طوله 200 قدم، وعلى متنه أجهزة استشعار ومعدات أخرى تقدّر أنها بحجم  طائرة نقل (متوسطة) زنتها تفوق 2000 رطل” (يومية “مليتاري تايمز”، 6 شباط/فبراير 2023).

مؤسسات إعلامية نافذة نقلت عن “مسؤولين أميركيين بأن منطاد الصين التجسّسي كان يحلق بمحركات لمساعدته على تقويم مساره” (“واشنطن بوست”، 4 شباط/فراير 2023).

وفي غياب المعلومات الدقيقة حول مكوّنات المنطاد، باستثناء ما يتلفظ به “مسؤولون” لم تحدد هويتهم، لم يستطع أحد كبار الخبراء، استاذ علوم الهندسة والطيران في جامعة كولورادو، إيان بويد، تأكيد تلك التصريحات، مكتفياً بالقول: “أن تم التأكد من ذلك (التحليق بمحركات)، فمعناه وجود مشغّل بشري لديه قدرة سيطرة كبيرة على مسار التحليق” (نشرة “نيكد كابتاليزم – Naked Capitalism” الإلكترونية، 5 شباط/فبراير 2023).

بعض خبراء الشأن الصيني في مراكز الأبحاث سعى للإضاءة على زاوية مختلفة من “التنافس” الصيني الأميركي، بالقول “لا تعتمد الصين على نموذج معيّن من سبل التجسّس، وهو ما يفسّر لماذا أرسلت منطاداً للتجسّس فوق الأجواء الأميركية، وفي الوقت نفسه تسخّر اساليب تجسّس أخرى ضد الحكومة الأميركية، ضمنها أقمار اصطناعية خاصة بالتجسّس” (نقلاً عن “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، مقابلة مع دين شينغ، مستشار كبير لمشروع الصين في “المعهد الأميركي للسلام”، 3 شباط/فبراير 2023).

التساؤل العام “لماذا لجأت الصين إلى التجسّس عبر منطاد هوائي” يبقى مفتوحاً، بالرغم من تأكيد بكين بأنه منطاد لدراسة الأحوال الجوية خرج عن مساره بفعل الدفع الهوائي القوي في ذلك العلوّ. ويرجّح بقوّة أن بكين رمت “إطلاق رسالة سياسية” معينة من وراء ذلك “لدغدغة” الأوساط الأميركية، وامتداداً الكندية أيضاً، بتأكيدها على قدرتها التقنية على التحكم في مسار تحليق يثبت عند نقطة معينة، ويتيح لها التقاط معلومات مفصّلة لا تستطيع الأقمار الاصطناعية القيام بها من حيث الدقة والشمولية، خصوصاً سيره فوق قاعدة “مالمستروم” الجوية في ولاية مونتانا، والتي تستضيف الفصيل الدفاعي الأميركي، الجناح 341 الصاروخي، المكلّف بتفعيل الصواريخ النووية الباليستية العابرة للقارّات.

وجاء تصريح رئيس “نورث كوم”، غلين فان هيرك، صادماً لعموم المؤسسة العسكرية والسياسية الأميركية بالقول: “تنصبّْ جهود الحكومة (الرسمية) الآن على ما يمكنها تعلّمه من قدرات هذا المنطاد التجسّسي”، بمواكبة تصريحات غاضبة لوزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بأن الصين أرادت “مراقبة مواقع استراتيجية في عموم الأراضي الأميركية”.

 

هل من رد صيني محتمل؟

نددت الصين بإسقاط المنطاد وطالبت واشنطن بأن تعيد الحطام بوصفه ملكية صينية، ويعتقد بعض المحللين أنه بمقدورها الرد بأشكال مختلفة، إن رغبت بالتصعيد، انتظاراً للحظة المناسبة . ومروحة الردود الصينية متعددة، من امكانية اسقاط قمر تجسّسي أميركي، عنما يحلّق فوق الفضاء الصيني، أو الإستيلاء المسلح على سفينة للبحرية الأميركية، عندما تدخل مياه بحر الصين الجنوبي، أو إرغام أي طائرة أميركية على الهبوط حين تدخل ما تعدّه اجواءها فوق بحر الصين أيضا.